شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – «تهتمين بأمور كثيرة أمّا المطلوب فواحد»

31

ما يُدار على الساحة اللبنانية والإقليمية له هدف مركزي استراتيجي واحد، وأمّا الحراك كلّه، بشقيه العسكري والديبلوماسي، فهو من «ضرورات» التوصل الى هذا الهدف.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد أن ينتهي حراكه في الشرق الأوسط، في هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة، الى تحقيق «السلام» بين إسرائيل وجيرانها. والتطورات كافة تُجرى تحت رعايته. وما سوى ذلك ليس سوى أساليب متنوعة، بعضها سريع الفاعلية، مثال التطورات الخرافية التي شهدتها الساحة السورية، وبعضها الآخر متوسط الأمد في مفاعيله، مثال تداعيات الحرب المزدوجة على لبنان وإيران، وبعضها الثالث في المدى الأبعد وهو السلام ثم التطبيع بين إسرائيل وسائر البلدان العربية التي لم تُقِم بعد علاقات ديبلوماسية مع العدو الإسرائيلي.

وعليه فإن مسألة تخلي حزب الله عن سلاحه (وعلى صعيد شخصي نرفض استخدام عبارة «نزع السلاح»، لأن محاذيرها بالغة الخطورة) تدخل في إطار التمهيد للسلام بين لبنان والكيان المحتل. علماً أن الرئيس ترامب لا يخفي هذا الهدف، والعكس صحيح، وهو يعتز به، وكما قلنا في عجالة أمس، فهو يردد نهاراً جهاراً مقولته الشهيرة: «السلام بين إسرائيل وجيرانها».

ولكن الذين يستعجلون تخلي الحزب عن سلاحه لهم منطقهم المنطلق من نتائج حرب المساندة والمشاغلة، وجوهره إثنان: الأول أن السلاح أدّى الى نتائج كارثية. والثاني أن التحذيرات الأميركو/إسرائيلية واضحة وصريحة ومباشرة: اذا فشلت السلطة اللبنانية في التوصل الى «تجريد» حزب الله من سلاحه فإن الاحتلال سيستأنف الحرب بضراوة أشد خطورة مما شاهدناه وعشناه قبل وقف القتال. والأكثر بشاعة أن التلال الخمس التي لا يزال الإسرائيلي يحتلها سيُلحقها بأراضٍ شاسعة ومناطق عديدة، ولن يكون ثمة أمل في إجلائه عنها، لا سيما أن الولايات المتحدة الأميركية ستدعمه من دون حدود، لأن الأمر سيصبح «شخصياً جداً» بالنسبة إليه.

طبعاً لم يفتنا الكلام على المصالح السياسية المباشرة سواء أبالنسبة الى موقف الحزب حول التمسك بالسلاح، أم بالنسبة الى خصومه الذين يستعجلون أن يروه من دون سلاح، فلقد تعمدنا ذلك، فالأسباب والدوافع والأهداف السياسية، وكذلك الانتخابية واضحة وتكاد أن تكون مكشوفة على الملأ، وبالتالي تجاهلناها قصداً وعمداً…

وفي عودة الى إصرار الرئيس ترامب على تسريع الجواب اللبناني على الورقة الأميركية، نستحضر من الكتاب المقدس، العهد الجديد كلام السيد المسيح له المجد لتلك المرأة: «مرتا مرتا، تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد».

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.