لقاء مارالاغو اليوم: نتنياهو ذاهب لترامب بنيّة مساومته: إيران ولبنان مقابل غزة

16

غادر رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو امس في زيارة هامة إلى الولايات المتحدة للتداول في عدة قضايا ساخنة، وفي هذا اللقاء الذي سيعقب اجتماعًا بين ترامب والرئيس الأوكراني زيلينسكي، سيتداول نتنياهو وترامب عدة قضايا تتمحور حول غزة ومستقبلها، والمرحلة الثانية من الاتفاق حولها، وإيران ولبنان وتركيا وغيرها.
ورغم التحالف الوثيق ومنظومة المصالح، تبدو زيارة نتنياهو صعبة هذه المرة لأن رياح مارالاغو لا تجري تمامًا بما تشتهيه سفن تل أبيب ونتنياهو؛ فالإدارة الأميركية متحمسة جدًا للانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق وغير متحمسة لأي تصعيد يفضي إلى حرب جديدة في المنطقة، لأنها معنية بالتمسك بما تعتبره منجزًا كبيرًا يتمثل بوقف الحرب، بخلاف حرب روسيا وأوكرانيا، وبالانتقال لصفقات أكبر تدر أرباحًا تحتاجها الخزينة الأميركية، علاوة على رغبة ترامب شخصيًا بمواصلة الظهور بصورة من ينهي الحروب وعينه على جائزة نوبل للسلام.
ولذا فإن البيت الأبيض يسعى، خلال الشهر القادم، للانتقال للمرحلة الثانية التي تعني انسحاب الاحتلال من “الخط الأصفر” وبدء إعمار غزة، فيما تخشى إسرائيل أن يتم ذلك دون الإصرار أولًا على تفكيك حماس من سلاحها، وهذا يربك إسرائيل وحكومتها، خاصة أنها دخلت سنة انتخابات وفيها عادة تختلط حسابات الخارج والداخل، لا سيما أن نتنياهو يتحدث منذ عامين عن “نصر مطلق”.
دغدغة “أنا” ترامب
نتنياهو المراوغ المجرّب والعارف بالشؤون الأميركية وبشخصية ترامب ومكوناتها النفسية، سيتحاشى الصدام معه، وبدلًا من القول “لا” من المرجح أن يقول “نعم ولكن” أو “نعم ولا”، وسط محاولة جديدة لدغدغة الأنا المتضخمة الخاصة بترامب المسكون بجنون عظمة. في هذا اللقاء الذي ستهيمن عليه قضية غزة سيحاول رئيس حكومة الاحتلال رهن الانسحاب من الخط الأصفر وبدء إعمار القطاع بتفكيك سلاح “حماس”، ويحاول إقناع الرئيس الأميركي بأن بقاء “حماس” قوية داخل القطاع شاهد ودليل على فشل الحرب ومصدر تهديد لإسرائيل وللاستقرار في المنطقة.
بيد أن نتنياهو يدرك أهمية الانتقال للمرحلة الثانية بالنسبة لترامب، ولذا سيحاول مساومته وصولًا لأكبر قدر ممكن من المكاسب والامتيازات، خاصة بما يتعلق بإيران ولبنان، على مبدأ “اطلب الكثير كي تحصل على ما تريد”.
في غزة سيحاول نتنياهو إقناع ترامب بنزع أكبر قدر ممكن من سلاح “حماس” قبل الانتقال للمرحلة الثانية، تقليص دور قطر في غزة ومنع موطئ قدم لتركيا في القطاع لاعتبارها “خطًا أحمر”، التوافق على هوية قوات الاستقرار، إضافة لموضوع جثمان الأسير الإسرائيلي الأخير.
وبشأن إيران؛ من المتوقع التباحث بما تطرحه إسرائيل في الأيام الأخيرة كتهديد كبير يتمثل بإعادة بناء منظومة صواريخ باليستية، وهناك تسريبات محلية تقول إن نتنياهو سيطلع ترامب على معلومات استخباراتية طمعًا بضوء أخضر لهجوم جديد على إيران، متى وأي أهداف وبمشاركة أميركية ربما. من المتوقع أيضًا أن يطالب نتنياهو بضوء أخضر من ترامب لحملة عسكرية أوسع في لبنان، برية أو جوية.
الرهان على خطأ من “حماس”
ويتوقع عدد كبير من المراقبين الإسرائيليين أن تكون هذه الزيارة صعبة بالنسبة لنتنياهو رغم العلاقات الثنائية التحالفية والصداقة الوثيقة مع ترامب بسبب تعارض مصالح الطرفين بما يتعلق بغزة والمنطقة.
ويرى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل أن هذه الزيارة لا تنذر بالضرورة بنزاع بين نتنياهو وترامب، مسوغًا ذلك بالإشارة إلى حاجة الاثنين للتعاون: ترامب يريد نتنياهو من أجل التقدم للمرحلة الثانية، مكسبه الأكبر في الشرق الأوسط. ويرجح أن الضيف (نتنياهو) لن يسمح لنفسه بالصدام مع المضيف (ترامب)، وأنه من الصعب رؤية نتنياهو ينجح بإقناع ترامب بعدم التقدم للمرحلة الثانية حتى بثمن بقاء “حماس” غربي الخط الأصفر.
في المقابل؛ يرى هارئيل أنه من المعقول أن يفضل نتنياهو مشاهدة الانتقال للمرحلة الثانية يفشل لأسباب أخرى، قاصدًا بذلك أن نتنياهو ربما يراهن على ارتكاب “حماس” خطأ يصب الماء على طاحونته، ويضيف: “بكل الأحوال سيحاول نتنياهو تخليص تنازلات من ترامب مقابل الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق حول غزة”.
وضمن القراءات الإسرائيلية يرى المؤرخ والكاتب الإسرائيلي، السفير السابق في واشنطن مايكل أورن، أن نتنياهو سيحاول الحصول على ضوء أخضر لمهاجمة إيران مستقبلًا، معتبرًا أن ذلك ليس سهلًا، خاصة أن هذه الإدارة الأميركية بشكل عام تريد “أمريكا أولًا” ولا تريد التدخل والتورط في أزمات العالم. ويضيف: “ربما يسمح ترامب لإسرائيل بهجمة ضد إيران لكن دون مشاركة أميركية هذه المرة”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.