الجنازة حامية والميت…

54

كتب عوني الكعكي:

هذا المثل ينطبق على الانتخابات البلدية التي ينشغل بها كثير من اللبنانيين.

هذا الاستحقاق يثبت شيئاً واحداً هو أنه مهما اختلف اللبنانيون بين بعضهم البعض يبقى الوصول الى السلطة هدفهم الأول، وهو هدف كل لبناني. ببساطة علينا أن نأخذ مثلاً بلدية بيروت… بالرغم من أن البلدية هي حالة شاذة بين جميع البلديات في لبنان. يبقى هناك من يريد أن يكون رئيساً لبلدية لا تملك أية سلطة لتنفيذ أي قرار.

بغض النظر عن أن بيروت هي المدينة الوحيدة التي يُفرض عليها هذا القرار الجائر. يبقى علينا أن نتعامل معه كما هو حالياً.

هنا أقول إنّ المشكلة بين محافظ مدينة بيروت وبين رئيس البلدية هي مشكلة صلاحيات.

لا أريد أن أغوص في عملية العلاقة بين المحافظ ورئيس البلدية، لأني أرى أن العلاقة يجب أن تكون أكثر من جيّدة مهما كانت الظروف، ومهما كانت الخلافات. لأنّ مصلحة أبناء العاصمة يجب أن تكون أعلى من الخلافات.

الموضوع الأهم في هذه الانتخابات.. هو أننا كنا ننتظر أن يحدث تغيير خاصة بعد حصول ثلاثة زلازل في المنطقة:

الزلزال الأول: اغتيال القائد التاريخي للمقاومة السيّد حسن نصرالله ومعه قيادته من الصف الأول.

الزلزال الثاني: عملية «البيجر» التي أصابت 4000 قيادي في الحزب، وهذه أكبر ضربة يتلقاها الحزب والتي أدّت الى خسارة الحرب الأخيرة.

الزلزال الثالث: سقوط الرئيس الهارب بشار الأسد بطريقة مهينة، إذ استطاع القائد أحمد الشرع خلال 8 أيام إسقاط أهم نظام في المنطقة.

أما بالنسبة للانتخابات البلدية والاختيارية، فإنها مقرونة بأمر آخر لا يقل أهمية عنها. إذ لا يكاد يمر يوم واحد إلاّ وهناك تصريح من «القوات اللبنانية» تدعو فيه الى تسليم سلاح حزب الله.

في المقابل، يكاد لا يمر يوم واحد إلا ويصدر من حزب الله تصريح مفاده إنه لن يسلّم سلاحه..

وهنا أعود الى الانتخابات لأقول: الغريب العجيب.. لماذا وكيف تم الاتفاق بين الحزب وبين «القوات» على وجودهم في لائحة واحدة في انتخابات بلدية بيروت؟ سؤال يحيّر الجميع.

وهنا تساؤل ثالث مهم: أين الزعامة السنّية؟

يبدو أنه ليس هناك زعيم سنّي يستطيع أن يجمع حوله جميع القيادات السنّية.. وفي بعض الأحيان يجمع معها الزعامة المسيحية كما كان يجري في الانتخابات النيابية والانتخابات البلدية السابقة: نحن اليوم نجد تشتيتاً في اللوائح سببه عدم وجود زعيم وطني كبير مثل سعد الحريري يستطيع أن يجمع حوله القيادات السنّية والمسيحية.. ويترأسها، ويكون هو وحده صاحب القرار.

بمعنى آخر: هذه الانتخابات البلدية تشبه الى حدّ كبير الانتخابات النيابية التي حصلت مؤخراً…. إذ كانت النتيجة الكبرى أنه لا يوجد زعيم سنّي يستطيع أن يجمع القيادات السنّية أولاً، والمسيحية ثانياً حوله.

مع الملاحظة: لا أعلم كيف يتفق «قراقيرة مع حزب القوات اللبنانية»، وما هي النظرية من الاتفاق؟

نقطة يجب أن نأخذها بالاعتبار هي: في إحدى البلديات ترى تنافساً حاداً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.. وبلديات ثانية ترى اتفاقاً بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية… وهنا السؤال: متى يتفقون ومتى يختلفون؟

ثم: لماذا يختلفون ولماذا يتفقون؟

هذا يثبت الشعار الدائم وهو: لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل توجد مصالح دائمة.

هذا يعني أنه على المواطن أن لا يستغرب متى يتفقون ومتى يختلفون؟ الأهم أن لا يكون المواطن الصالح مصدّقاً، لأنّ مصلحة الأحزاب فوق كل اعتبار.

أحد المرشحين للانتخابات النيابية دفع 20 مليون دولار ولم يستطع أن ينجّح نائباً واحداً من لائحته، وهذا الإنسان الحالم الواهم لا يزال يفتش عن دور له في الانتخابات البلدية الحالية… ولكن كل ما يحدث ليس سوى أضغاث أحلام.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.