ميشال عيسى… لاعبُ غولف في ميدان لبنان

20

بقلم ابراهيم ريحان
«أساس ميديا»
من هو السّفير الأميركيّ الجديد في لبنان ميشال عيسى؟ ما الذي دفعَ الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب لاختياره؟ ما هي مهمّته؟ ماذا يعني تعيينه؟
ينتظر السّفير ميشال عيسى انتهاء الإغلاق الحكوميّ في الولايات المُتّحدة ليلتَحِق بسفارة بلادِه في منطقة عوكر شمال شرقي بيروت. لا يشبه عيسى من سبقوه من السّفراء. هو بمنزلة مبعوث خاصّ للرّئيس الأميركي إلى لبنان. لكنّه يُشبهُ تماماً كلّ الذين يختارهم ترامب في تعييناته.
يُحبّ ترامب صنفيْن من النّاس:
الأوّل رجال الأعمال النّاجحون، والثّاني لاعبو الغولف منهم. يجمعُ عيسى الصّفتيْن. هو رجل أعمالٍ رائد، لم يسبق له العمل في السّياسة، مثل مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط ستيفن ويتكوف. لكنّه أيضاً شريكُ ترامب في هوايته المُفضّلة، لعبة الغولف.
لن يكونَ تواصله مع الإدارة عاديّاً. إذ إنّ عيسى من الأشخاص القليلين “المحظوظين” الذين يُمكنهم التّواصل مباشرةً مع ترامب على هاتفه الشّخصيّ. هذه ميزة لم يمنحها ترامب لكثيرٍ من زعماء العالم.
من هو ميشال عيسى؟
ابنُ بلدةِ بسوس في قضاء عاليه. البلدة التي تُجاور منطقة “الجمهور”، ولا تبعدُ كثيراً عن معقلَيْ “الحزب” في قضاء عاليْه، “القماطيّة” و”كيفون”.
قضى “مايكل”، كما يُعرف في واشنطن، طفولته في العاصمة بيروت. هناك بدأت تتشكّل ملامح طموحه المبكر. انتقل منها إلى فرنسا، حيثُ درس الاقتصاد في جامعة باريس العاشرة. لم يكتفِ بالتحصيل الأكاديميّ الأوروبيّ، فانتقل بعدها إلى أميركا حيث حصّلَ دراساته العليا في إدارة المصارف، فاتحاً البابَ لنفسه في عالم المال.
تولّى منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة “نيوتن” للاستثمار عام 2011، بعد سنوات من العمل في الأسواق الماليّة وتجارة العملات الأجنبيّة. هناك بدأ اسمه يلمع كخبير في إعادة الهيكلة الماليّة، وصارَ من أبرز الأسماء في هذا المجال.
لم يكتفِ عيسى بعالم الأرقام والمال. إذ قرّر أن يخوض تجربةً جديدة في قطاع السّيّارات. استطاع أن يحصلَ على وكالات سيارات “بورش” و”أودي” و”فولكس فاغن”. سرعان ما حقّقت شركته مبيعات سنويّة قاربت 35 مليون دولار، قبل أن يعيد هيكلتها ويقسمها إلى ثلاث شركات مستقلّة باعها عام 2010، في خطوة أكّدت خبرتهُ التجاريّة الاستراتيجيّة.
في 2018 اختارته مجلّة “فوربس الشرق الأوسط” ضمن أفضل 35 من قادة الأعمال اللبنانيّين الملهمين، تقديراً لمسيرته المليئة بالتحوّلات والإنجازات.
يهوى ميشال عيسى السّيّارات ولعب التّنس والغولف. هذا ما يُعبّر عن شخصيّةٍ تجمعُ بين الانضباط والدّقّة من جهة، وحبّ المنافسة والتّحدّي من جهة أخرى.
لئن كانَ عيسى يهوى التّحدّي والمُنافسة، لكنّ التحدّيات التي تنتظرهُ في لبنان ستكون مُختلفةً تماماً عن المُنافسةِ في ميدان الغولف والتّنس. هُنا ميادين مُختلفة لا تنفصلُ عن ميادين الشّرق الأوسط من غزّةَ إلى سوريا وصولاً إلى العراق واليمَن.
يعرف السّفير الأميركيّ الجديد تعقيدات الملفّ اللبنانيّ. يعرفُ أيضاً ما هي مهمّته في هذا الملفّ. هو شخصيّاً متابعٌ لكلّ تفاصيل السّياسة اللبنانيّة. لكنّ المُمارسة عن قربٍ ستكونُ حتماً مختلفة عمّا يتابعهُ المراقب عن بُعد.
مهمّة عيسى في لبنان
استبقَ عيسى وصوله إلى لبنان برسائل أرسلها من لقائه بالجالية اللبنانيّة في العاصمة واشنطن قبل أيّام. كانَ أهمّ ما قاله عيسى أنّ “صبرَ المُجتمع الدّوليّ ليس بلا حدود”، وحين يتحدّث سفيرٌ أميركيّ عن “صبر المجتمع الدّوليّ” فهو لا يقصدُ إلّا أنّ بلادَه في مُقدَّم هذا المُجتمع.
قال إنّ “الولايات المتّحدة لن تتسامح مع أيّ واقعٍ يجعل لبنان يسمح لجماعاتٍ تهدّد السلام أو تعادي الشعب الأميركي”. وأعلن أنّ “الولايات المتّحدة وشركاءها مستعدّون لمساعدة لبنان، لكنّ هذه المساعدة يجب أن تترافق مع وحدة وطنيّة ومسؤوليّة”.
هذه الكلمات القليلة تختصرُ مهمّة عيسى الأساسيّة في لبنان، التي توجَز بالآتي:
1- إطلاق مسارٍ تفاوضيٍّ بين لبنان وإسرائيل يُؤدّي إلى إنهاء حالةِ الحربِ على جانبَيْ الحدود، مع ترتيبات أمنيّة لا تنفصِلُ عمّا يحصلُ بين سوريا وإسرائيل.
2- الضّغط على الحكومة لإنجاز نزع سلاحِ “الحزبِ”، وجعل منطقة جنوب نهر الليطانيّ منطقةً منزوعةَ السّلاح، باستثناء سلاح الجيش اللبنانيّ.
3- رهنُ الاستثمارات والعوائد الاقتصاديّة وإعادة الإعمار بمسألةِ السّلاح والمُفاوضات مع إسرائيل، بمعزلٍ عن الشّكلِ الذي ستبدأ به، أكانت مُباشرة أم غير مباشرة. وسيدمجُ في هذه المهمّة خبرته الماليّة والاقتصاديّة مع عنوانهِ السّياسيّ كسفيرٍ للولايات المُتّحدة.
ليسَ من بابِ الصّدفة أن تتزامن مُصادقة مجلس الشّيوخ على تعيين عيسى مع ارتفاع وتيرة الضّغط الإسرائيليّ – الأميركيّ على الحكومة اللبنانيّة في ملفّ التّفاوض مع إسرائيل. السّفير المُعارضِ لـ”الحزبِ” إلى أقصى الحدود، يُريدُ أن يضمنَ إقفال ملفّ الحدود البرّيّة بين لبنان وإسرائيل عبر إعادة تثبيتها، والتّرتيبات الأمنيّة لوقف الاعتداءات الإسرائيليّة، بما ينزع ذرائع “الحزبِ” للإبقاء على السّلاح أو أيّ نشاطٍ عسكريّ على الأراضي اللبنانيّة.
هكذا ينتظرُ لبنان وصولَ “مبعوثٍ جديدٍ لترامب”. لكنّ هذا المبعوثَ سيكونُ مُقيماً ومُتابعاً بشكلٍ يوميٍّ لخطّة العمل التي يحملها لإنجاز مهمّته بدفعٍ من أعلى سلطةٍ سياسيّة في العالم، وهي الرّئيس الأميركيّ دونالد جي. ترامب.
ابراهيم ريحان

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.