فحيلي “للشرق” يستبعد، ويتمنىّ أن يكون هناك نظام سياسي يضمن الشفافية والمساءلة

هل يخرج لبنان من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي FATF أم سيواجه خطر إدراجه على القائمة السوداء؟

7

كتبت ريتا شمعون

منذ إدراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي FATF في تشرين الأول من العام الماضي 2024، ولبنان يواجه إختبارا ماليا حيث تستعجل الحكومة مشاريع وقوانين إصلاحية أبرزها متعلق بالسرية المصرفية وقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، لكن مضمونها يحمل طابعا مختلفا لأنه في الأساس لا تتضمن الأطر الأساسية للمحاسبة والمساءلة.

ففي الوقت التي تطالب الدول المانحة لبنان بمكافحة الفساد ومنع تبييض الأموال  وتمويل الإرهاب، وإجراء إصلاحات،للخروج من اللائحة الرمادية، يدخل قرار المفوضية الأوروبية بوضع لبنان على القائمة المالية السوداء حيذ التنفيذ، ووفق الخبراء والمحللين يأتي هذا القرار بمثابة أداة ضغط جديدة على لبنان من أجل الإسراع في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة والتخلي عن سياسة المماطلة المتّبعة من قبل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2019.

من المعلوم أن لائحة الدول العالية المخاطر، حسب تصنيف الاتحاد الأوروبي، تخضع لرقابة إضافية بشأن التحويلات الواردة منها واليها، كما تخضع التعاملات المالية مع مصارفها لترتيبات خاصة، وعادة ما يتم تصنيف الدول في هذه اللائحة بحسب درجة مخاطر تبييض الأموال المرتبطة بالعمليات في كل بلد.

ولأنّ لبنان في مهب التحولات، فإنه على مفترق طرق، إما ينفذ الإصلاحات المرجوة لمكافحة الفساد وتبييض الأموال والإرهاب، ويرجع الى الخط الصحيح وإما تكملة الإنزلاق وجرّه الى القائمة السوداء وفصله نهائيا عن الدورة الإقتصادية.

في هذا الوقت يبرز مجددا هاجس إدراج  لبنان على ” القائمة السوداء” للدول المتعاونة جزئيا في مكافحة تبييض الأموال المتأتية عن الفساد، من قبل مجموعة العمل المالي الدولية ” FATF” قي هذا الإطار، يستبعد الباحث لدى كلية سليمان العليّان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت وخبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي في حديث لجريدة “الشرق” إدراج لبنان على اللائحة السوداء، مسلطا الضوء على أوجه القصور في العديد من المجالات الرئيسية التي سمحت لمجموعة العمل المالي بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية في العام 2024، مثل فشل السلطة السياسية في تحديد الإجراءات الرئيسية التي يجب على لبنان اتخاذها  بما في ذلك تعديل قوانين تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، التي يطلب الصندوق الدولي إصلاحها، بالإضافة الى عدم حلّ أزمة ” إقتصاد الكاش”.

ومن الأسباب التي استندت اليها المجموعة، يقول فحيلي، تتمثل في عدم صدور أحكام قضائبة بحق متهمين بقضايا غسل أموال، وملفات تتعلق بالتهرب الجمركي، في إشارة الى المعابر غير الشرعية ، بالإضافة الى غياب الرقابة على مصادر تمويل المنظمات غير الحكومية NGOs، والتاخير في الإستجابة لطلبات المساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المجرمين الذين لا يزالان يشكلان مصدر قلق للمجتمع الدولي.

وعن مدى التزام لبنان بالإصلاحات التي تطالب بها “FATF يرى فحيلي، أن الحكومة اليوم منخرطة في إنجاز الإصلاحات الضرورية إنطلاقا من تعيين الهيئات الرقابية مرورا بالمجلس النيابي واقراره قانون السرّية المصرفية بمفعول رجعي لعشر سنوات وهو ما يتيح رفع السرّية المصرفية لهذه المدة من الأعوام التي سبقت إصدار القانون لغايات التدقيق والرقابة، وقانون الإصلاح المصرفي وصولا الى تعيين حاكم مصرف لبنان الذي بسعى بكل الوسائل لعودة لبنان الى اللائحة الطبيعية بدءاً من إيقاف مؤسسات وشركات وجمعيات مالية غير المرخصة والتعامل معها، والتخفبف من ظاهرة ” الإقتصاد النقدي” مشيرا الى أن هذه الإجراءات لم تأت عبثا ، وحيث أن الالتزام سياسي واضح بتوصيات مجموعة العمل المالي وبتحسين القصور الاستراتيجي.

ويعود فحيلي ليشرح القائمة السوداء لدى مجموعة العمل المالي، قائلاً: القائمة السوداء الدول التي تعاني من أوجه قصور كبيرة وخطيرة في أطر مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب، وانتشار التسلح النووي، ويمكن ان تؤدي عواقب عدم معالجة أوجه القصور هذه الى قيام مجموعة العمل المالي بتصعيدها علناً، ووضع عقوبات على البلدان،  الأمر الذي يمكن أن يكون له آثار اقتصادية سلبية كبيرة على البلدان، وبحسب تقرير مجموعة العمل المالي ضمّت القائمة السوداء ” إيران وكوريا الشمالية وماينمار ” مؤكدا أن لبنان لن يدرج على القائمة السوداء ، خصوصا أن لبنان يتجه في هذه المرحلة الى السلام ولن يكون ممراً للأسلحة أو منصة لتهريب المخدرات الى اي دولة.

وحول التصنيف الأوروبي للبنان على القائمة السوداء، يؤكد فحيلي، أنه ناتج عن تقصير أو عدم تعاون لبنان بالشكل الصحيح وفقا لمتطلبات المفوضية الأوروبية على صعيد تبادل المعلومات المالية بغرض مكافحة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، موضحا أن التعاون بين لبنان والمفوضبة الأوروبية في هذا المستوى لم يكن على المستوى الذي يرضي الأوروبيين.

ويرى فحيلي، ان المشهد النقدي في لبنان ليس مثاليا، لكن هناك خطوات ملموسة يتم اتخاذها من إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية، والتخفيف من استخدام ” الكاش” أو النقد مما يبشر بتحسن تدريجي في المستقبل مؤكدا ان النظام المالي في لبنان  ليس مستقلاً عن النظام السياسي، قائلاً: لتحقيق استقرار مالي واقتصادي يجب ان يكون هناك نظام سياسي يضمن الشفافية والمساءلة في إدارة المال العام.

في هذا السياق، يقول فحيلي، أن مصرف لبنان نجح وفق ما تسمح به صلاحياته في الحدّ من توسع الإقتصاد ” الكاش” والاعتماد المتزايد على المعاملات النقدية بالسعي الى إعادة تفعيل العمل في الانشطة الإلكترونية وبطاقات الدفع في التعامل المالي ، وذلك بالتوافق مع المعايير الدولية، لافتا الى ان الهدف منها هو كما ذكرنا هو تخفيف الإعتماد على الأوراق النقدية لتسديد فواتير الإستهلاك والمصاريف التشغيلية للمؤسسات.

ويمكن هنا تعداد محطات لافتة في أطر المحاسبة  والمساءلة في هذه المرحلة في لبنان ، مثل توقيف وزراء ورفع الحصانة النيابية عن نواب وتشكيل لجان تحقيق وتوقيف أصحاب ومدراء بنوك ومحاكمة مساهمين في مصارف ، تلك الإجراءات قد تحمل في طياتها فرصا حقيقية للبنان تنعكس إيجابا على الوضع الإقتصادي والمالي.

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.