شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – العصا حصة لبنان وأمّا الجزرة فلإسرائيل
عندما استشهد توما البرّاك بالمثل السائر الشهير عن الجزرة والعصا تبين أنه لا يمارس في مساره اللبناني وزياراته إلينا إلّا الشق المتعلق بالعصا، أما الجزرة فتستأثر بها إسرائيل.
ومن المعلوم جداً أن هذا الواقع ليس جديداً على الإطلاق في تاريخ العلاقات الأميركية مع مغتَصِبي فلسطين، ومن نافل القول تكرار ما تقدمه واشنطن للإسرائيلي ليس لأنه كثير جداً وفوق القدرة على تعداده فحسب، إنما كذلك لأنه معروف من الجميع.
والواضح أن موفد الرئيس الأميركي الى سوريا ولبنان يضع العصا في غلاف من حرير بتكرار إشادته بالشعب اللبناني، وترداد مقولة «الحرص الأميركي على لبنان ومصالحه»، بما يقوم به أهل السلطة في لبنان وإشادته بهم، ولا سيما بالتهديد الكبير في معرض النصائح والغيرة على لبنان.
ولا يُخفى على أحد أن التحرج الذي يضع دونالد ترامب لبنان أمامه، عبر توما البرّاك، يأتي بمثابة إلقاء قنبلة، وهو نزع السلاح من دون تقديم أي ضمانة، ولو مجرّد وعد، إنما بإنذار مباشر: حلّوا مشاكلكم بأنفسكم وتحملوا مسؤوليتكم، ونحن لا نتدخل في شؤونكم، وفاته أن يضيف: «ولقد أعذر مَن أنذر»!
ولا يصدّق أحدٌ بين الثمانية مليارات بشري أن الأميركي (لا سيما دونالد ترامب) لا يستطيع أن يمون على بنيامين نتنياهو ببدء انسحابٍ تدرّجي من التلال الخمس مع رفع منسوب تطبيق حزب الله المطلوب منه في قضية السلاح وسواها.
صحيح أن مسألة تخلّي الحزب عن سلاحه تلاقي شبه إجماع لبناني خارج بيئة الحزب، ولكن التأخر في التوقيت لا يتحمل المسؤولية عنه حزب الله وحده، ولا السلطة اللبنانية التي يضعها برّاك في «بيت اليك»، إنما كذلك العدو الإسرائيلي وقبله ومعه وبعده الأميركي الذي «يزرك» لبنان في الزاوية ولا يراعي له أيّاً من مندرجات الموقف الحسّاس، كما لا يقدم له سوى الوعود الملغومة البرّاقة.
يحدث هذا في وقتٍ تتراكم التحديات وتكثر الصعوبات على صعيد المنطقة، بدءاً من الوضع السوري المهزوز، الى أزمة أوكرانيا التي يبدّل ترامب موقفه من مجرياتها ومن نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كل طلوع شمس… كي لا ننسى التوتر على الحدود اللبنانية – السورية لا سيما الشرقي منها، وما يترتب على ذلك من مخاوف مشروعة هنا وهناك وهنالك!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.