مقارنة بين حرب غزة وإسرائيل وحرب إيران وإسرائيل؟
كتب عوني الكعكي:
لفتني تصريح لوزير الدفاع العدو الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن العملية العسكرية في غزة أصبحت على مشارف الانتهاء. وللعلم فقط فإنّ العملية العسكرية في غزة بدأت منذ ما يقارب السنتين عندما قامت مجموعة بتوجيه من القائد يحيى السنوار بعملية عسكرية فريدة من نوعها، ولأوّل مرّة يحصل مثل هذا مع العدو الإسرائيلي.
بدأت معركة «طوفان الأقصى» في 7 تشرين الأول 2023 حين ألقى القائد العام لكتائب الشهيد عزّ الدين القسّام محمد الضيف بياناً في تمام الساعة الثامنة صباحاً، وفيه أعلن وبصريح العبارة بدء عملية عسكرية سمّاها «طوفان الأقصى»، مؤكداً أن الضربة الأولى استهدفت مواقع العدو ومطاراته ومواقعه العسكرية، وقد تجاوزت الـ5000 صاروخ.
لقد تسلّل المقاومون الفلسطينيون الى مستوطنات غلاف غزة عبر السياج الحدودي، وعبر وحدات الضفادع البشرية من البحر، إضافة الى مظليين من فوج «الصقر» التابع لكتائب القسّام. واعتبر الضيف أن هذا اليوم هو يوم المعركة الكبرى لإنهاء الاحتلال، وأسفر الهجوم عن مقتل 1538 إسرائيلياً وأسر 248 إسرائيلياً.
أما بالنسبة للحرب بين إيران وإسرائيل، فإنني أتساءل: عجيب غريب أمر إيران حين تعترف بقولها أبلغنا دولة قطر أننا سوف نقصف قاعدة «العديد» الأميركية الموجودة هناك… ما يثير الريبة والشكوك حول جدّية إيران في هذه الحرب ضد الدولة العبرية.
قد تبدو صورة هذه الحرب جدّية في ظاهرها، وقد يستنتج المتابع أنّ هدف إسرائيل من الحرب، كان منع إيران من إنتاج أسلحة نووية، وإضعاف حلفائها وأتباعها (أذرعها) في المنطقة كحزب الله اللبناني.
لكن الواقع يشير الى أن الحرب كانت «وهميّة» في حقيقتها رغم الغارات التي شنّتها إسرائيل على إيران، ورغم الضربة الأميركية التي أعلنت الولايات المتحدة على أثرها تدمير مفاعل فوردو ونطنز وأصفهان. ولم تقتنع إيران بأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان جاداً حين أعطى مهلة ستين يوماً لإيران وهاجم في اليوم الـ61، وفي المهلة الثانية ضرب المفاعل لأنه لمس عدم جدّية إيران في السلام.
وما يجعل تأكيدنا على «وهميّة» المعارك أقرب الى الحقيقة. رغم أن التدمير بين البلدين صار أشبه بسباق «الماراثون» تُبذل فيه الطاقات.
صحيح أن إسرائيل فاجأت إيران، ليس فقط في المبادرة الى الهجوم المباغت، وما رافقه من عمليات تضليل ناجحة، بل أيضاً في بنك الأهداف. فقد بدأت بسلسلة اغتيالات طالت قادة الجيش والحرس الثوري وعلماء الذرّة. وبدا فيها أن القيادة الإيرانية لم تتعلم من درس «حزب الله» اللبناني، ولم تتوقع إصابة قادتها الذين اصطادتهم إسرائيل بسهولة مذهلة.
رغم ذلك كله، فإنّ الردّ الإيراني على إسرائيل لم يكن يوازي العمليات العسكرية الإسرائيلية، ولو بدا أنه أصاب أهدافاً في تل أبيب وحيفا ودمّرها.
مقارنة بين موقف كل من إسرائيل وإيران أقول:
لقد نفّذت تلّ أبيب سلسلة من الضربات المباشرة استهدفت قلب البنية النووية والعسكرية الإيرانية، وأدّت الى مقتل قيادات بارزة من الحرس الثوري والقوات المسلحة والعلماء كما أشرنا. هذه الضربات وضعت طهران أمام اختبار بالغ الحساسية يتعلق بردّها وحجم قدرتها، خصوصاً أنّ الجيش الإيراني كان يُعدّ رابع أقوى جيش في العالم في عهد الشاه.
فكيف بدأ الردّ الإيراني الذي اتضح أنه غير كافٍ، بالرغم من أنها المرّة الأولى التي تصل الصواريخ الى قلب إسرائيل.
أما ما أعلنته هيئة الأركان الإيرانية فإنها لم تطلق أي صاروخ باتجاه إسرائيل بعد وقف إطلاق النار، فذلك يعتبر أن هناك اتفاقاً ضمنياً بين إسرائيل وإيران، هذا أولاً…
ثانياً: مجلس الأمن القومي الإيراني أفاد بأنّ «ردودنا أرغمت العدو على وقف الهجمات، وقواتنا ما زالت في حالة تأهب تام، ونحن مستعدون للردّ على أي خرق».
هذان الأمران، جعلا طهران تعلن أنها حققت نصراً إلهيّاً على إسرائيل… فهل هذه حقيقة؟
حتى يكون النصر نصراً حقيقياً، لا بدّ من مقارنة النتائج:
(ألف): إيران خسرت مجموعة من قياداتها في الحرس الثوري والقوات المسلحة.
(باء): خسرت ما يقارب العشرين من علماء الذرّة الكبار فيها.
(جيم): تعطلت عمليات التخصيب بعد تدمير المفاعل في كل من فوردو ونطنز وأصفهان.
من هنا، ومن خلال مقارنة موضوعية بين حرْبَي غزة وإسرائيل، وإيران وإسرائيل أقول:
ألف- المقاومة الفلسطينية لا تزال تناضل باللحم الحيّ، رغم القصف والحصار والتجويع وحرب الإبادة وقصف المستشفيات، ولم تستطع إسرائيل أن تحقق أيّاً من هدفيها: سحق حماس وتحرير المخطوفين.
أما في إيران فكان الردّ الإيراني -كما أشرنا- دون ما هو متوقع، ولم يبلغ حداً يجعل ما قيل عن انتصار إيراني إلهي أمراً مقنعاً.
والأهم من هذا وذاك، أن مجموعة من أبطال «طوفان الأقصى» عددهم بالمئات فقط كبّدوا إسرائيل خسائر بشرية لم تتعرض لها في تاريخها، والأهم أن إسرائيل عجزت عن إنهاء حركة حماس، إضافة الى عدم قدرتها على تحرير مخطوف واحد خلال حوالى سنتين.
بالمقابل، فإنّ الدولة العظمى «الإمبراطورية الإيرانية» وبفضل نظام الملالي لم تصمد أمام إسرائيل أكثر من 12 يوماً… سبحان الله.
aounikaaki@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.