لا تضيّعوا فرصة السلام بلعبة السلاح

14

كتب عوني الكعكي:
بتاريخ 27 تشرين الثاني عام 2024 تم الاتفاق من خلال الأميركيين على وقف إطلاق نار بين لبنان والدولة العبرية ومشاركة خمس دول وسيطة أيضاً.
بالمناسبة، لم تكن هذه هي الفرصة الأولى التي عُرضت على لبنان وفوّتها على نفسه.. لقد كانت المرّة الأولى عندما انسحبت إسرائيل ولأوّل مرّة في تاريخ الصراع بين العدو الإسرائيلي ولبنان في أيار عام 2000 بعد احتلال دام 18 عاماً. عندما انسحبت من لبنان بدون أي شرط، وكانت المرّة الأولى التي تنسحب إسرائيل من أرض عربية من دون قيد ولا شرط.
على كل حال، قامت الدنيا ولم تقعد عندما أعلن الرئيس الشهيد رفيق الحريري نيّته إرسال الجيش اللبناني الى الحدود.. وغاية المعترضين كانت منع وجود الجيش اللبناني في الجنوب لأنّ «الحزب» وإيران يريدان أن تكون الحدود مفتوحة لأي عمل عسكري تقرره إيران أو «الحزب».
المشكلة أن مشروع ولاية الفقيه، وكما أعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيطرة على أربع عواصم عربية هي: بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء. ما يعني أن المرشد لم يستحِ أن يعلن أنه يملك مشروعاً للسيطرة على العالم الإسلامي السنّي.
لذلك نقول لجماعة «الحزب»: إنّ مشروع ولاية الفقيه ليس لمحاربة إسرائيل وتحرير القدس كما يدّعي، بل مشروعه هو مشروع التشييع، أي رغبته في أن يصبح العالم الإسلامي الذي يبلغ عدده ملياراً وخمسماية ألف مواطن من أهل السنّة، أن يصبحوا شيعة يتحكم بهم «ولاية الفقيه».
لذلك، إذا كان الفلسطينيون وحزب الله يظنون أن إيران حريصة على تحرير فلسطين فلينسوا هذا الكلام لأنه غير صحيح أبداً.
على كل حال، دخل الحزب بقرار مساندة أهل غزة لأنّ القائد شهيد فلسطين السيّد حسن نصرالله يؤمن بتحرير فلسطين ولو أنه كان تابعاً لمشروع ولاية الفقيه، وذلك القرار اتخذه وحده، ولا أظن أن نظام ولاية الفقيه كان موافقاً بل كان محرجاً… لا يستطيع أن يفضح نفسه ويقول لشهيد فلسطين: لماذا دخلت الحرب لمساندة أهل غزة؟
المصيبة أنه منذ دخول الحزب مسانداً لأهل غزة عرضت إسرائيل من خلال المبعوث الأميركي آموس هوكشتين إحدى عشرة فرصة بدأت من الشهر الأول حين جاء هذا المبعوث وعرض على لبنان اتفاق وقف نار بين إسرائيل ولبنان وفق الشروط التالية:
أولاً: تنسحب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية بما فيها ليس فقط النقاط الخمسة المختلف عليها بل من 21 نقطة أخرى.
ثانياً: أن يُعاد النظر بالاتفاق البحري الذي عُقد بين لبنان وإسرائيل، لأنّ لبنان يعتقد أنه خسر مساحة كبيرة جرّاء الاتفاق المذكور.
ولكن، كما قلنا، جاء هوكشتين الى لبنان وذهب المبعوث الاميركي 11 مرّة، وفي كل مرّة كان يحمل العرض نفسه ولبنان يرفض. والرفض جاء من شهيد فلسطين القائد حسن نصرالله بالرغم من أن الرئيس نبيه بري كان في كل مرّة يجلس مع الشهيد السيّد حسن نصرالله ويحاول إقناعه.. ولكن عبثاً كان السيّد يصرّ على موقفه.
اليوم وكما قلنا، نحن أمام فرصة تاريخية لإبرام اتفاق مع إسرائيل، ويمكن أن يحافظ على ما تبقى من لبنان.. بعد جولة الدمار والاحتلال والخسائر العسكرية والبشرية التي مُني بها لبنان، ويكفي أن نكون بحاجة الى احد عشر ملياراً من أجل بناء ما تهدّم، ولا نجد أحد يعطينا دولاراً باستثناء البنك الدولي الذي لا يزال يدرس من أشهر أن يمنحنا قرضاً بقيمة 250 مليون دولار، مما يعني «لا شيء» أمام ما يحتاجه لبنان.
انطلاقاً من الواقع الحالي الذي نحن فيه نسأل: ما فائدة التمسّك بالسلاح؟ وهل يمكن للسلاح أن يساعدنا على استرجاع ما فعلته وما احتلته إسرائيل؟.
للأسف لا شيء، وحتى الدولة التي كانت تعتبر نفسها أوتقول إنها ستزيل إسرائيل عن الوجود، تبيّـن أنها لم تستطع أن تدافع عن نفسها، ويكفي أن الطيران الحربي الإسرائيلي يعربد في سماء إيران، ولا أحد يقول له: «ما أحلى الكحل في عينيك».
كفى مكابرة، وكفى كذباً على الشعب، وكفى ادعاءً بأنكم انتصرتم وأنّ نصركم كان إلهياً.
الحقيقة، أن الجمهورية الإسلامية كانت تملك أقوى رابع جيش في العالم، انهزمت أمام الدولة المسخ إسرائيل.
اتركوا لبنان.. واتركوا الشعب اللبناني يعيش، كفى ما قتلتم وكفى ما دمرتم. و «حلّوا عنا».

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.