أين اختفى المرشد علي خامنئي خلال 12 يوماً؟؟
كتب عوني الكعكي:
منذ اندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران، اختفى المرشد الأعلى علي خامنئي عن الأنظار، خشية اغتياله مثل الكثيرين من قادة الحرس الثوري. لكنه ظهر بعد الحرب في التاسع من محرم في ذكرى عاشوراء خلال حضوره فعالية دينية بهذه الذكرى الأليمة.
وخلال الحرب التي استمرت 12 يوماً… أفادت وسائل إعلام إيرانية بأنّ خامنئي لجأ الى مخبأ سرّي مؤمّن، خشية اغتياله أو إصابته في أي هجوم إسرائيلي، ليختفي منذ ذلك الحين حتى ظهر علناً ليلة عاشوراء.
وظهر خامنئي في لقطات بثّتها وسائل إعلام إيرانية، بين حشد كبير من أنصاره، وهم يهتفون له بعد قدومه لحضور مراسم العزاء في حسينية الإمام الخميني بمناسبة عاشوراء.
قد يستغرب القارئ التطرّق الى هذا الموضوع، وربما أثار بعض التساؤلات عن أسباب اختفاء المرشد الأعلى. وهنا لا بدّ من الإشارة الى النقاط التالية:
أولاً: يستمد نظام الجمهورية الإسلامية في إيران هويّته من نيابة المرشد الأعلى عن الإمام المهدي.
ثانياً: هذا المنصب يتطلب علنية حضور المرشد… هذه العلنية هي من صُلْب عمل النظام وجزء جوهري من بناء الهيبة وصناعة الشرعية.
ثالثاً: يُعتبر الظهور العلني عملية تجسيد للاتصال المستمر بين العالم الأرضي وبين عالم الغيب.
رابعاً: من أجل ذلك أثار اختفاء المرشد الأعلى الريبة والقلق والتساؤل، فهو لم يظهر علناً إلاّ في 5 تموز الجاري بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على اندلاع الحرب في 13 حزيران، حيث شارك في عزاء عاشوراء في طهران لينقل الطقس العاشورائي من لحظة اللاهوتية الى طقس تعبئة يمزج القومي بالديني.
خامساً: إشارة الى أنه لا شيء يداري الخسارة التي وقعت على إيران إلاّ إحالتها الى نوع من ملحمة كربلائية معاصرة.
سادساً: المقصود من هذا الظهور في العزاء العاشورائي عملية إفهام الايرانيين أن ما جرى في الحرب، ليس سقوطاً عسكرياً، بل لحظة تفوّق أخلاقي وعقائدي بصرف النظر عن معطيات الواقع المعاكسة.
سابعاً: طيلة فترة اختفاء المرشد الأعلى… اقتصر حضوره على ثلاثة فيديوهات مسجّلة بثّها التلفزيون الرسمي من مواقع غير معلنة.
ثامناً: نذكّر بما قاله الرئيس دونالد ترامب حين طلب من المرشد الأعلى شكره لأنه يعرف مكانه ولم يقتله، اعتمد المرشد الأعلى فيها نبرة تحدّ واضحة لأميركا وإسرائيل.
وإن كان الضعف الجسدي في إحداها ظاهراً بوضوح، فصورة القوّة والسيطرة التي لطالما ميّزت شخصيته العلنية تراجعت لمصلحة حضور بطيء ومتثاقل… يُظهر علامات تدهور لا تخطئها العين.
إنّ هذا الاختفاء لم يكن جديداً في محور الممانعة والمقاومة، فالراحل شهيد فلسطين أمين عام حزب الله الأسبق حسن نصرالله، اختفى عن الأنظار بعد حرب تموز 2006، ولم يظهر في أكثر من مناسبتين أو ثلاث. كذلك الحال بالنسبة لعدد كبير من قادة وميليشيا الحوثي وغيرها من قادة الميليشيات التابعة لإيران.
وبالتأكيد، فإنّ خامنئي حرص على أن يكون ظهوره في عاشوراء، في طقس ديني رسمي مشحون بالعاطفة والتاريخ، وهو اختيار مدروس بعناية.
ومن الملاحظات المسجلة في يوم الظهور هذا، مشاهدة المرشد وهو يهمس في أذن «الرادود» أي الشخص الذي يُنشد المراثي الحسينية، طالباً أشياء معيّنة ومحدّدة، لينقل الطقس العاشورائي من لحظته اللاهوتية الى طقس تعبئة يمزج القومي بالديني.
لكن اللافت هذه المرّة أنّ محاولة الاحتماء بعاشوراء أكدت ما يحاول الخطاب السياسي الإيراني إخفاءه، والظاهر بكل وضوح أن الجمهورية الإسلامية في إيران، لئن اتكأت دوماً على الرموز، فإنّ هذه العملية فقدت فعاليتها. فإيران مُنهكة، وتغلي باحتجاجات متعددة من الأوضاع السائدة هناك. فالإيرانيون باتوا يعانون العوز والحرمان، وباتوا تحت خط الفقر.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.