لبنان ينجح بفرض “تزامن الخطوات”
بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
رغم انتقال سجال التصعيد الخارجي إلى الساحة الداخلية، إلا أنّ لبنان نجح في الامتحان الأول، وكانت المكافأة عودة المبعوث الأميركي إلى سوريا توم بارّاك ونائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس. ثمّ الثناءً على قرارات الحكومة. في المقابل سجّلت مواقف بدت وكأنّها رسائل مباشرة إلى البيئة الشيعية. إلا أنّ كل تفاصيل الزيارة تبقى معلّقة بانتظار تل أببب وطهران اللتين تملكان سبل تسهيل أو تعطيل المسار اللبناني. بارّاك وأورتاغس غادرا لبنان بعد الظهر وتوجّها إلى تل أبيب لاستكمال مسار “تزامن الخطوات”.
في الشكل، بدا وكأنّ بارّاك يسلّم المهمة لأورتاغوس التي حضرت معه في هذه الزيارة. في المضمون ستتولى أورتاغوس استكمال المهمّة التي بدأتها بإنجاز أول خطوة من إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار، وهي إطلاق خمسة أسرى لبنانيين من السجون الإسرائيلية.
في معلومات “أساس” أنّ رئيس الجمهورية جوزف عون كان واضحاً مع الوفد الأميركي بضرورة التوجّه إلى المكوّن الشيعي في لبنان، وطمأنته بأنّ الخطوات التي يسير عليها لبنان لن تكون على حسابه. وبالتالي إنّ الهواجس التي سبق وعبّر عنها “الحزب” وتبنّاها الرئيس نبيه برّي، هي هواجس يفترض معالجتها لكي لا ينتقل التصعيد من الخارج إلى الداخل.
بناء على هذا الكلام، كان لافتاً جداً تصريح بارّاك من منبر قصر بعبدا حيث قال إنّ “لا اتفاق جديداً نريده بل هو اتفاق وقف إطلاق النار”، وهذا تحديداً كان مطلباً اساسياً للحزب. ثم قال بارّاك إنّ الحكومة اللبنانية قد قامت بدورها وقامت بالخطوة الأولى، والآن على إسرائيل أن تقابل ذلك بخطوة أيضاً. وهذا أيضاً ما كانت تنصّ عليه الورقة الأولى التي ارتكزت على تبادل الخطوات وصولاً إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل وحصر السلاح بيد الدولة.هيكل: التنفيذ يحتاج إلى توافق سياسي
لا تفاصيل كثيرة عن اللقاء مع قائد الجيش رودولف هيكل. ولكن ما هو معروف في الكواليس السياسية والأمنية أنّ هيكل حريص جداً على وحدة المؤسسة العسكرية وتماسكها في الأزمات ذات الطابع السياسيّ والمذهبيّ. وبناء على هذا الحرص، كانت له ملاحظات كثيرة على المسار التصاعديّ الذي اتّخذته التطورات السياسية، ولكنّه جاهز للخطّة. هذا مع العلم أنّ قيادة الجيش تعمل على خطّة حصر السلاح منذ أشهر ولم تكن تنتظر قرارات الحكومة وهناك مسوّدات لخطط وضعت حين كان الرئيس جوزف عون قائداُ للجيش. الجديد في هذا الملف هو أنّ هيكل، بحسب المعلومات، سينجز الخطّة في حينها، وسيحيلها إلى مجلس الوزراء على قاعدة أنّها تحتاج إلى توافق سياسيّ لتطبيقها حرصاً على المؤسسة العسكرية والبلد والسلم الأهليّ. وهذا، بحسب المعلومات أيضاً، ما يوافق عليه الأميركيون بعدما ثبت أنّ تزامن الخطوات بين لبنان وإسرائيل هو الطريق الأنسب للمعالجة.
نواف سلام : للدعوة فوراً إلى مؤتمر دعم للبنان
في خضم الأزمة السياسية والتصعيد الخارجي الذي شهده لبنان، ووسط تخبط الجميع بسبب غياب الإدارة اللازمة لملف السلاح، كان رئيس الحكومة نواف سلام، من تبرع بتجرّع مسؤولية المواجهة بدفعه إلى اقرار القرارين الشهرين في جلستي الثلاثاء والخميس. أمس طلب سلام بالمقابل، أن يشعر اللبنانيون بنتيجة هذين القرارين، بدعم واضح وصريح للدولة اللبنانية لتبدأ ببناء الثقة مع اللبنانيين، وتحديداً مع المكوّن الشيعي الذي لا يزال مهجّراً من منزله. وعليه، أثنى الوفد الأميركي على مواقف سلام وشجاعته. في المقابل، طلب سلام الإسراع في دعم عقد مؤتمر دعم للبنان في الخريف المقبل، تماماً كما جرى الاتفاق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن يكون المؤتمر مدعوماً ومموّلاً من واشنطن والرياض.
الثنائي والعودة إلى المربع الأول
نجح الرئيس نبيه بري في إعادة النقاش إلى المربع الذي طالب به في اجتماعه الأخير مع باراك. وفي التفاصيل أنّ الورقة التي يعمل عليها الجيش اللبناني تقوم على تزامن الخطوات بين لبنان واسرائيل وفق خارطة طريق ستحدد في المرحلة المقبلة. مصادر مقربة من “حزب الله” تقول لـ”أساس” إنّ ما أعلنه باراك يعتبر خطوة إلى الوراء، ولكن هذا يبقى رهان المرحلة المقبلة.
في سياق كل هذا التطور، يبقى على تل أبيب وطهران، أن توافقا على هذا المسار.
جوزفين ديب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.