نربح بالسلام ونخسر بالحرب
كتب عوني الكعكي:
التاريخ يعلم الإنسان دروساً يجب أن يعود إليها كي يرى من خلالها المستقبل الواعد.
وهنا أتذكر الرئيس أنور السادات وعملية دخوله في عملية «اتفاق كامب ديڤيد»، أي عملية السلام مع العدو الإسرائيلي.
وما زاد قناعتي بموقف الرئيس السادات الجريء والمحقق، الذي يكاد يكون الاتفاق الوحيد الذي ربح من خلاله العرب المعركة مع إسرائيل. إذ لو عدنا الى التاريخ، أي تاريخ إنشاء دولة «إسرائيل» عام 1948 واستعرضنا الحروب التي جرت بين العرب وبين هذه الدولة الغاصبة لوجدنا انها كانت كلها حروباً خاسرة.
نبدأ بحرب 1948، يوم عرضت إسرائيل على العرب «التقسيم»، فرفض العرب إقامة دولتين: دولة يهودية ودولة عربية في فلسطين. هذه هي المرة الأولى أو الخسارة الأولى.
المرة الثانية حرب عام 1967، يومذاك شنّت إسرائيل عدواناً على سوريا ومصر والأردن، واحتلت خلاله سيناء في مصر والضفة الغربية في الأردن، كما احتلت أيضاً هضبة الجولان في سوريا.
وللتاريخ أقول: يومذاك قبل الرئيس جمال عبد الناصر مبادرة وليام روجرز وزير خارجية أميركا في عهد ريتشارد نيكسون التي قدّمها في 5 حزيران (يونيو) 1970، لكن إسرائيل المنتصرة رفضت تلك المبادرة وأجهضتها في مهدها.
المرة الثالثة حرب «6 أكتوبر» أو حرب 6 تشرين، وهذه هي المرة الأولى التي يجتاز فيها الجيش المصري «خط بارليڤ»، ويعبر هذا الخط مستعداً لاحتلال سيناء.
يومذاك أعلن الرئيس أنور السادات في اليوم الثالث للحرب أنه ليس قادراً على محاربة أميركا، وكانت المرّة الأولى التي يعترف بها رئيس عربي بأنّ أميركا تعني «إسرائيل»، إذ عندما تحارب إسرائيل عليك أن تعلم جيداً أنك تحارب أميركا. فالسؤال: من يستطيع أن يحارب أميركا؟
على كل حال، «قامت» الدنيا ولم تقعد ضد الرئيس السادات عندما أعلن عن موافقته على إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل، وكان شرطه الوحيد استعادة الأراضي المصرية أي سيناء، وكل أرض مصرية احتلتها دولة إسرائيل المعتدية.
الجدير ذكره أن هناك في أي اتفاقية بندين:
-1 بند العلاقات بين الدولتين.
-2 وبند التطبيع.
بالنسبة للعلاقات الديبلوماسية، جرى تبادل سفراء بين البلدين.
أما بالنسبة للتطبيع، فهذا البند يخص الشعوب.. إذ لا تستطيع الدولة المصرية أن تجبر الشعب المصري على إقامة علاقات مع الشعب اليهودي. وسارت الأمور بأن يزور بعض اليهود شرم الشيخ وطابا، والمسافة بين إيلات وطابا 3 دقائق في السيارة.
وما دمنا نتحدث عن التطبيع فلا بدّ أن نتذكر أن المفاوضات بين مصر والعدو الإسرائيلي ظلّت مستمرة لمدة 5 سنوات، حتى قرّر الرئيس السادات أن يشتري الفندق الذي بناه أحد اليهود في طابا، ودولة إسرائيل امتنعت عن الانسحاب منها حتى يرضى اليهودي صاحب الفندق.
بعد شراء الفندق، وتم دفع ثمنه من قبل جهة مكلفة من الرئيس السادات. فحُلّت المشكلة وأخلت إسرائيل طابا.
نقول هذا الكلام لنؤكد أنّ الحل السلمي مع إسرائيل أصعب بكثير من الحل العسكري. وطالما أننا لن تستطيع أن نتفوّق على إسرائيل بالحروب، لأننا عندما نحاربها فإننا نحارب أميركا.. أتساءل: هل نملك القوة والقدرة على محاربة أميركا؟ الجواب: كلا بالتأكيد.
لذلك من موقع المحب لوطنه، وخوفاً على الشعب اللبناني، أنصح الجميع أن يعيدوا حساباتهم، ويعترفوا بالحقيقة.. فنذهب الى السلام، وأؤكد أننا سننتصر بالسلام في حين كنا سنخسر لو نشبت الحرب من جديد.
لن أطيل الكلام، فباختصار لا بدّ من العودة الى ضمير كل مسؤول كبير أو صغير.. ليتوقف لحظة مع الذات ويعيد حساباته. كفى ما عانيناه من ويلات الحروب ومن الهزائم، ودعوا شعبنا يعيش بسلام وينعم بالاستقرار.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.