شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – جورج عبدالله الثابت في عالم متحول جداً
نبارك لجورج عبدالله مغادرته الزنزانة الى النور والأضواء التي تسلّط عليه حضورياً وهي التي لم تغب عنه سجيناً طوال أربعة عقود في قضية ما زال اللغط يتعاظم حولها حيثياتٍ وأحكاماً، وكذلك من حيث العدالة.
واحدٌ وأربعون عاماً! عمرٌ في السجن من الشباب الى الكهولة حتى الوصول الى عتبة «أرذل العمر»، وبقي جورج عبدالله ثابتاً في مواقفه لم يبدّل تبديلاً، ليس فقط أنه لم يتراجع، بل ازداد تمسكاً في الموقف والتزاماً بالعقيدة وثباتاً في الاقتناع، لدرجة أننا قد نراه الثابتة الوحيدة في عالم من التحوّلات الخرافية في نواحي الحياة كافة، ولا سيما في الصراع العربي الصهيوني ، الى حد يدفعنا الى التساؤل ما إذا كان «مونديلا لبنان» سيتعرف الى العالم العربي بعد التحوّل الهائل في ما آلَ إليه مسار الصراع. «لن أندم، لن أساوم، سأقاوم». هذا هو الشعار الذي رفعه طوال العقود الأربعة معتقَلاً وأكّد عليه لدى وصوله الى بيروت. ولعلّ الأكثر خيبةً في ما سيصدم جورج عبد الله هو موقف الشعوب العربية الذي كان تحركها خجولاً حيناً ومعدوماً أحياناً فيما كانت الجماهير في عواصم العالم، في الزوايا الأربع من المعمورة تملأ الساحات دعماً لغزة وتنديداً بالمجازر الوحشية التي يرتكبها الاحتلال.
واللافت أنه بقدْر ما كان جورج عبدالله شبه محجوب عن الإعلام العربي (باستثناء لبنان بالطبع) ، فإنه كان محور اهتمام إعلامي كبير في البلدان الغربية عموماً وفي فرنسا تحديداً، حيث توافر غير تيار وهيئة لدعم قضيته بقوة، وبين المهتمين إيجاباً به وحاملي قضية حريته نواب ومثقفون كبار وإعلاميون إضافة الى قاعدة شعبية كانت تتظاهر دعماً له، وبالفعل كان هؤلاء قد أعدّوا له استقبالاً كبيراً خارج أسوار السجن ولكن السلطات الفرنسية قطعت عليهم الطريق وقدّمت موعد إطلاقه بضع ساعات، فأرسلته فجراً الى المطار قبل أن يستقل الطائرة عائداً الى لبنان.
لم يجد جورج عبدالله في القبيات الوالد العطوف والأم الحنون، إذ غادرا هذه الدنيا قبل أن يتحقق حلمهما في أن يحتضناه قبل أن يغمض كل منهما عينيه. وتلك أقدار لا رد لها ولمفاعيلها.
وعلى صعيد شخصي كنت أتمنى لو عمل مستقبلو جورج عبدالله في المطار برغبة العائلة عدم استخدام الشعارات والأعلام الحزبية، والاكتفاء برفع العلم اللبناني. والواقع أن هذا العلم اللبناني وحده كان مغيّباً في المطار.
وثمة ملاحظة أخيرة: على جورج عبدالله أن يحترز، إذ تضج مواقع التواصل الاجتماعي والإعلامي بتهديدات موجهة إليه من نوع «إسرائيل تعرف الباقي»!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.