قصّة هروب بشار الأسد حسب صحيفة “نيويورك تايمز”!!
كتب عوني الكعكي:
ستبقى مسألة فرار بشار الأسد وإلى زمن طويل حديث الناس والمجتمعات. إضافة الى هروب أركان نظامه البائد، خصوصاً أنّ هناك جرائم كبيرة ارتكبت في عهده الذي امتدّ من العام 2000 إثر وفاة والده الى يوم هروبه…
كنت أتساءل منذ اندلاع الثورة عام 2011 نتيجة الأخبار التي تصلني يومياً عن الجرائم التي ارتكبها النظام بحق الشعب الذي كان يطالب سلمياً بالحرية والعدالة وبانتخابات حرّة، والسماح بقيام إعلام حرّ مرئي ومقروء ومسموع، وحرّية أحزاب، وكان النظام يرد دائماً بأنها مؤامرة بالرغم من أنّ التظاهرات ظلّت في البداية ولمدّة 4 أشهر سلمية، حتى قابلها النظام بالحديد والنار… واليوم ننشر ما جاء في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، مذكّرين بأنّ ما حلّ ببشار سيحلّ حتماً بأي ديكتاتور ومجرم وسفّاح، وهنا أركّز على أن نهاية بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء العدو ستكون وخيمة… هي قد تكون نهاية مشابهة لنهاية بشار أو قد تكون أسوأ منها.
لقد كتبت «نيويورك تايمز» بقلم إيريكا سولومون تريد، تحقيقاً عن كيفية فرار كبار مساعدي الأسد من سوريا. فجاء في التقرير:
«بينما كان نظام سوريا ينهار، كانت أنظار العالم موجهة الى رحلة هروب بشار الأسد… إضافة الى عملية فرار نفذها كبار المسؤولين في حكمه الوحشي… ضمن خطة فرار جماعية لم يلحظها أحد تقريباً. فبعد منتصف ليل 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024 بقليل، تجمّع العشرات في الظلام خارج القسم العسكري في مطار دمشق الدولي، حملوا ما استطاعوا من أمتعة، وصعدوا الى طائرة صغيرة تابعة للخطوط الجوّية السورية.
وقبل ساعة فقط، كانوا جزءاً من نخبة شكلت العمود الفقري لأحد أكثر الأنظمة وحشية في العالم. أما الآن وبعد سقوط بشار الأسد السريع، وهروبه من البلاد، أصبحوا هاربين، يسابقون الزمن مع عائلاتهم.
ومن بين هؤلاء الهاربين قحطان خليل، مدير المخابرات الجوّية السورية، المتهم بارتكاب واحدة من أكثر المجازر وحشية ودموية في الحرب الأهلية التي استمرّت 13 عاماً.
وانضم إليه علي عباس وعلي أيوب وزيرا الدفاع السابقان الخاضعان لعقوبات بسبب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
كما كان على متن الطائرة: عبدالكريم إبراهيم رئيس الأركان المتهم بالإشراف على التعذيب والعنف الجنسي ضد المدنيين.
وبحسب راكب وشاهدين آخرين تحدثوا الى صحيفة «نيويورك تايمز»، كان هؤلاء ضمن مجموعة من كبار رجالات النظام الذين غادروا في تلك الليلة.
ومع تقدّم هجوم الثوار نحو العاصمة دمشق، شكّل هروب الأسد المفاجئ من القصر الرئاسي صدمة لدائرته الداخلية، وأصبح رمزاً لسقوط نظامه المذهل.
وفي غضون ساعات، انهار جهاز القمع واختفى بالكامل. بعض أركان النظام استقلّ طائرات، وآخرون انطلقوا نحو ڤيلاتهم الساحلية ليهربوا بقوارب فاخرة، بينما هرب آخرون في مواكب سيارات فارهة، وتجاوزوا نقاط تفتيش الثوار الذين لم يتعرّفوا عليهم، وبعضهم لجأ الى السفارة الروسية التي ساعدتهم على الوصول الى موسكو الحليف الأقوى للأسد.
وعلى مدى أشهر، عمل فريق التحقيقات في «نيويورك تايمز» على جمع معلومات عن 55 مسؤولاً من كبار رجالات النظام السابقين، ضباط ومسؤولين سياسيين وعسكريين مدرجين على قوائم العقوبات الدولية، تتعلق بأدوارهم وهوياتهم بعد سقوط النظام.
وشمل التحقيق تتبّع الحسابات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي للعائلات، والبحث في العقارات المهجورة والوثائق القديمة وفواتير الهاتف وبطاقات الإئتمان.
كما أجرى الصحافيون عشرات المقابلات مع مسؤولين سابقين ومحامين سوريين ومنظمات مجتمع مدني وأجهزة أمن أوروبية.
ولا يزال مكان معظم هؤلاء مجهولاً، لكن بين الاثني عشر الذين تمّ تحديدهم تبيّـن ما يلي:
– بشار الأسد يعيش في روسيا. وقد قطع اتصاله بمعظم دائرته القديمة.
– ماهر الأسد يعيش حياة فاخرة في موسكو مع ضباط بارزين مثل جمال يونس.
– غياث دلة، يدير نشاطات تخريبية من لبنان بالتنسيق مع قادة سابقين في النظام مثل سهيل الحسن وكمال الحسن من موسكو.
– وبعضهم مثل عمرو الأرمنازي، لا يزال يعيش في منزله بدمشق بعد أن أبرم صفقات غامضة مع الحكومة الجديدة.
الكثير منهم حاصل على جوازات سفر سورية أصلية بأسماء مزيّفة مكّنتهم لاحقاً من الحصول على جوازات من دول في الكاريبي عبر برامج «الاستثمار مقابل الجنسية».
بعضهم اشترى هويّة جديدة كاملة باسم جديد وحياة جديدة ولديهم المال.
لقد بدأت عملية الهروب الجماعي مساء 7 ديسمبر 2024. وقال حرّاس قصر الرئاسة إنّ مسؤولين روسا نقلوا الأسد في موكب من ثلاث سيارات الى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية… وعندما علم بقية المساعدين بالرحلة، أصيبوا بالذّعر، وكان الثوّار قد وصلوا الى ضواحي دمشق، ولم يعد هناك وقت، فغادروا الى وزارة الدفاع في ساحة الأيوبيين، حيث انضموا الى قحطان خليل الذي رتّب طائرة «ياك 40» خاصة لنقلهم الى حميميم.
في الجانب الآخر من المدينة، كان ماهر الأسد يجهّز قراره الخاص، فقاد بنفسه سيارة نحو المطار ليلحق بطائرته الخاصة.
أما في دمشق فكان آلاف من عناصر الاستخبارات العامة ينتظرون الأوامر من مديرهم حسام لوقا الذي كان من أكثر المخلصين للأسد.
لكن في الثانية صباحاً اتصل لوقا بأحد أصدقائه قائلاً: «إنّه يحزم حقائبه». بعد ساعة اكتشف ضباطه أنه هرب بعد أن أمر بفتح خزنة المقر وأخذ منها 1.36 مليون دولار، ويعتقد أنه وصل الى روسيا.
وفي المجمّع نفسه، سرق كمال الحسن أموالاً قبل أن يُصاب في اشتباك مع الثوار أثناء فراره، لجأ بعدها الى السفارة الروسية التي هرّبته الى روسيا.
وقال مسؤولون سابقون إنّ قادة الثوار اتفقوا على غض النظر عن هروب العديد من الموالين نحو الساحل السوري، لكن لم يشمل ذلك اللواء المتقاعد بسام حسن، ورغم ذلك تمكّن من الهرب قبل أن يُكتشف أمره… ويُعتقد أنه فرّ الى لبنان ثم الى إيران بمساعدة مسؤولين إيرانيين.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.