لبنان أمام آخر الفرص: بين الانتحار أو الإنقاذ؟
بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
قاسية جدّاً هي الرسالة الدولية التي وصلت إلى لبنان، وتحديداً بعد انتهاء زيارة المبعوث الأميركي توم بارّاك. بعدما تراوحت مواقفه بين الإيجابية والسلبية، اختار في الساعات الماضية أن يحسم التحليلات اللبنانية الكثيرة وينشر على صفحته على منصّة إكس الموقف القاطع: على السلطة أن تنفّذ لا أن تصرّح فقط، وعلى اللبنانيّين أن يختاروا بين الموت أو الحياة. فهل أصبحت الحرب قدراً على اللبنانيّين ننتظرها من دون القيام بأيّ خطوة استباقية لتجنّبها؟
في مقابلته التلفزيونية على قناة الجديد، قال بارّاك إنّ أولى المهل هي بداية شهر آب. وفي معلومات “أساس” أنّ هذه المهلة مرتبطة بشكل مباشر بوضع بند حصر السلاح على طاولة مجلس الوزراء. وما موقف بارّاك الذي نشره يوم الأحد عن حاجة الذهاب إلى التنفيذ وعدم اكتفاء السلطة السياسية بالتصريحات، إلّا دليل على ذلك. ثمّ تبنّى بارّاك خطاب النائب ميشال معوّض في جلسة مساءلة الحكومة، وأهمّ ما فيه أنّ لبنان على مفترق طرق. يختار إمّا الحياة أو الموت. وبهذا يكون بارّاك قد أوضح كلّ ما هو مرتبط ليس فقط بالموقف الأميركي بل بالموقف الدولي أيضاً، بما فيه موقف المملكة العربية السعودية وأعضاء الخماسية. قالت مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ القرار قد اتّخذ بشكل صارم، إمّا أن يذهب مجلس الوزراء إلى إقرار بند السلاح أو يشهد لبنان بداية التصعيد ابتداءً من شهر آب.
كان سبب هذا الكلام مبادرة قام بها الرئيس برّي. وكانت محاولة لم تنجح بعد الرفض الدولي لها على اعتبارها “شراء الوقت”. بعد مغادرة بارّاك، حصل تواصل أميركي سعودي فرنسي لتسجيل موقف مشترك بين الدول تعليقاً على ما حاول القيام به الرئيس برّي بتقديم مقترح يقوم على وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل مقابل البدء بحصر السلاح. فكان الجواب الدولي واضحاً وصارماً برفض أيّ محاولة لبنانية لكسب الوقت.
محاولات يتيمة واستياء دوليّ من السّلطة
من بين الرسائل التي وصلت إلى لبنان أنّ استياءً دوليّاً كبيراً من كلّ أركان السلطة اللبنانية نشأ على خلفيّة تخلّفها عن القيام بما يلزم لحصر السلاح أوّلاً، وحتّى على مستوى البطء في إقرار الإصلاحات ثانياً. وهذا ما سمعه جيّداً رئيس الحكومة نوّاف سلام في لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في فرنسا. عاد سلام وأبلغ برّي بما سمعه في باريس. في هذا الوقت، كان المسؤولون الفرنسيون يقولون علناً إنّ لبنان، إن لم يذهب إلى حصر السلاح، فسيعود إلى ما قبل تشرين الأوّل، أي إلى ما قبل بداية الحرب، وكأنّ كلّ شيء سيبدأ من جديد.
داخليّاً، يشير كلّ شيء إلى أنّ السلطة تنتظر الواقعة أن تقع. “القوّات اللبنانية” والاشتراكي يحاولان أن ينشئا مبادرة لوضع السلاح على طاولة مجلس الوزراء من دون أمل كبير بتحقيق ذلك. من اليوم حتّى الأسبوع الأوّل من آب، يعيش اللبنانيون على أعصابهم بانتظار ما سيأتي وسط تخلّف السلطة عن إيجاد حلول سياسية، أكان مع المجتمع الدولي أو مع “الحزب” على حدّ سواء.
أمّا “الحزب” فاتّخذ قراره عدم التسليم بالاستسلام ما دام غائباً أيّ خيار آخر أمامه، كما يقول. فهل يأتي من يقدّم له خياراً؟
جوزفين ديب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.