مقابلة مع غراسيا قزي من إدارة الجمارك اللبنانية

دور المرأة في الجمارك

11

في إطار حملة “النساء في الجمارك” التي أطلقتها منظمة الجمارك العالمية، أجرينا مؤخراً مقابلة مع غراسيا قزي، عضو المجلس الأعلى للجمارك في لبنان. وباعتبارها أول امرأة تتولى مثل هذا المنصب في لبنان، حدثتنا السيدة قزي عن متطلبات هذا الدور وكيف تتعامل معها.
منظمة الجمارك العالمية: بدايةً، نشكرك على تخصيص وقتك الثمين للحديث معنا. أنتِ إحدى قيادات إدارة جمركية تواجه تحديات كبيرة. نود أن نبدأ هذه المقابلة بطلب وصف لإدارتك والسياق الذي تعملين فيه.
غراسيا قزي: سأحاول أن أكون مختصرة، رغم أن الوضع معقد. لقد مرّ لبنان بسلسلة من الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية خلال الثلاثين سنة الماضية. ظروف المعيشة قاسية جداً، ويزيد من تعقيدها الوضع الأمني غير المستقر.
الوضع يشهد حالياً تحسناً مع انتخاب رئيس جديد في يناير وتعيين حكومة جديدة في فبراير. وآمل أن يدعموا عملية بناء قدرات الجمارك، لا سيما من خلال توظيف موظفين وتخصيص موارد مالية كافية لتطوير وتحديث الأدوات اللازمة لأداء مهامنا.
ما هو دور النساء في إدارة الجمارك اللبنانية؟
تمثيل النساء في إدارة الجمارك اللبنانية يتزايد على جميع المستويات.
علينا أن نوضح أن الإدارة تتألف من جناحين : السلك الإداري الذي يشمل رسم السياسات الجمركية وتنفيذها، إلى جانب الرقابة والتنفيذ؛ وسلك الضابطة الجمركية المسؤول عن مراقبة الحدود والمناطق الجمركية، ومحاربة التهريب، ودعم الموظفين الميدانيين.
شهدنا زيادة كبيرة في عدد النساء العاملات في الجانب “العملي”. يشكلن حوالي 29% من موظفي “الفئة 4”، وهي الفئة التي يدخل منها جميع الموظفين الجدد بعد اجتياز مسابقة الخدمة المدنية. بالنظر إلى متطلبات الوظيفة، خصوصاً ساعات العمل الطويلة، فإن هذا الرقم محترم جداً. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد كبير من النساء نجحن في مسابقات “الفئة 3” في السنوات الأخيرة؛ إذ أن 51% من موظفي هذه الفئة، الذين يعملون كمراقبين، هن من النساء.
ما الذي دفعكِ للعمل في الجمارك؟
كان عمي موظفاً في الجمارك. في عام 1993، عندما أنهيت دراسة الحقوق، أخبرني بأن الإدارة تبحث عن مراقبين مساعدين، ونصحني بتقديم طلب للمسابقة. استغربت من نصيحته، لأنني كنت أملك فكرة سلبية عن الجمارك. كانت جميع الإدارات العامة تُعتبر فاسدة. لكنه أوضح لي أن هناك موظفين شرفاء يعملون بجد ويسعون لتغيير العقليات والسلوكيات.
كنت أحلم بأن أصبح قاضية، لكنني اتبعت نصيحته وتقدّمت إلى مسابقة الخدمة المدنية ونجحت كمراقبة مساعدة للجمارك.
هل يمكنكِ إخبارنا عن مسيرتكِ المهنية؟
بعد حصولي على الوظيفة، طلبت الانتقال إلى المديرية العامة لأتعرّف أكثر على القوانين والأنظمة الجمركية. في عام 1998، خضعت لمسابقة الفئة 3، ثم لمسابقة الفئة 2 في عام 2005.
طُلب مني أن أترأس دائرة البحث عن التهريب. كانت هذه أول مرة تتولى فيها امرأة هذا المنصب، في عهدي، حققت الدائرة نتائج أفضل من أي وقت مضى. أعتقد أنني كنت صارمة لكن عادلة؛ حاولت تحقيق توازن بين الامتثال التشغيلي والجانب الإنساني.
ما هي الرسالة التي ترغبين في توجيهها لقرائنا، وما النصيحة التي تودين تقديمها للنساء بشكل خاص؟
إذا كنتِ امرأة، فعليكِ أن تقتنصي كل فرصة تتاح لكِ. يجب أن تبادري ولا تنتظري الفرص لتأتيك. وهذا يعني أن عليكِ أن تكوني مستعدة، وأن تمتلكي المعرفة والمهارات الشخصية اللازمة. الكلمة التي تخطر ببالي هي “الحكمة”: يجب أن تتحكمي في مشاعرك، أن تأخذي وقتك للتفكير، وأن تتحلي بالتعاطف، والتواضع، والانفتاح، إلى جانب الحزم.
نصيحتي للنساء هي ألّا يشعرن بالخوف، وأن يثقن بأنفسهن أكثر، وأن يعملن على تطوير مهاراتهن القيادية ليتمكنّ من تحفيز الآخرين ودفعهم للعمل كفريق. إذا كنتِ تشغلين منصباً قيادياً، خصوصاً في أعلى المستويات، فيجب أن تقودي الآخرين على درب التطور. عند هذا المستوى، لن يكون هناك من يملي عليك ما يجب فعله أو متى.
هل واجهتِ صعوبة في التوفيق بين العمل والأسرة مع ازدياد مسؤولياتكِ؟ وكيف تعتنين بنفسك؟
لدي أربعة أبناء لم يعودوا أطفالاً بعد الآن! ابنتاي في الجامعة، وتوأمي الذكور يستعدان لاختبارات البكالوريا الفرنسية. أنا محظوظة لأنني أستفيد من مساعدة في المنزل، ما أتاح لي أن أكرّس طاقتي لأسرتي وعملي.
زوجي كان دائماً سنداً لي، لكنه لا يتدخل في تفاصيل الحياة اليومية للعائلة.
ما هي المشاريع التي تعملين عليها حالياً؟
الإصلاح الجمركي هو مجال عمل أساسي في لبنان، وهناك عدة مشاريع قيد التنفيذ. البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لدينا باتت قديمة ولم تعد تفي بالغرض، لذا نعمل على تحديثها. قمنا بتحديث نظام التخليص الجمركي، ونحن حالياً نعمل على تطوير النافذة الواحدة. أنا مسؤولة بشكل خاص عن صياغة مذكرات التفاهم مع الهيئات التنظيمية المشاركة في عمليات الرقابة على السلع.
مشروع رئيسي آخر هو إعادة صياغة قانون الجمارك وتحديث هيكليتنا التنظيمية.
نشكرك على مشاركتك لتجربتك وأفكارك.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.