ناصر الدين لـ «الشرق» تحدّيات إقتصادية محورية ستحدد مسار التعافي للبنان أو مزيداً من الإنحدار في العام 2026
كتبت ريتا شمعون
إن الوضع الإقتصادي للبنان في العام 2025 كان الى حدّ بعيد، أفضل من كل سنوات الأزمة ، حيث من المتوقع أن يسجل نمواً بنسبة 5%، وفق بعض التقارير الاقتصادية والمصرفية في لبنان سيما بعدما كان الاقتصاد تحت الصفر. بالنسبة للأمور الاقتصادية في هذا العام، البدء من جديد بمفاوضات مع صندوق النقد، وإقرار قانونين لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتعديل قانون السرّية المصرفية، إضافة الى مجموعة مؤتمرات منها إقتصادية واعلامية وتكنولوجية، أعادت لبنان الى خارطة الدول التي تستقبل المؤتمرات.
كل هذا لا يكفي، لأن لبنان لم يشهد بعد إستثماراً أجنبيا مباشراً،لكن أنجز قانون الفجوة المالية الذي يبقى الموضوع الأهم في استرداد الودائع وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي لأنه دون القطاع المصرفي لا إمكانية للنمو.
يبقى السؤال كيف أنجز مشروع القانون؟
يبدو أن مسلسل التهريبات مستمر حيث اقرت الحكومة بسكرة الأعياد، قانون الفجوة المالية، بالصيغة الأفضل للهروب من المساءلة، فإن أخطر ما في مشروع القانون هو « الحلول الملبننة» القائمة على التمييع والتزام الصمت تجاه المرتكبين ومساءلتهم، فإن استعادة الودائع لن تتحقق بنصوص ورقية أو إصلاح شكلي، فاختارت الدولة إنقاذ نفسها على حساب المودعين، فهل يمرّ مشروع القانون بسهولة في مجلس النواب؟
في خضم هذا الواقع المعقد، يقول الكاتب والباحث في الشؤون الاقتصادية زياد ناصر الدين عن التحديات الاقتصادية للبنان في العام المقبل2026، إن الاقتصاد اللبناني يقف أمام مجموعة تحديات محورية ستحدد مسار التعافي أو مزيداً من الانحدار في العام 2026، وأبرزها:
إقرار موازنة 2026
ويعتبر في حديث خاص لجريدة «الشرق» أن إقرار الموازنة خطوة أساسية لبناء إطار مالي يضبط الإيرادات والنفقات ويؤمّن الخدمات ويحدّ من العجز. كما قد يسهم في الحصول على تمويل خارجي وقروض محتملة. والهدف الأساسي هو تحسين جباية الجمارك والضريبة على القيمة المضافة (TVA).
لكن يتابع ناصر الدين، من دون إصلاحات هيكلية، وزيادة النفقات الاستثمارية، وتحسين البنى التحتية، وتحقيق العدالة الضريبية، ودعم القطاعات الإنتاجية، ستبقى الموازنة خطوة ظرفية لا تؤسس لنهضة اقتصادية مستدامة، خصوصاً في ظل المتغيرات الإقليمية بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي الحديث عن قانون الفجوة المالية، يرى ناصر الدين، أن خطورة القانون تكمن في منح 100 ألف دولار لكل مودع، وتحميل المسؤولية للدولة ومصرف لبنان، وإعفاء المصارف من تبعات الأزمة.
هذا التوجّه لن يعيد الثقة بالقطاع المصرفي، إذ إن إعادة الثقة تحتاج إلى معالجة تقنية لا سياسية، خصوصاً أن الوقائع التاريخية تُظهر أن الدول لا تفلس، بينما المصارف تفلس وتُحاسب بالقانون.
وفي العام 2026 يمثل ملف إعادة الإعمار ركيزة أساسية لاستعادة الثقة بالاقتصاد، وإعادة دور لبنان في المنطقة، وتحقيق النمو وخلق فرص عمل حقيقية. ويؤكد ناصر الدين أن استعادة الثقة بالدولة تمرّ عبر تحريك الدورة الاقتصادية من خلال تحسين القدرة الشرائية، وضمان الاستقرار المهني والاجتماعي للموظفين، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وإصلاح الرواتب في القطاع العام معتبرا إياه ضرورة وطنية لا يمكن تأجيلها. ويشدد على ضرورة إعمار مرفأ بيروت، في العام المقبل، الذي يمثّل المرفأ أحد أعمدة النهوض الاقتصادي.لافتا الى أن إعادة تأهيله يحتاج إلى رؤية وطنية شفافة بعيدة عن الصراعات السياسية، بما يضمن عودة دوره الحيوي للاقتصاد الوطني.
ويرى ناصر الدين، أن أحد أكبر التحديات هو الاستقرار النقدي، في ظل التجاذبات السياسية وعدم وضوح رؤية مصرف لبنان لمعالجة أزمة الودائع. مشيرا الى انه حتى اليوم يعتمد الاستقرار النقدي على الامتناع عن طباعة الليرة فقط، دون وجود خطة نقدية واضحة.
ومن الضروري، يقول ناصر الدين، حماية الذهب من الفساد والتدخلات الخارجية، كاشفا الى ان قيمة الذهب اللبناني تبلغ اليوم، أكثر من 40 مليار دولار، وقد ترتفع أكثر بحلول 2026، ما يجعل حمايته ضرورة قصوى، خصوصاً مع ربط بعض الجهات الدولية أي قروض أو مساعدات بضمانات تتعلق بالمعدن الأصفر.
وختم ناصر الدين، قائلاً: إن استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، ولا سيما الجنوب، يشكّل ضربة قاسية للاقتصاد الوطني، ويعمّق الانكماش ويضعف فرص التعافي. ويؤكد أن لبنان بحاجة ماسة إلى حماية اقتصاده من الصدمات العدوانية التي تستهدف ما تبقى من مقوّماته، ومحاولة السيطرة على ثرواته من النفط والغاز.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.