ماذا تستطيع المقاومة أن تفعل؟؟؟!!!
كتب عوني الكعكي:
المقاومة نشأت عام 1983، أي بعد الاحتلال الإسرائيلي للبنان الذي بدأ في 5 حزيران عام 1982.. أما العملية العسكرية التي قامت بها إسرائيل فكانت عملية اجتياح كامل، بدءاً من الجنوب اللبناني حتى وصلت الى مشارف مدينة بيروت.
بيروت العصية بقيت تقاوم 100 يوم، حيث كانت الطائرات الإسرائيلية من طراز F-14 وF-15 ترمي بحممها الجهنمية ليلاً ونهاراً على العاصمة.
وللعلم فقط، فإنّ القنابل التي سقطت على بيروت من الجوّ والبحر، إذ كانت البوارج الإسرائيلية قبالة شواطئ بيروت تمطر العاصمة حمماً من القنابل. أما الدبابات فقد كانت تقصف من بعبدا، من أمام القصر الجمهوري… ويُقال إنّ عدد القنابل التي سقطت على بيروت كانت أكثر من عدد القنابل التي سقطت على برلين في الحرب العالمية الثانية.
هذه المقدمة كانت ضرورية لتذكير العالم بالبداية، والأهم أنّ اللبنانيين تحوّلوا الى مقاومة شعبية في كل لبنان، تقاوم العدو الإسرائيلي، أعني هنا أنّ ابن بيروت قاوم كما قاوم ابن الجنوب… وطالما نحن نتحدث عن المقاومة، فلا بدّ من التذكير بأنّ القوات الإسرائيلية التي دخلت مع «القوات اللبنانية» الى بيروت بعد اغتيال بشير الجميّل ومجازر صبرا وشاتيلا ارتكبتها «القوات اللبنانية» بمساعدة آرييل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي يومذاك.
لم تبقَ القوات الإسرائيلية في بيروت أكثر من 3 أيام، انسحبت بعد اغتيال 3 ضباط إسرائيليين في شارع الحمراء في مقهى «الويمبي»، حيث جاء البطل خالد علوان ودخل «الويمبي» وشهر مسدّسه وقتل الضباط الثلاثة.
إثر ذلك الحادث بدأت إسرائيل بالانسحاب بداية من بيروت.
وفي هذا الجوّ نشأت المقاومة التي أسّست على رفض كل اللبنانيين للاحتلال الإسرائيلي ولأي قطعة من أرض لبنان.
وللتاريخ أقول: كانت إيران الدولة الأولى التي أنشأت حزب الله وبدأت تسليحه وتمويله… والحقيقة أنّ المعلومات تشير الى أن كلفة تمويل الحزب منذ عام 1983 بلغت ملياري دولار أميركي: ملياراً للرواتب والمصاريف، وملياراً لشراء الأسلحة.
ومنذ البداية بدأت المقاومة تتقدّم يومياً… وتقوم بعمليات بطولية، وتجبر جيش العدو الإسرائيلي على الانسحاب خطوة خطوة وضيعة ضيعة حتى أعلنت انسحابها في 25 أيار (مايو) عام 2000 دون أي قيد أو شرط، وهذه هي المرّة الأولى في تاريخ إسرائيل التي تنسحب فيها الدولة العبرية من دون شروط.
أما المقاومة، فبدل أن تفرح بانتصارها التاريخي على إسرائيل، دخلت وللأسف الى الحكم بحجج غير مقنعة منها: «مسمار جحا»، تلال كفرشوبا وشبعا. بالتأكيد كان القرار قراراً سورياً وإيرانياً.
سوريا: لأنّ سوريا تريد أن تُبقي الجبهة اللبنانية مركز بريد للرسائل مع إسرائيل، فكلما أرادت شيئاً أرسلت صاروخاً على إسرائيل.
أما إيران فكانت تريد السيطرة على 4 عواصم عربية: دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء. كما أعلن آية الله خامنئي وغيره من قادة الإيرانيين أي «الملالي».
وهكذا تحوّلت المقاومة عن مسارها الطبيعي، وأرادت أن تتحوّل الى دولة فدخلت الى المجلس النيابي ومن ثم الى الحكومة… وتحوّلت الى الحاكم الفعلي في لبنان. فلا تتشكّل حكومة أو لا يكلّف رئيساً للحكومة ولا ينتخب رئيساً للجمهورية إلاّ إذا وافقت المقاومة وهذا معروف للجميع.
وبحجة تحرير الأسرى أقدمت المقاومة على خطف جنديين إسرائيليين.. مما جرّ لبنان الى حرب مع إسرائيل، تكبّد لبنان خلالها 7000 قتيل وجريح من الجيش ومن الشعب اللبناني والمقاومة، بالإضافة الى 15 مليار دولار خسائر مالية في البنية التحتية والجسور والطرقات ومحطات الكهرباء، والمباني الخاصة والعامة… وكل هذا سببه كما أعلن شهيد فلسطين السيّد حسن نصرالله: «لو كنت أعلم».
ظلّت الحال في توتر وتهديدات متبادلة بين إسرائيل وبين المقاومة حتى جاء القرار التاريخي لشهيد فلسطين القائد السيّد حسن نصرالله، دخول الحزب بمساندة غزة في اليوم الثاني لأكبر وأهم عملية فدائية قام بها أبطال «طوفان الأقصى»، إذ قتلوا خلال ساعتين 1000 جندي إسرائيلي وخطفوا 250 آخرين.
حرب المساندة هذه، أدّت الى استشهاد كبار قادة الصفّ الأوّل من الحزب، وتلت عملية «البيجر» التي تسببت بعدد كبير من الشهداء والمصابين الذين أصيبوا بإعاقات جسدية، فبترت أطراف الكثيرين. وانتهى الأمر الى الموافقة على وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني (نوڤمبر) عام 2024.
لكن الحزب خرج من حرب المساندة هذه، مُنهكاً ضعيفاً مقارنة عمّا كان عليه في السابق… في حين ظلّ العدو الإسرائيلي يمارس ملاحقة قادة وعناصر الحزب، مدمّراً ما تبقى من أبنية وبنى تحتية.
فما الحلّ؟..
الحلّ لا يكون إلاّ القبول بالأمر الواقع والجنوح الى مفاوضات تؤدي الى سلام… فمن لا قدرة له على القتال، لا بدّ له من اللجوء الى الحوار ومن ثمّ السلام.
بعد كل هذه الهزائم والأحداث، ماذا يستطيع الحزب أن يفعل، خصوصاً أنّ إيران نفسها بحاجة الى من يدافع عنها؟
aounikaaki@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.