حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – البيئة والأوبئة
البيئة في لبنان تتقلص والأوبئة تتسع وتفيض في الفوضى.
ترى ما سر القربى بين بيئتنا وأوبئتنا؟. طبعاً حكوماتنا المتعاقبة.
واستمراراً لهذه القرابة لاحظنا، سواء تم ذلك سهواً أو عمداً، فقد غابت البيئة عن خطاب قسم فخامة الرئيس وعن بيان وزارة دولة الرئيس.
مع أن غياب البيئة عن الخطاب والبيان أخطر الأخطار، فهي تسيئ إذا ساءت إلى السياحة والصحة والإقتصاد. وغلالنا من الخضار والفواكه التي أصبحت مهددة بالسرطانيات. وجبالنا الخضراء التي أصيبت بالصلع بفضل المقالع والكسارات.
قبل أن نخالف الطبيعة، وننسف قوانينها الجيولوجية، وننجح برفع “جبال النفايات”، كانت في بلادنا مسالخ ومصانع. وفي مدننا مطاعم. وفي بيوتنا مطابخ. وفي مستشفياتنا بقايا بشرية… ومع ذلك لم تذكر الأزمنة القديمة خبراً عن أزمة نفايات!.
تذكر تلك الأزمنة، أن أجدادنا تمتعوا، وتمتعنا بعدهم، بهواء عليل. ومياه عذبة. وشواطئ فضية. وشوارع نظيفة. وأرصفة لا تستضيف غير المشاة.
أيامها، لم نسأل كيف حلّت على لبنان نعمة النظافة؟.
اليوم، ماذا حصل؟.
لماذا زلزلت الأرض بزبالتنا؟.
لماذا فرضت على كل دار، جيرة أكياس القمامة، وكيف تمددت الأكياس لسابع جار؟.
لماذا تتشابه روائح الهواء النازل من الجبل، بروائح الهواء الخارج من المطامر؟.
لماذا يسيل لعاب رزم فضلات البيوت والمطاعم على أرصفة الشوارع؟.
لماذا تتحرش الحشرات بأجسادنا، وتحشر نفسها في منازلنا؟.
أسئلة تستولد أسئلة. وأصعبها، لماذا وصل غيرنا إلى “صفر نفايات”، ونحن ما زلنا في “صفر حلول”؟.
والسؤال الأكثر استغراباً، كيف نصاب بهذه المصيبة، رغم أن اللبنانيين، بمعظمهم، “علماء” في تكنولوجيا البيئة النظيفة، باستثناء قلة من الأميين والجهلة؟.
لم يبق “عبقري” لم يطرح خطة للخلاص من معضلة النفايات.
لكن مشكلة “عباقرة الحلول” تكمن في أنه كلما تقدم “عالم” بحله السحري، يبطل “عالم” آخر مفعول السحر بقراءة تعويذات حماية المياه الجوفية، والمحافظة على الخصوصيات المناطقية، التي تخفي خلفها الخصوصيات المذهبية.
وهكذا تدور الزبالة بين “علماء” لبنان… إلى أن تنتهي في عالم المكبات العشوائية.
أما الحكومة المغلوبة على أمرها، فمشاريع حلولها عرضة لرشقات من اللاءات القاتلة.
منها لاءات “المتربص” بالحكومة نفسها. ومنها لاءات “فناص” المجتمع المدني. ومنها لاءات “قناص” عقود اللم والفرز. ومنها لاءات “المتربص” لتأجير أرض لهذا المطمر، بدل الأرض تلك.
ومع اشتداد حروب الزبالة، وتنوع جبهاتها وأهدافها، تتفاقم الأزمة، التي ينفرد بها لبنان دون سواه.
تؤكد دول العالم الثالث، بما فيها الدول الغارقة في حروبها الأهلية، أن “صفر نفايات” ليس سراً من أسرار الدول العظمى. وأنها استنسخت، بأقل التكاليف، حلول الآخرين.
إذاً، الأمر لا يحتاج إلى تدخل مجلس الأمن ليفرض، تحت البند السابع، حق لبنان في الحصول على خارطة الطريق إلى بيئة خالية من الزبالة.
ببساطة، يكفي التعاقد مع خبير من أي دولة نظفت نفسها من المزابل. على أن يضاف، إلى هذا التعاقد، قرار حكومي يتصف بالجدية والحسم والحزم… حينها تستطيع الحكومة أن تقول:
يا شعب لبنان العظيم… النظافة من الإيمان بلبنان.
وليد الحسيني
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.