“هآرتس”: الجيش الإسرائيلي في حالة انهيار متسارع.. هي الكارثة

1

سأبدأ باقتباس أقوال الجنرال اهارون حليفا، كما سمعت في القناة 12: “هذا أمر أعمق بكثير، ويمتد لسنوات كثيرة”. حسب أقوال حليفا، فإن حدث 7 أكتوبر “يقتضي إصلاحاً أعمق. هو ليس موضوع إصلاح شخصي. سنغير رئيس الأركان الآن، وسيعود كل شيء جيداً. أنا ضد الظاهرة التي تقول بأنها كانت حادثة. هناك من يقولون – سافرت في السيارة، صعدت فوق المسامير في الحاجز، إذاً سنغير الإطارات الأربعة ونستمر في السفر. بل أقول إن ما حدث لنا هو أكبر من ذلك، وهذا يحتاج إلى حل وتركيب”.

بعد ذلك، أوضح حليفا بأن “كل ما يحدث تجد له تفسيراً في تصورك. ثمة مسؤولية من رؤية استراتيجية كاملة تقول (…)، عدونا مرتدع، وفي الوقت نفسه، نهدئه بالأموال القطرية. لم أفهم، ومن قبلي لم يفهموا أيضاً”.

من فترة طويلة وأنا أوجه انتقادات قاسية لوضع المنظومة البرية لدى الجيش الإسرائيلي، وثقافتها التنظيمية، وسلوكها في حرب “السيوف الحديدية” وبعدها. لم يحدث أي تغيير منذ بداية الحرب. يسود في الجيش الإسرائيلي حتى الآن عدم تنفيذ للأوامر وغياب للرقابة والتفتيش، وعدم استخلاص الدروس. التحقيقات غير موثوقة، وثمة ثقافة كذب وعدم مهنية، ومعايير متدنية. لا يوجد انضباط عملياتي، والقيادة العليا لا تتحمل المسؤولية. تسود علاقة صمت وخوف من التعبير عن موقف آخر خشية من الضرر الشخصي. السلوك الفضائحي مغروس في جينات الجيش، وكما قال الجنرال حليفا، “هذا يحتاج إلى تفكيك وإعادة تركيب”.

عندما ننظر إلى ما يحدث من الأعلى، بعد سنتين على بداية الحرب، تظهر الأمور التالية:

فقدان الثقة بالجنود وبالقادة الصغار في القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي. وهو أمر ينعكس على نسبة عالية جداً لرجال الاحتياط غير المستعدين للتجنيد، وعشرات النسب المئوية من الجنود النظاميين “الذين يهربون” من المعركة عقب مشكلات نفسية صعبة وتآكل عميق وعدم الثقة بالقادة.

الجيش البري يتحطم من كل النواحي:

فقدان المهنية بسبب غياب التدريب والتأهيل.

نقص شديد في المهنيين لمعالجة السيارات المصفحة والسلاح نتيجة التخفيضات الجذرية في معايير آلاف صفوف الضباط والضباط المحترفين قبل الحرب، ونقل هذه العملية إلى شركات مدنية غير قادرة على تلبية المهمة.

نقص شديد في عدد الجيش النظامي عقب آلاف القتلى والمصابين في الحرب، والفشل في تجنيد آخرين لاستبدالهم.

نقص شديد في رجال الاحتياط الذين يصوتون بالأرجل، ثم لا يستجيبون لأوامر التجنيد.

تم تخفيض الجيش البري في العشرين سنة الأخيرة إلى ثلث حجمه تقريباً، وهو غير قادر على حسم المعركة حتى في جبهة واحدة.

لا دليل مستقبلياً على إعداد الجيش للحرب القادمة متعددة الساحات.

لا مطالب عملياتية للجيش في نظرة إلى المستقبل من قبل الشركات المدنية التي تطور وتنتج الوسائل القتالية. وخلال بضع سنوات، لن يكون للجيش الإسرائيلي قدرة عملياتية أمام السلاح الجديد الذي يشتريه العدو وينتجه.

خصخصة العمليات اللوجستية لشركات مدنية، لن تعطي رداً في حرب متعددة الساحات من حيث التزويد بالطعام والمياه والوقود والذخيرة وقطع الغيار وما شابه للقوات المقاتلة. معظم السائقون من غير اليهود، وربما لن يمتثلوا لتأدية مهماتهم في يوم الأمر. إضافة إلى ذلك، كمدنيين، لا يستطيعون اجتياز الحدود إلى أراضي العدو، ما سيؤدي إلى أن يتوقف الجيش عن السير خلال فترة قصيرة.

خصخصة الصيانة ونقلها لشركات مدنية، وهكذا بالنسبة للوسائل القتالية، بما في ذلك الدبابات وناقلات الجنود المدرعة التي تجتاز الحدود أثناء القتال إلى دولة العدو، لا توجد صيانة وراءهم (لا يمكن للمدنيين دخول أراضي العدو، وغزة ليست مثالاً على ذلك). إن أي خلل أو مس بالوسائل القتالية سيشل نشاطه، وسيبقى مثل حجر لا أحد يعيده من أرض العدو.

أزمة القوة البشرية الشديدة في الاحتياط، والنظامي، وفي الخدمة الدائمة، من أصعب الأزمات التي عرفها الجيش الإسرائيلي منذ تأسيسه. النخبة تغادر الجيش النظامي بشكل جماعي، والشباب غير معنيين بالتوقيع على خدمة دائمة عقب خيبة أمل قاسية مما يحدث في السنوات الأخيرة. المأساة أن الجيش الإسرائيلي يفقد جودة قوته البشرية بوتيرة عالية جداً، والمعنى كارثي.

الجيش الآن في حالة تفكك. بناء الجيش على سلاح جو قوي واستخبارات ووحدات مختارة لا يعطي أي رد في الحرب الحالية، خصوصاً في الحروب المستقبلية. تفكيك السلوك الحالي وإعادة بناء الجيش الإسرائيلي مع قيادة مختلفة، هو وحده يمكنه إنقاذ الجيش وإنقاذ أمن الدولة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.