ماذا يريد نظام الملالي من إيران؟

24

كتب عوني الكعكي:

نظام «الملالي»، الذي كان طوال الـ49 عاماً المنصرمة، يسرح ويمرح وحده على حساب الدماء والمصالح العليا للشعب الإيراني وشعوب المنطقة، وكان يرتكب الجرائم والمجازر المروّعة بحقها، وقد تمادى أكثر فأكثر، صار اليوم في ورطة بعد قصف الولايات المتحدة لمنشآت إيران النووية وحرب الاستنزاف التي تبدو طويلة بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل.

لقد فضحت الأحداث التي تجري اليوم في المنطقة، أكاذيب هذا النظام وخدعه، ومدى الخطورة التي مثّلها ويمثّلها على السلام والأمن والاستقرار على شعبه وعلى المنطقة كلها.

كما فضحت هذه الأحداث أيضاً سجله الأسود ضد الشعب الإيراني، وأظهرت موقفه ووضعه الحرج، لا سيما بعد الأصوات الداخلية والخارجية التي تركّز على مدى الخطورة التي يشكلها بقاء واستمرار هذا النظام. وفضحت شعاراته: أميركا الشيطان الأكبر وإسرائيل الشيطان الأصغر، والموت لأميركا.. كما فضحت مقولة «فيلق القدس» وتحريرها.

وللتأكيد على ما ذهبت إليه في مقدمتي هذه، أعود الى ما فعله هذا النظام بالشعب الإيراني نفسه فأقول:

«تعيش إيران حالة من الانهيار الاقتصادي غير المسبوق. إذ يعاني أكثر من نصف الشعب الإيراني من الفقر، وهذا ما يترجم الى 40 مليون إيراني يعيشون في ظروف معيشية قاسية، إضافة الى عشرة ملايين شخص انضموا في هذه الفترة بعد العقوبات الى دائرة الفقر أيضاً.

والوضع الاقتصادي الذي لا يبدو أنه يشهد أي تحسّن، يفاقم من الأزمات الداخلية التي تغذي الاحتجاجات الشعبية على تدهور الحياة المعيشية.

ومن أبرز المؤشرات على تدهور الوضع الاقتصادي الإيراني، انهيار قيمة العملة المحلية. فقد شهد الريال الإيراني تراجعاً حاداً ليصبح من أضعف العملات في العالم. حيث قفز سعر الدولار من 60 ألف تومان في تموز (يوليو) 2024 الى 93 ألف تومان. ما يعني أن الريال فقد أكثر من 54 بالمائة من قيمته في آخر 16 شهراً.

هذا الوضع زاد من معدلات التضخم ورفع أسعار السلع والخدمات بشكل حاد، مما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأسر الإيرانية.

إلى ذلك، أدّت العقوبات المفروضة على إيران الى شلل شبه كامل في صادرات النفط الإيراني، حيث تعهدت الولايات المتحدة بتصفير صادرات النفط الإيراني. ورغم محاولات الالتفاف على العقوبات من خلال تعزيز العلاقات التجارية مع روسيا والصين، إلاّ أن الوضع يتحوّل من سيّئ الى أسوأ.

إضافة الى ما تقدّم، فإنّ قمع الحريات في إيران، ومحاولات كتم الأصوات المعارضة، جعل الحلول الممكنة غائبة تماماً.

وَلأعُد بالذاكرة الى ما فعلته إيران في كل من سوريا والعراق، فقد كنت إيران وسوريا بشار حليفين في الحرب الأهلية السورية، بما في ذلك الدعم اللوجستي والتقني والمالي وإرسال بعض القوات المقاتلة الإيرانية الى سوريا. وأخيراً تخلّت إيران عن سوريا بشار، وبدأت مساومات واتصالات مع النظام السوري الجديد… متناسية مبادئها ومتجاهلة ما دفعته من أموال لبشار ونظامه من دم الشعب الإيراني.

أما في العراق، فإنّ إيران حاولت بعد الحرب العراقية – الإيرانية (في عهد صدّام حسين) والتي أطلقت عليها «الدفاع المقدّس» من شهر أيلول عام 1980 وحتى آب 1988، وكان سببها الرئيسي التشييع، وفكرة لبس الأكفان في الحروب للذهاب الى الجنة. هذه الحرب التي خلفت نحو مليون قتيل وخسائر مادية بلغت 400 مليار دولار أميركي، أقول: إنّ إيران حاولت الهيمنة على العراق من خلال أذرعها وميليشياتها هناك، مما أفقر شعبها هي وشعب العراق، فعاش الشعبان في أتون العوز والفاقة والحرمان، وتسبب الموقف الإيراني بإضعاف الاقتصادين الإيراني والعراقي على حدّ سواء.

أما مساندة ودعم إيران لحزب الله اللبناني، فقد أدّت هذه المساندة وهذا الدعم اللامتناهي الى تخريب لبنان من خلال ما أقدم عليه حزب الله من مساندة لغزة وحروب، لو كان الحزب يعلم ما آلت إليه لما أقدم على شنّها. كما ساهم الدعم في القضاء على مخزون المال الإيراني، ما أوقع إيران في عوز وفاقة كانت في غنى عنها، وأثبت بطلان نظرية «بيع بيوت في الجنة».

والأمر نفسه يسري على دعم حركة «حماس» في غزة والحوثيين في اليمن وحدّث ولا حرج.

أما في وضعنا الحاضر، فإني أذكّر بالتنبيهات التي قدّمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى نظام الملالي… وإفهام هذا النظام أن لا تخصيب لليورانيوم في إيران… وأنّ محاولات التخصيب ستؤدي الى كارثة تعود على إيران بالويل… وها نحن اليوم نعيش أثر الضربة الأميركية على المفاعلات النووية الإيرانية. ولا تزال نصيحة ترامب بعودة إيران الى طاولة الحوار وتوقيع اتفاق جديد، مفاده أن لا تخصيب لليورانيوم أبداً في إيران.

أختم لأقول: إنّ كلّ ما فعله نظام الملالي، عاد بالويل على الشعب الإيراني وشعوب المنطقة… فهل يعود هذا النظام، ليُغلب الحوار على منطق الحروب التي برهنت عدم صوابيتها، ويترك إيران وشعبها وشعوب المنطقة كلها تعيش بأمان واستقرار؟

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.