شينكر يتوقّع “المواجهة الكبرى”

8

بقلم إيمان شمص

«أساس ميديا»

ديفيد شينكر غير متفائل حيال الوضع في لبنان. يرجّح الدبلوماسيّ الأميركيّ المتابع للسياسة الأميركيّة في الشرق الأوسط منذ عام 2002 والذي أشرف على مسارها شخصيّاً من عام 2019 إلى عام 2021 كمساعد لوزير الخارجيّة لشؤون الشرق الأدنى، استئناف الحرب مع “الحزب”. يعتبر أنّ “التفاؤل بأن تكون بيروت التالية بعد غزّة على متن قطار السلام، سابق لأوانه”.

لا يرى شينكر، في مقال له في مجلّة “ناشيونال إنترست”، في الاتّفاق على وقف إطلاق النار أيّ نجاح يُذكر. تتردّد بيروت في الوفاء بالتزامها سحب سلاح “الحزب” وتفكيك بنيته في شمال الليطاني. بينما تستهدف إسرائيل منذ بدء وقف إطلاق النار عناصر “الحزب” ومخابئ أسلحته وتضرب لبنان بشكل شبه يوميّ.

من الواضح الآن، بالنسبة لشينكر، أنّ الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية لا يخطّطان لنزع سلاح “الحزب”. لذلك في غياب أيّ تقدّم في نزع السلاح ستستأنف إسرائيل حملتها ضدّ “الحزب” بالكامل. ولن يكون هناك سلام ولا سيادة ولا إعادة إعمار للبنان بعد الحرب من دون مصادرة أسلحة “الحزب”.

يعتبر أنّ تجريد “الحزب” من سلاحه أمر محفوف بالخطر بالنسبة للجيش اللبناني وبعض المسؤولين في الحكومة، مشيراً الى تهديد الأمين العامّ لـ”الحزب” نعيم قاسم باستئناف الحرب الأهليّة اللبنانيّة إذا استمرّت الحكومة في جهودها لمصادرة أسلحة “الحزب”، وإلى ما حدث قبل شهر في تذكيرٍ دامغٍ بما تستطيع الميليشيا فعله، حين قُتل ستّة جنود من الجيش اللبناني أثناء إفراغ مستودع أسلحة لـ”الحزب” بالقرب من مدينة صور جنوب لبنان، وتبيّن أنّ الانفجار كان فخّاً.

لا تنازل عن نزع السّلاح

يرى شينكر في “تحوّل خطاب الرئيس جوزف عون خوفاً من تجدّد الحرب الأهليّة إلى الحديث عن “احتواء” أسلحة “الحزب” شمال الليطاني بدلاً من نزع سلاح “الحزب”، وقوله عندما طرح في البداية فكرة المفاوضات إنّ “الأسلحة ليست القضيّة الرئيسة، بل نيّة استخدامها هي الأهمّ”، تراجعاً مخيّباً للآمال عن تعهّده في خطاب تنصيبه بالعمل على “ضمان حقّ الدولة في احتكار السلاح”.

يرحّب شينكر بمحاولات عون استغلال المفاوضات لإنهاء الضربات العسكرية الإسرائيليّة المستمرّة على أهداف وتحقيق انسحاب كامل من الأراضي اللبنانية. إذ لطالما انخرطت إسرائيل ولبنان في محادثات غير مباشرة، بوساطة من الأمم المتّحدة والولايات المتّحدة.

في رأيه، تحمل المحادثات المباشرة “إمكان إرساء أسس علاقات طبيعيّة، إن لم تكن سلميّة، بين الجيشين المحترفين في كلا البلدين”. لكنّه لا يستغرب رفض إسرائيل لهذه المبادرة، واستهدافها مرّة أخرى أسلحة وأفراد “الحزب” في لبنان “لأنّها في عالم ما بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، لا يمكنها أن تتسامح مع وجود وكلاء إيرانيّين مسلّحين على حدودها”.

لا سيادة ولا إعمار من دون نزع السّلاح

يعتقد شينكر أنّ هناك أسباباً وجيهة لتردّد بيروت بعد مرور ما يقرب من عام على توقيع اتّفاق وقف إطلاق النار، في الوفاء بالتزامها نزع سلاح “الحزب”، “ليس أقلّها سجلّه الحافل بقتل خصومه المحلّيّين، والمخاوف من تجدّد الحرب الأهليّة”.

يؤكّد أنّه “لن يكون هناك سلام ولا سيادة ولا إعادة إعمار للبنان ما بعد الحرب من دون مصادرة أسلحة “الحزب”. يقول: “ليس عون وحده في تردّده في تحدّي “الحزب”. فخوفاً من العنف المُزعزع للاستقرار، يدعو بعض اللبنانيّين إلى نهج أكثر تدرّجاً لتشجيع الجماعة على التحوّل إلى حزب سياسيّ”.

يضيف: “مع ذلك، لا يوجد ما يُشير إلى أنّ هذا الأمر يُثير اهتمام “الحزب”. على الرغم من أنّ هذه الميليشيا هي حاليّاً في أضعف حالاتها، لكن إذا تُركت على حالها فمن شبه المؤكّد أنّها ستُعيد تشكيل نفسها. ولكن من غير المؤكّد أنّها ستُهاجم أبناء وطنها في الجيش اللبناني إذا تحرّك لمصادرة الأسلحة. إنّ قتل الأخوة لن يؤدّي إلّا إلى مزيد من تآكل مكانة “الحزب” المتراجعة”.

يوافق شينكر على ما صرّح به المبعوث الأميركي توم بارّاك أخيراً من أنّه “إذا لم تتحرّك بيروت، فسيواجه “الحزب” حتماً مواجهةً كبرى مع إسرائيل”. يقول: “للأسف، وعلى الرغم من الآمال التي تبشّر بها حكومة لبنانيّة جديدة واعدة وتراجع نفوذ “الحزب”، بارّاك مُحقّ. إسرائيل مستعدّة للتفاوض وتقديم تنازلات للبنان في طيف واسع من القضايا. تنازلت عن كلّ شيء في اتّفاق الحدود البحريّة لعام 2022، إذ وافقت على جميع مطالب بيروت تقريباً. أمّا في ما يتعلّق بنزع سلاح “الحزب”، فلن يكون هناك أيّ تنازل”.

إيمان شمص

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.