مخطط إسرائيلي لتقسيم سوريا [الحلقة الأولى]

60

كتب عوني الكعكي:

في رحلته الأخيرة الى أميركا، حمل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو معه مشروعين:

المشروع الأول: ضرب المفاعل النووي الايراني.

المشروع الثاني: تقسيم سوريا الى دويلات طائفية.

وتفيد المعلومات الواردة من واشنطن أنّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب رفض المشروع الاسرائيلي الأول، وهو ضرب المفاعل الايراني قائلاً: إنّ آخر مهلة لإيران تنتهي في شهر حزيران، خصوصاً ان المعلومات تفيد بأنّ إيران كانت متجاوبة مع الحلّ السلمي.

في الاجتماعين: الاول في عُمان والثاني في إيطاليا. أما الاجتماع الثالث فلم يحدّد مكانه بعد.

أما بالنسبة للمشروع الثاني، فلم يقل ترامب شيئاً. فالسؤال هو: ما هو المخطط الذي تنتهجه إسرائيل لتقسيم سوريا؟ وما هو الدور الذي تقوم به في هذه الأيام؟

تفيد المعلومات أيضاً ان الكنيست الاسرائيلي خصّص مليار دولار لهذه الغاية. وبالفعل فإنّ الشيخ طريف شيخ عقل الموحدين الدروز في إسرائيل هو الداعم الاول للمشروع.

كما تفيد المعلومات أيضاً ان اجتماعاً سرّياً رفيعاً ومحدوداً لمجلس الوزراء الاسرائيلي خلص الى اقتراح عقد مؤتمر دولي لتقسيم سوريا الى “كانتونات” لضمان حدود إسرائيل الشمالية، ضد التهديدات التي تشكلها الفصائل السورية، حسب صحيفة “يسرائيل هيوم”.

أضافت الصحيفة ان الاجتماع الذي عقد الاسبوع الماضي، وترأسه وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس، قدّم الاقتراح لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث سيعقد الأخير اجتماعاً خاصّاً للنظر فيه.

ونقلت الصحيفة عن صاحب الاقتراح، وزير الطاقة إيلي كوهين، قوله إنّ الهدف من هذا المخطط هو ضمان أمن حدود إسرائيل الشمالية، والسماح لها بالدفاع عن نفسها بشكل فعّال ضد التهديدات التي تشكلها تنظيمات الفصائل السورية.

واللافت ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق الزعيم وليد جنبلاط عرف بالمخطط الذي يُنصب لسوريا بغية تقسيمها تحت شعار الدفاع عن الموحدين الدروز.

فقال: إنّ ما يجري اليوم من قبل الشيخ موفق طريف ومن غيره وأتباعه ممّن سار على دربه يدل على ان هؤلاء يريدون توريط بني معروف (الدروز في لبنان) وفي سوريا في حرب لا أوّل لها ولا آخر، حرب لن تنتهي لأنها ضد المسلمين، كل المسلمين.

أضاف: يريدون من الدروز أن يكونوا عملاء لإسرائيل… أي خونة، ومن يعتقد ذلك فهو واهم. أرادونا أن نكون جنوداً عند العدو الاسرائيلي… وتناسوا ان إسرائيل ستستخدم الدروز ولن تبالي، أي ان تجعل منهم كبش محرقة.

وتابع: هناك بعض الدروز لا يدرون ما يفعلون… لقد بدأت المؤامرة بزيارة النبي شعيب.. أنا لست ضد الزيارة ولكن ليس هذا وقتها… بل هي كانت زيارة مشبوهة، فإسرائيل تسعى للتفرقة بين أبناء الطوائف، والدليل اننا سمعنا ما صرّح به رامي مخلوف، وهو ما يتطلب منا وعياً كاملاً… فقد فاخر بعدد جنوده وكأنّه يهدّد بالانفصال، وهنا أقترح تشكيل لجنة لمتابعة الموضوع.. فأنا على استعداد للذهاب الى دمشق شخصياً لتسوية الموضوع. فإما أن نقتنع بأننا سنعيش في سوريا موحّدة مع التنوّع وننال حقوقنا كمواطنين سوريين، وإما على “الدروز” السلام. فإسرائيل لا تريد ترك الدروز في حالهم.. تريد تهجيرهم الى الحدود السورية – الاردنية.

كما تريد من أقلية صغيرة محاربة كل المسلمين، وهذه ستنتهي بمجزرة، ولن نسمح لأحد بأن يكتب التاريخ بأنّ الدروز كانوا عملاء وخونة لأوطانهم لصالح إسرائيل. وأنا أعتقد جازماً أنّ موقف موفق طريف وحكمت الهجري يدل على انهما يريدان تشويه تاريخ سلطان الأطرش.

أضاف: هنا أركز على الأصوات التي تتعالى في الداخل من أجل حماية الدروز… وهؤلاء عن قصد أو عن غير قصد يريدون القضاء على الدروز وتهجيرهم. فليتقوا الله بما يعملون.

هذا كان موقف السيّد وليد جنبلاط الذي كان واعياً لأبعاد المؤامرة التي تحاك من أجل تقسيم سوريا.

ونأتي الى دور الشيخ موفق طريف، ومسؤوليته في إسناد إسرائيل لتحقيق مخططها… فمن هو طريف؟

تولى موفق طريف رئاسة الطائفة الدرزية بناء على وصية جده قبل وفاته، التي نصّت على أن يخلفه حفيده في هذا المنصب، إضافة إلى توليه وكالة وقف مقام النبي شعيب ومقام الخضر وخلوة جولس، بعد أن عمل مساعدا لجده لمدة 15 عاما.

في عام 1997، انتُخب طريف لرئاسة المجلس الديني الأعلى، وأصبح قاضيا للمذهب في المحكمة الشرعية الدرزية للاستئناف في عكا عام 2002، ثم تولى منصب رئيس المحكمة في عام 2016.

وطريف هو صاحب السلطة الدينية العليا للطائفة الدرزية في فلسطين، وراعي الأماكن المقدسة، وممثل الطائفة في قضاياها الدينية أمام المؤسسات الإسرائيلية.

أما موقف الشيخ طريف فقد بدا واضحاً من خلال مواقفه:

لقد دعا الشيخ موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في الكيان المحتل، قادة “إسرائيل” للعمل من أجل المساواة في الدولة ولبناء مستقبل أفضل لمواطني إسرائيل” .

وقال الشيخ موفق طريف : “في هذه اللحظات عيون وقلوب أبناء الطائفة الدرزية تتجه تحو القرى الدرزية في محيط دمشق. أنا أدعو دولة إسرائيل والمجتمع الدولي والشعب اليهود للعمل بشكل فوري لمنع حدوث مجزرة هناك. ممنوع ان تقف إسرائيل متفرجة على ما يجري في هذا الوقت في سوريا”.

وجاءت أقوال الشيخ موفق طريف هذه بعد وقت قصير من قيام مواطنين دروز بوقفات احتجاجية على عدد من المفترقات في منطقة الشمال، من بينها على شارع 85 الواصل بين عكا وكرميئيل، اذ أغلق المتظاهرون الشارع في منطقة مفترق “كفر ياسيف” وذلك احتجاجا على “الاعتداء على الدروز في سوريا”.

كما ردد المحتجون شعارات تضامنية مع دروز سوريا، من بينها “بالروح بالدم نفديك يا صحنايا”. وقالت مصادر إعلامية ان عدداً من المتظاهرين أضرموا النار بإطارات وأغلقوا الشارع بواسطة شاحنة.

وتنفيذاً للمخطط الجهنمي، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن إسرائيل تعمل على إقناع أبناء الطائفة الدرزية في سوريا برفض الحكومة الجديدة، والمطالبة بحكم ذاتي في إطار نظام فيدرالي، ضمن خطة واسعة رصدت لها أكثر من مليار دولار.

يأتي هذا الكشف في وقت حساس، تزامنًا مع خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة العربية بالقاهرة، حيث ندد بالاعتداءات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، متهماً تل أبيب بمواصلة انتهاك حقوق السوريين منذ احتلال الجولان عام 1967.

ووفقًا للتقرير، تسعى إسرائيل إلى دعم الدروزفي جنوب سوريا عبر تمويل برامج ومشاريع تهدف إلى كسب تأييدهم لمشروعها الفيدرالي، الذي يشمل تقسيم سوريا إلى مناطق حكم ذاتي عرقية وطائفية.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل تضغط على المستوى الدولي للحصول على دعم لهذا النظام، مع اقتراح أن تكون المناطق الجنوبية القريبة من حدودها “منزوعة السلاح”، ما يعكس قلقها من التطورات السياسية في سوريا.

وفي السنوات الأخيرة، استغل طريف حالة الاهتراء التي أصابت المؤسسة الدينية الدرزية في السويداء وصراع مشايخ العقل، وضعف الدولة المركزية في الجنوب السوري بفعل الحرب الإرهابية التي دعمت فيها إسرائيل المجموعات المتطرفة والأزمة الاقتصادية الخانقة في الشام، لنثر أمواله على بعض رجال الدين والمؤثرين، مغذّياً مطالب الانفصال و”حقوق الدروز”. وتتكامل جهود طريف مع الاهتمام المستجدّ للخارجية الأميركية بملفّ السويداء، وخصوصاً بعد حملة اللوبي السوري الجديد في واشنطن بدعم وتوجيه من اللوبي الإيراني، حتى صار رموز الإدارة الأميركية يتصلون بشيخ العقل حكمت الهجري، الساعي إلى الوصول بدوره إلى سلطة “زمنية” واهية.

لبنان أيضاً ليس بعيداً عن مشروع طريف، الذي استغل الانهيار الاقتصادي فيه، ليبدأ بضخ أموال التأثير بين يدَي بعض المشايخ، مستفيداً من غياب القوى الوطنية الفاعلة بمواجهة التغلغل الإسرائيلي في الساحة الدرزية، ومستغلاً الصمت المطبق للمشايخ والسياسيين الدروز عن دور طريف وخطورة ما يقوم به على مجمل دور الجماعة وموقعها في المشرق، عدا عن موقف يتيم للنائب السابق وليد جنبلاط دعا فيه الدروز الفلسطينيين إلى عدم القتال ضمن جيش الاحتلال.

ويبقى السؤال الملحّ: هل سيكون الدروز الداعم الأوّل لمخطط تقسيم سوريا الى كيانات مذهبية وعرقية، أم ان العقلاء منهم سيقفون مواقف صلبة لإحباط هذا المخطط والعودة الى سوريا الموحدة الواحدة لجميع أبنائها؟

[وإلى اللقاء في الحلقة الثانية]

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.