من يجرؤ على محاكمة العدو الإسرائيلي؟!!

6

كتب عوني الكعكي:

كَثر الحديث عن الانفجار الذي تعرّض له مرفأ بيروت بتاريخ 4 آب 2020، وذهب ضحيته 218 قتيلاً وسبعة آلاف جريح، وهجّر أكثر من 300 ألف مواطن، وتهدمت 50 ألف وحدة سكنية من بيوت ومستشفيات كلفة إعادة بنائها ما بين 10-15 مليار دولار.

كل هذا حصل، مخلفاً حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى بيروت، واعداً ومهدداً بضرورة كشف حقيقة هذا التفجير، وكشف الوقائع كاملة ليتحمل كل إنسان مسؤوليته.

وها نحن نعيش اليوم هذه الذكرى، وقد مرّ على الحادث الأليم خمس سنوات، ولا تزال التصريحات بدءاً بأعلى موقع في الجمهورية اللبنانية الى كل المواقع الأخرى يطالب أصحابها القضاء بالكشف عن الذين فجّروا المرفأ، وللأسف الشديد فإنّ كل هذه التصريحات وكل الكلام عن ضرورة محاسبة الفاعلين تحاول تبرئة أصحابها والتنصّل من المسؤولية ومحاولة إبعاد الشبهة عن قائليها.

الرجل الوحيد في العالم الذي كانت عنده الجرأة لقول الحقيقة، هو الزعيم الوطني وليد جنبلاط، إذ قال: «الحقيقة أنّ من فجّر مرفأ بيروت هو العدو الإسرائيلي». وأكد قوله ما جاء في «وكالة الصحافة الفرنسية» التي كانت قد أعلنت بعد لحظات من عملية التفجير أنّ إسرائيل هي من فجّرت المرفأ عبر طائراتها من طراز F-16، التي قصفت المرفأ، لأنه تحوّل الى موقع عسكري يستعمله حزب الله لاستيراد أسلحة و «النيترات» التي تنقل دورياً الى سوريا، حيث يقوم الجيش السوري التابع لنظام البعث بحشوها في براميل وإسقاطها عبر طائرات مروحية على الشعب المسكين. والجميع يعرف ماذا كانت تلك القنابل تفعل من قتل وتدمير للشعب السوري والمدن السورية.

لقد انتظرت إسرائيل حوالى 30 دقيقة لترى نتائج عملية القصف التي قامت بها، وعندما رأت هول الكارثة الإنسانية التي نتج عن القصف الإسرائيلي خافت وصمتت، لأنها لا تتحمّل ولا تتجرّأ أن تقول كلمة واحدة خوفاً من المحاسبة… وتركت العالم متعجباً محتاراً وضائعاً من هول الضربة وضخامة نتائجها، وما خلفته من قتلى ودمار هائل.

الزعيم وليد جنبلاط كان صامتاً كل الوقت، وينتظر أن يرى أي مسؤول في الدولة يجرؤ على قول الحقيقة، حتى موقع الرئاسة وخاصة الرئيس السابق ميشال عون لم يقُل أي كلام مفيد، ولم يعلّق على عملية التفجير ولم يحمّل إسرائيل المسؤولية، وهو يعلم تماماً حقيقة ما جرى.

يبقى هناك سؤال مهم جداً هو: إنّ قبرص تعتبر أهم مركز للتجسّس لوجود المخابرات البريطانية والفرنسية والأميركية والإسرائيلية فيها.. ما يعني أنه لا يمكن أن يحدث أي تفجير في لبنان من دون أن تكون تلك المخابرات قد سجلت العملية. هذا يعني أن الطائرات الإسرائيلية التي فجّرت المرفأ صُوّرت، وسجلت هذه الصور بالكامل. فلو كانت تلك الدول تريد مساعدة لبنان بكشف الحقيقة، فالڤيديوهات التي سجلت العملية موجودة في قبرص وعند تلك الدول.

وهنا التساؤل: لماذا لا تعطي تلك الدول لبنان التسجيلات حتى تسهّل عليه كشف الحقيقة، إلاّ إذا كانت تلك الدول تراعي مصلحة إسرائيل وتريد أن تُبعد الشبهة عنها؟ وهذه ليست المرّة الأولى، أن تقدّم تلك الدول على التعاطف مع إسرائيل ضد العرب.

ولا يفكّرنّ أحد في العالم، أن تقوم تلك الدول بكشف الدور الإسرائيلي، خصوصاً أن هذا التفجير سيكلف لبنان 15 مليار دولار. ولو كانت هناك عدالة في العالم، لأرسل المبلغ الى لبنان ناهيك عن عدد القتلى والجرحى.

وللأسف الشديد، فإنّ العالم كله يقف مع إسرائيل ضد العرب، حتى لو أن إسرائيل ارتكبت المجازر والتفجير.

من هنا نقول: إنّ القضاء اللبناني يقف أمام حائط مسدود ما لم يحصل على المعلومات اللازمة كي يُدين من يجب إدانته.

وهناك مزيد من المعلومات حول الباخرة التي كانت تنقل نيترات الأمونيوم. هذه السفينة المسماة «روسوس» وهي تحمل علم موندوروفيا والتي أبحرت من ميناء باطومي في جمهورية جورجيا، وأبحرت من هناك قاصدة موزمبيق أولاً.

هذه التفاصيل سنوردها في حلقة أخرى قريباً.

إنطلاقاً مما ذكرنا، إن القضاء اللبناني مسكين، لأنه يتعامل مع قضية لا يملك معلوماتها كاملة لاتخاذ القرار المناسب.

aounikaaki@elshark.com

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.