بارّاك – برّي: خطّ مفتوح ومفاوضات تحت النّار
بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
نجح رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بحرف المفاوضات مع المبعوث الأميركي توم بارّاك إلى المكان الذي يريد. وما يريده برّي لا ينطبق مع عمل اللجنة الرئاسية الثلاثية التي عملت على الورقة التي قدّمها بارّاك منذ أكثر من شهر، وكانت فيها مهلة زمنيّة تمتدّ إلى أربعة أشهر لوضع آليّة حصر السلاح بشكل كامل بيد الدولة اللبنانية والبدء بتنفيذها، وإنجازها قبل نهاية العام. في مفهوم برّي وخلفه “الحزب”، كلّ ما حصل منذ أن بدأ بارّاك مهمّته هو بحكم الساقط لأنّه يعتبره صكّ استسلام أقسى من اتّفاق وقف إطلاق النار.
في الساعات الأخيرة، قدّم برّي في لقائه بارّاك مقترحاً هو مجموعة أفكار ستشكّل في المرحلة المقبلة أساساً لاتّفاق قد يجنّب لبنان جحيم التصعيد المقبل.
تقصّد الرئيس برّي أن يكون لقاؤه مع توم بارّاك يوم الثلاثاء، ليس لأنّه “يتغنّج” على الأميركيّين، بل لأنّه حاول في ساعات ما قبل الاجتماع إنضاج مقترح يكون نقطة تقاطع بين “الحزب” وواشنطن ومن خلفها تل أبيب. وفيما كانت بعبدا تطالب بضمانات مقابل ذهاب الدولة إلى حصر السلاح، سبقت عين التينة الجميع خطوةً إلى الأمام، وأعدّ الرئيس برّي مجموعة أفكار ضمن مقترح يرتكز على اتّفاق وقف إطلاق النار. فعين التينة تدرك أنّ لبنان بكلّ ما فيه من مكوّنات، وتحديداً المكوّن الشيعي، مقبل على انهيار تامّ إذا لم يقف أحد ما ويمسك العصا من النصف محاولاً إنقاذ ما بقي من البلد.
ماذا فعل برّي؟
في معلومات “أساس” أنّ الرئيس برّي طرح أمام بارّاك حجم الانتهاكات الإسرائيلية تاريخيّاً، وتحديداً بعد اتّفاق وقف إطلاق النار، واقترح عليه العودة إلى الاتّفاق الذي حصل بعد الحرب، وفيه تبادل خطوات بين لبنان وإسرائيل بدءاً من انسحاب الأخيرة من عدد من النقاط وصولاً إلى وقف الغارات، للذهاب إلى حصر السلاح جنوب وشمال الليطاني.
تقول مصادر دبلوماسية إنّ هذا المقترح سبق أن اقتُرح منذ أن كانت مورغان أورتاغوس مبعوثة أميركية خاصّة بلبنان، وبدأ تنفيذه في شهر آذار بإطلاق سراح خمسة أسرى من الذين اعتقلتهم إسرائيل في الحرب.
عودة برّي هذه إلى المقترح تلاقي إرادة “الحزب” الذي يرفض النقاش في أيّ اتّفاق جديد، مطالباً بالعودة إلى اتّفاق وقف إطلاق النار. أمّا بارّاك، بحسب معلومات “أساس”، فقد تجاوب مع برّي وعاد مع السفيرة ليزا جونسون مساء الثلاثاء إلى عين التينة بعد انتهاء العشاء في دارة النائب فؤاد مخزومي، والتقى مع مستشار برّي علي حمدان وجرى استكمال النقاش في الأفكار التي طُرحت صباحاً، على أن يُستكمل التواصل بعد انتهاء زيارة بارّاك للبنان.
“الحزب”: استعداد للتّصعيد
ولا تصادم مع الدّولة
حرص هذه المرّة “الحزب” على تسمية قناتَيْ “العربية” و”الحدث” في البيان الذي أصدره لنفي ما تمّ نشره عن نيّة “الحزب” التصادم مع الدّولة ورفضه تسليم السلاح. شكّلت الأخبار التي انتشرت صباح الأربعاء هاجساً حقيقيّاً للّبنانيّين بعودة الحرب. قالت مصادر مقرّبة من “الحزب” لـ”أساس” إنّ “الحزب” يواكب المسار الذي يقوده برّي مع بارّاك عن كثب، وإنّه مطّلع على كلّ جديد فيه، ويدعم التوصّل إلى اتّفاق يعيد لبنان إلى مربّع اتّفاق وقف إطلاق النار.
في المقابل، يدرك “الحزب” أنّ هذه المفاوضات لن تحصل بعيداً عن التصعيد الإسرائيلي المستمرّ على لبنان. وتقول مصادر مقرّبة منه إنّه يستعدّ لفترة مقبلة ستكون حسّاسة أمنيّاً، بدءاً من شهر آب المقبل. وهذا يتقاطع مع ما قاله بارّاك في مقابلته مع قناة “الجديد” من أنّ واحدة من المهل الموضوعة للبنان هي في بداية شهر آب.
وفق مصادر دبلوماسية، هذا لا يعني أنّ شهر آب سيحمل التصعيد الأكبر، لأنّ كلّ التقاطعات تتحدّث عمّا سيحمله أيلول من تصعيد مكثّف سيكون في البقاع والجنوب وبيروت أيضاً.
يعيش لبنان مسارين: مسار بالنار، ومسار بالتفاوض، وسط أمل كبير أن يسبق خطّ التفاوض خطّ النار. فهل ينجح الرئيس برّي بإخراج الحلّ من عين التينة؟ وهل يحصل ذلك بعد حرب جديدة كما حصل بعد الحرب السابقة، أم يستبق برّي أيلول المقبل؟ كلّ هذه التساؤلات خاضعة لمفاوضات الأيّام المقبلة.
جوزفين ديب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.