رسائل إلى القادة والسياسيين القواعد النفسية للسلطة

15

الحلقة الحادية عشرة

د. عماد فوزي شُعيبي

نتابع تقديم بعض من النصائح النفسية التي تقدم إلى السياسيين والقاده وكبار الإداريين، ‏ وذلك من خلال بعض ما في كتابنا الخاص: القواعد النفسية للسلطة.

مُتفائل… ولكن واقعيّ

كن متفائلاً بينك وبين نفسك وأمام الآخرين في أحلك الظروف، ولكن لا تُعاند عندما  تواجه أو تتحدّث عن الواقع؛ لأنك يجب أن تُسَمَّه كما هو فعلاً، خاصة أمام المختصين والمستشارين وكبار مساعديك. ولتكنّ إرادتك خلاّقة وفق الواقع، لا حالماً رومانسيّاً بعيداً من الواقع.

العنيد … لا يربح

لا يجب أن نركب العناد؛ وتاخذنا العزة بالأثم؛ لأن العناد إنكار للواقع. قد تربح أحياناً … وبالصدفة ولكن إلى حين. كن صلباً مع الاعتراف بالواقع. يجب ان نتذكر دائماً أن الواقع-كما قلنا في الحلقات الأولى- هو أساس العمل السياسي، لا الرغبات ولا الانفعالات. فالسياسة فن الممكن أي الواقع، وليست ما يجب أن يكون. فثمة فرق كبير بين الصلابة الواقعية والعِناد.

المُصارحة… لا الكشف الكامل

كنْ صريحاً في القضايا العامة وغير الاختصاصية والتي لا تشكلّ سراً للدولة، عندئذ سيرتاح الناس معك، ولكن حذارِ أن  تُصرح عن نواياك أو عن القضايا الاستراتيجية أو عن طريقتك التي تتبعها، لأنك ستخسر هيبة الغموض والأوراق التي بين أيديك، وستخسر عنصر المفاجأة لدى خصومك وأعدائك. باختصار إنها المُصارحة لا التصريح الصادق بالضرورة.

مافي داخلك… لك وحدك

لنتعلّم ألا نُظهر ما في داخلنا على وجهنا! ولكن لنُطِل بوجه بشوش دوماً.

 فالوجه البشوش الذي لا انفعال فيه، سوى الودّ،  يُضيّع الخصوم، ويُخفي ما لدينا، ويمنحنا القدرة على التواصل مع الآخرين بدون توتر.

الصوت… بطبقة القرار

أثّر في الآخرين بطبقة الصوت الهادئة و(بطبقة القرار)، فهما أفضل وسيلة للتواصل والقبول مع الآخرين. لا ترفع صوتك… ولا تستخدم الطبقة الحادّة،  ولا تجعل الأشخاص حاديّ الصوت يجرونك إلى طبقة صوتهم المُوَتِرة. طبقة القرار هي الفائزة دوماً، فهي تريح الأعصاب وتُشعر الآخرين بالثقة وبرصانتك.

حركة يديك … تكشفك

لا ينبغي أن نستخدم حركات اليد المتسارعة أثناء شرحنا وحوارنا، فهذا يُشَتِت الآخرين ويعطيهم انطباعاً بعدم الثقة مما لدينا، وأنه لذلك نحتاج إلى يدينا للإقناع.

التشتيت بالتفاصيل… كطريقة للإقناع

إذا أردت إقناع خصومك بشيء لا يطيقونه؛ شتّت محاوريك الأشداء منهم بالتفاصيل، التي لم يحسبوا حسابها، وتفرّع منها إلى تفاصيل التفاصيل، ولملِّمها بعد مرور الوقت بنتيجة لا يتوقعونها. سيقبلون بها لأنهم سيكونون قد ضاعوا في التفاصيل.

اصطناع التطرّف… مناورة

الفكرة: أن نُناور بأن تُقنع أعداءك بأنك ذاهب إلى ما لا يتوقعونه، وما لست راغباً به أصلاً، أو إلى ما يُشبه الجنون، وبما يخالف مصالحك … وطبعاً لاتفعل. (كان موشي شاريت وزير خارجية إسرائيل يقول لبن غوريون عام 1956 علينا أن نتصرف وكأننا مجانين، عندئذ سيحذرنا الجميع بمن فيهم حلفاؤنا ويأتون لاسترضائنا.)

ستشتت انتباههم إلى حين، فتكسب الوقت ريثما تنفذّ ما تريد.

الوفاء… بما لا يُضر

الوفاء قيمة محض اجتماعيّة. ولكن في العمل السياسي يكون الوفاء بما لا يُضر مصلحة الدولة ولا يشكل خطراً. إنه ضروريّ للغاية لأنه يقلّل العداء ويخفف من نقاط الاختراق، ويعطي مِسحةً إنسانيّة يفتقدها الآخرون … فالبشر تحب الوفاء، حتى وإن لم تكن وفيّة.

البشر… بكل احترام: أدوات

‏كما قالت النظرية الأداتية وشرحناها في حلقة سابقة؛ البشر أدوات في العمل العام. ولكن الأدوات تقسم إلى ثلاث:

– (تُروْسٌ) وأجهزة في ماكينة العمل

– وعدّة شغل وصيانة Tools) )

–  وعابرون (Tissues) !!!

 فلا  تعامل كل مساعديك على أنهم عابرين. اعتنِ بالتروس وعندما تستبدلهم أكرمهم وحافظ على مكانتهم. وقيّم عدة الشغل جيداً. ولا تحتقر العابرين منهم، بل بالعكس أشعرهم بمكانتهم.

حاذر النُقّاد المتأففين

أكثر أعدائك المستقبليين هم كثيرو الانتقاد والتأفف. لا تهملهم، فهم أعداء كامنون. ضعهم في مكان عملي ليروا الواقع بصعوباته.

الاستقرار ليس أبديّاً

لا تركن إلى أن الاستقرار هو حليفك المؤبد. فمن مأمنِه … يُؤتى الحذر.

 إن أكثر الذين فوجئوا بتدهور السلطة، هم أولئك الذين لم يروا (البجعة السوداء)؛ أي الحوادث اللامتوقعّة خلف الاستقرار، رغم أن كلّ مؤشراتها كانت موجودة، لكن البشر يطمئنون إلى ما ألفوه ولا يرون ما يتجاوز الذي اعتادوه.

حاذر أثر الفراشة

إذا أردتَ تجنّب مفاجآت غير محسوبة، ركِّز دوماً على ما هو كامنٌ ومؤذٍ في لوحة حياتك السياسية، ولكنه ليس بارزاً كثيراً  على السطح. فبعض التفاصيل الصغيرة قد تتحول إلى [أثر الفراشة] وهو ما يعنى أن وقائع صغيرة تؤدي إلى أحداث كبيرة.

احذر الصفحة البيضاء

لنحذر طيّ صفحة من كان قبلنا، بإلغاء أدوار (جميع) من كان في المؤسسة السابقة؛ لأن هذا سيخلق ضغائن ستفجر لاحقاً. إن البشر أدوار وفقا للنظرية الوظيفية. ولا أحد يستطيع أن يلغي كل الأدوار. حتى وإن غرك إمكانية أن تفعل. نلاحظ أن الرئيس ترامب مثلاً  رغم أنه يريد تغيير الدولة العميقة، إلا أنه لا يغير جميع الأدوار، إنه يلغي فقط  دور تروس الدولة العميقة!

الإجابات… ليست إلزاميّة

لا تَخْضع للأسئلة التي تُوِجَه إليك، ولا تشْعر أنك مُلزم بأن تجيب عنها. إذ يمكنك أن تجيب عن السؤال بسؤال آخر، أو أن تكون ثقافتك فرصة لتقديم جواب هو بحد ذاته سؤال

مهما كان الوضع… لا تُقرّب بخيلاً!

 مهما كانت طبيعته (وبعض البشر ينشؤون هكذا بطبيعة خاصّة!!!)؛ لا تُقرّب منك بخيلاً أو من يحثّك على البخل… فهنالك أشخاصٌ بخيلون وإن بوسائل أخرى: يعرقلون العمل، ويتمسكون بالنصوص لا بروحها، أو يرفضون التغيير ويخشون منه…

المُقلِّد ببغاء لك ولغيرك

لا يجب أن يُوثَق فيمن يقلّدنا ويظهر كصورة بالكربون عنّا. هذا شخص منافق. وسيتلوّن تماماً لصالح الآخرين بنفس الطريقة.

لا تُقاطع… كي تعرف المَخفي

لا تُقاطع من تستمع إليه، ولا تستنتج وجهة نظره الخفيّة بنفسك علانيّة.  دعه يصرّح ما أمكن واستفد من زلاّت اللسان، وتعثراتها التي تمرّ كلما تكلّم أكثر، فكلاهما تعبير عما يخفيه أو يخشى منه.

شؤونه الشخصية موضع اهتمامك

بادر من يأتيك بزيارة للحديث عن شؤونه وقضاياه والاهتمام بها وبصحته وبأقاربه وأسرته لإضفاء نوع من الحميميّة الشخصيّة التي ستكون فاتحةً إيجابيّة لأي حوار. وإن تطلب الأمر التدخّل لمساعدته، لا تُوَفَّر الفرصة.

انتقادك … فرصة

تعامل مع النقد الموَجه لك على أنه فرصةٌ لتتعامل مع عيوبك. فإذا لم تجده صائباً ولا يتطابق معك فضعه في “قائمة حساباتك” حتى لا تقع فعليّاً فيه. وتعامل مع مقدّمه على أنه يقدّم لك خدمة جليلة. وإن قدّم هذا النقد بطريقة غير مُناسبة أنّبه على الطريقة، وليس على النقد.

طالبُ الولايةِ الكُفْء… يُولّى!

قاعدة (طالب الولاية لا يُولّى) كانت مُناسبةً في العصور الوسطى؛ لأنه طموح وقد يطمح إلى مكانك. ولكن في عصرنا هذا إذا وجدت فيه الكفاءة اللازمة، فادفعه إلى ما يحب، لأنه سيقدم أقصى طاقته و سيرتد الأمر للدولة. لا أحد يُخلّد في مكانه. ولا تخشَ ممن هو واضح الطموح، اعطه فرصة تحت إشرافك، واخشَ من المنافق والذي يبطن ما لا يُظهر.

د. عماد فوزي شُعيبي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.