نصراوي “للشرق” قرار رفع أسعار المحروقات قراراً خاطئا ، يضعف فرص القطاع الصناعي في التصدير

اسعار النفط تقفز،هل نشهد زيادات جديدة متتالية في المحروقات

22

كتبت ريتا شمعون

أقرّت الحكومة اللبنانية مؤخرا قراراً قضى برفع سعر المحروقات من خلال زيادة ضريبة مباشرة، برّرت ذلك، بالحاجة الى تأمين تمويل مستحقات العسكريين والمتقاعدين، وبالإستناد الى أرقام الإستيراد للعام 2024، يتوقع أن تجبي نحو 392 مليون دولار سنويا من الضريبة التي فرضتها على أسعار الينزين والمازوت.
ويمكن جباية نحو 250 مليون دولار من إيرادات هذه الضريبة في الأشهر الستة المقبلة بين حزيران وكانون الأول 2025، وهي الفترة التي تشهد ارتفاعا ملحوظا في استهلاك المحروقات بسبب تدفق المغتربين لزيارة أسرهم وتمضية عطلات الصيف وبسبب الأنشطة السياحية.
هذه الضريبة ليست جديدة، سبق أن لجأت اليها الحكومات المتعاقبة مرّات عدة في مراحل سابقة، الجديد هنا، أن قرار مجلس الوزراء أوعز بتطبيق التسعيرة الجديدة بشكل فوري، وتمّ إصدار جدول جديد للأسعار عشية الجلسة الوزارية، وعلى عكس الانطباع السائد أن هذه الضريبة هي الوحيدة التي تتقاضاها الدولة على المحروقات، فإن جدول تركيب الأسعار للمحروقات السائلة الذي تحدده وزارة الطاقة والمياه يضمن أصلاً حصول الدولة على ضرائب قائمة تساوي 9.91 % من السعر النهائي للمستهلك، بالتالي فان الضريبة المستحدثة هي ضريبة إضافية ستجنيها الخزينة الى جانب الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 11% ورسوم المعاملات الجمركية ورسوم الإستهلاك الداخلي.
أما التعامل مع المازوت بنفس الأسلوب الذي نتعامل فيه مع البنزين يدلّ على أن هناك خفة في التفكير الإقتصادي، فالمازوت يعني كهرباء، مياه، نقل بضائع، زراعة مصانع وشركات، فالقطاع الصناعي على سبيل المثال، الذي يعتمد في شكل شبه كامل على المازوت لتأمين الكهرباء في ظل انقطاع مزمن من مؤسسة كهرباء لبنان سيواجه ارتفاعا مباشرا في كلفة الإنتاج.ما يهدد قدرته التنافسية ويضعف فرصه في التصدير.
هذا القرار وعلى اهمية أهدافه المعلنة، لا يمكن عزله عن تداعيات حرب اسرائيل-إيران حيث قفزت أسعار النفط بأكثر من 12% ، إذ تخشى السوق تصعيدا في المنطقة واضطرابات كبيرة في إمدادات النفط مما يعيد تشكيل مزاج المخاطرة في الأسواق لحظة لحظة، فكيف سيتأثر لبنان؟
في اي حال،وبعيدا عن توتر الأسواق العالمية على وقع الحرب، نعود الى الضريبة التي فرضت في لحظة اقتصادية حرجة أيضا، فجرت موجة غضب واعتراضات واسعة لدى مختلف القطاعات الإقتصادية والخدماتية، حيث اعتبر نائب رئيس جمعية الصناعيين في لبنان جورج نصراوي، أن قرار رفع الرسوم على المحروقات غير المدروس قراراً خاطئا لا يتماشى مع الأهداف أو لا يأخذ في الإعتبار التداعيات السلبية .
ويقول نصراوي، في حديث لجريدة” الشرق” قبل فرض المزيد من الضرائب المطلوب استثناء القطاع الصناعي من الرسوم الجديدة على المازوت كونه مادة حيوية وأساسية في تشغيل الآلات الصناعية، بالتالي فإن أي زيادة على سعر هذه المادة ستنعكس تلقائيا على كلفة الإنتاج وتؤدي الى رفع أسعار المنتجات الوطنية وتخفيض قدراتها التصديرية.
وتابع، قد تكون هذه الضريبة مبرّرة في نواياها، لكنها تفتقر الى العدالة في نتائجها، وهو ما دفع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام والصناعيين في لبنان الى اطلاق موجة تحذيرات واعتراضات في سلسلة اجتماعات، لإلغاء هذا القرار أو لعودة الحكومة عن الضريبة التي أقرتها على المازوت والبنزين لتمويل الزيادات للعسكريين، والتي تعتبر أن القرار خطوة غير مدروسة ومجحفة تأتي على حساب ما تبقى من القدرة الشرائية للمواطنين وللقطاعات الإنتاجية.
وينصح نصرواي ، ببدائل ضريبية مثل مكافحة التهرب الضريبي والجمركي والمؤسسات غير الشرعية، وزيادة الرسوم على الأملاك البحرية التي من شأنها ان توفر ملايين الدولارات سنويا، وتمكن من تحسين الرواتب وتساعد الدولة على تقديم الخدمات الاجتماعية ، لكن المشكلة في البلد أننا نواجه صعوبة في الرؤية عند البحث في الملفات، هذا قد يشير الى قصر النظر في ايجاد الحلول عند المسؤولين، مشيرا الى أن الزيادة على اسعار المحروقات ستؤدي الى ارتفاع عام في الأسعار واستغلال إضافي من قبل التجار في بلد يفتقر الى الضوابط الرقابية على التسعير.
كما تطرق نصرواي، الى التحديات التي تواجهها الصناعة اللبنانية، قائلاَ: نعم من التحديات الرئيسية التي تواجه الصناعة اللبنانية هو ارتفاع المنافسة من دول الجوار، يرجع هذا الى عدة عوامل، منها إنخفاض تكلفة الإنتاج في تلك الدول، وقدرة الدول المجاورة على الوصول الى اسواق عالمية أسهل من لبنان، على سبيل المثال، إن تكلفة إنتاج الكيلو وات ساعة في مصر تبلغ 5 سنت دولار، بينما في لبنان أن تكلفة إنتاج الكيلو وات ساعة في لبنان تبلغ 40 سنت دولار، من شأنها أن تحجم صادراتنا.
وقد بلغت صادرات لبنان حوالى 4 مليارات دولار في السنوات الماضية، فبعد ان وصلت الى 4.5 مليار دولار، عادت لتتراجع الى 3 مليار.
نصرواي، استصعب أن يصل حجم التصدير هذا العام الى 3 مليار دولار ، خصوصا أننا بتنا في منتصف العام 2025، والتحديات لا تزال نفسها، لناحية ارتفاع كلفة الإنتاج نتيجة ارتفاع كلفة الطاقة، مشددا على ضرورة تخفيض كلفتها على الصناعيين على غرار دول الجوار، كتركيا ومصروسوريا ، متوقعا تراجعا في الصادرات اللبنانية.
وأضاف: قبل ان تبدأ الحكومة في التفكير باتخاذ أي قرار ضريبي ، لا بدّ من اتخاذه بالتأني والدراسة المعمقة والنظر في أبعاده وتداعياته فلا يكون هشا سريعا، وأن تكون حريصة على التواصل مع الهيئات الإقتصادية في إطار الشورى مع الطرف الإقتصادي المعني بالملف.
ويرى نصراوي، أن استسهال فرض ضريبة على المحروقات، ينذر بعودة ناشطة للتحركات الشعبية الاعتراضية بفعل العجز القائم أساساً في مداخيل القطاعين العام والخاص جرّاء الأزمات الاقتصادية والمالية ، مؤكدا أن رفع أسعار المحروقات جاء بتوقيت بالغ الصعوبة، ليزيد الضغوط على الاقتصاد الانتاجي.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.