ما علاقة فضل شاكر بأحداث عبرا؟؟ [الحلقة الثانية]
كتب عوني الكعكي:
تحدثنا في الحلقة الأولى عن بداية الثورة السورية عام 2011، وما ارتكبه الرئيس الهارب بشار الأسد من أعمال جرمية ذهبت الى حدّ الإبادة الجماعية ضد شعبه، في جرائم يندى لها الجبين.
ونتابع في هذه الحلقة اليوم، وانطلاقاً من هذه المجازر الى القول لنقول: إنّ مواقف الشعوب العربية كلها، ومواقف معظم الحكام كان متعاطفاً مع موقف الشعب السوري البريء في معاناته التي أدانتها جمعيات حقوق الإنسان. وهذا ما حدث بالفعل، في لبنان… إذ انقسم اللبنانيون بين موقفين متناقضين:
الأوّل أيّد بشار الأسد، وصمت عن سابق تصوّر وتصميم عما ارتكبه ضدّ الشعب السوري المسالم، والثاني أيّد الثوّار السوريين المسالمين، ووقف مع هؤلاء الذين أنزل عليهم الرئيس الهارب بشار حمم براميله المتفجرة، وقذائف دباباته وطائراته ومدفعيته الثقيلة من دون رحمة.
من هذه النقطة بالذات، برز موقف فضل شاكر، والذي تجلّى في مهرجان الرباط عام 2012 عندما هاجم بشار الأسد وشتمه أمام عشرات الآلاف من الحاضرين الذين تفاعلوا معه بحرارة، كما تفاعل كل حرّ من الشعوب الأخرى.
أضف الى ذلك أنّ فضل شاكر راح يتبرّع للثورة السورية من ماله الخاص، لكن ما زاد الطين بلّة، أنّ الڤيلا التي كان يسكن فيها فضل، كانت تقع بجوار صيدا، في منطقة خاصة بحزب الله المؤيّد والمشارك لبشار في أعماله ضد شعبه في سوريا. لذا انطلقت حملة من المضايقات لفضل، مما اضطره للانتقال الى منطقة «عبرا»، مقابل مسجد بلال بن رباح الذي كان إمامه الشيخ أحمد الأسير المعادي لنظام الأسد. ومن هنا كانت بداية التعارف بين الرجلين.
في هذه الأثناء، أعلن فضل شاكر اعتزاله الفن تحت تأثير شقيقه الأكبر والشيخ الأسير. غير ان شاكر كان محتفظاً باستقلاليته عن الشيخ الأسير.
لكنّ حزب الله أخذ يستأجر منازل قريبة من المسجد المذكور، وأخذ أفراده يقومون باستفزاز جماعة الأسير، وأوقعوا قتيلين منهم.
وقبل شهر من «معركة عبرا» في 23 حزيران (يونيو) عام 2013، حصل خلاف بين فضل شاكر والأسير، جرّاء عدم موافقة فضل على قيام الأسير بقطع بعض الطرقات. وقد أدّى هذا الخلاف الى إنهاء التواصل بين شاكر والأسير.
وقبل أسبوع من «معركة عبرا»، اتصل رئيس مخابرات الجيش في الجنوب بفضل، وطلب منه الانتقال من منزله في عبرا بسرعة الى منزل آخر في صيدا. غير أنّ فضل لم يدرك المغزى من ذلك، وتأخّر في الانتقال الى صيدا، وكانت أن وقعت «معركة عبرا»، وصار فضل مطارداً من الجيش وحزب الله.
هنا كان لا بدّ لفضل من الهروب، فاتجه الى عين الحلوة حاملاً «مليون دولار». وهو دفع هذا المبلغ الى جماعات زعمت أنها مساندة للثورة السورية، غير أنه تبيّـن لفضل -لاحقاً- أنّ تلك الجماعات كانت «متلطّية» بالدين، وهي استغلت هذه المبالغ وأخذتها لنفسها.
في تلك الحقبة بين عامي 2013 و2015، انقطعت أخبار فضل تماماً عن الناس والإعلام، غير أنّ صديق فضل الدكتور نبيل الشمّاع أقنع فضل شاكر بإجراء مقابلة مع المؤسّسة اللبنانية للإرسال L.B.C في نيسان 2015.
أجرى فضل اللقاء بعد تردّد كبير رغم تهديد بعض الإسلاميين في المنطقة، وهذه المقابلة أعادت فضل الى ذاكرة الجمهور.
مشكلة فضل أنه لم يهتم بالإعلام الخارجي… ويذكر المقرّبون منه أنّ فضل شاكر ذكر أنّ جهة «ما» عرضت عليه أن تضع في حسابه قبل العام 2012 مبلغ 300 مليون دولار على أن يسدّد هذا المبلغ 270 مليون دولار بعد ذلك، لكن فضل رفض العرض.
إزاء ما ذكرته في هذه الحلقة، أؤكّد أنّ قضية فضل شاكر ليست قضية قانونية فقط، وإنما هي قضية سياسية وإنسانية. دفعه الانقسام اللبناني الحاصل في لبنان حول دعم الأسد أو إدانة تصرفاته، الى اتخاذ مواقف إنسانية مؤيّدة للشعب السوري، الذي رآه فضل شاكر يُنْحَر من قبل أسلحة نظام بشار بلا هوادة وبلا رحمة.
مواقف فضل شاكر لم تكن دينية متطرّفة أو إرهابية ممنهجة… بل كانت مواقف تعاطف مع شعب مظلوم، اتحدت ضدّه قوى الشر، بقيادة رئيس، نزع من قلبه كل منطق وعدل وإنسانية فقتل الآلاف وشرّد نصف شعبه… ولم يترك مسالماً إلاّ وقتله، ولا بريئاً إلاّ وأباده بحجة التمسّك بالكرسي، والعناد الذي تمسّك به أيضاً تحت شعار «عنزة ولو طارت»…
وإلى اللقاء في الحلقة المقبلة
aounikaaki@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.