“الحزب” عالق بين “المرجعيّة العليا” وليونة برّي

33

بقلم وليد شقير

«أساس ميديا»

كلّ الأجوبة عن الأسئلة عمّا ستؤول إليه جلسة مجلس الوزراء اللبناني اليوم الثلاثاء، تنتج المزيد من الأسئلة. أمّا التهديدات بـ7 أيّار فلا مكان لصرفها بعدما ولّى زمانها.

ما بعد الثلاثاء غير ما قبله بجميع الأحوال. هناك رهان على أن يحمل القرار الذي ستتّخذه الحكومة واشنطن على لجم الاندفاعة العسكرية الإسرائيلية، لأنّه مؤشّر إلى التزام لبنان سحب السلاح، سواء بموافقة “الحزب” أو باعتراضه.

المبعوث الأميركي توم بارّاك كان قد تعامل بإيجابيّة مع تقليص رئيس البرلمان نبيه برّي شروطه لتحديد تاريخ بدء إجراءات سحب السلاح. اقتصر اقتراح برّي على وقف غارات القتل الإسرائيلي من 1 إلى 15 آب، بعدما ترك شروط ضمان انسحاب إسرائيل من التلال الخمس التي تحتلّها، والإفراج عن الأسرى وضمان إعادة الإعمار للبحث في جدول الخطوة مقابل خطوة لخطّة سحب سلاح “الحزب”… لكنّ امتناع واشنطن عن ممارسة نفوذها على إسرائيل كي توافق أثبت صحّة الاعتقاد بأنّ إدارة ترامب تخضع في النهاية لما يريده بنيامين نتنياهو، لأنّه لا خطّة لديها في الشرق الأوسط ولبنان.

إشارات خارجيّة رافقت الضّغوط

استطراداً، يسجّل متابعون عن كثب للضغوط الدولية العربية والإسرائيلية لسحب سلاح “الحزب” ملاحظات عن المناخ الإقليمي. فقد رافق رفض إسرائيل اقتراح برّي لمباشرة سحب السلاح ورفض الشيخ نعيم قاسم تسليمه جملة إشارات خارجية متزامنة مع التصلُّب المتبادل:

1- استقبل الرئيس عون في اليوم نفسه (31 تمّوز) وبعد ساعات قليلة من إلقائه خطابه لمناسبة عيد شهداء الجيش، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريلا مع وفد من قيادة المنطقة، بحضور السفيرة ليزا جونسون. تناول عون ضرورة دعم الجيش “المعبّر وحده عن إرادة اللبنانيين”.

2- في خطابه حرص عون على الدعوة إلى “أن نوقف الدمار والحروب، خصوصاً حين تصبح عبثيّة مجّانية ومستدامة، لمصالح الآخرين”… ولم يُفهم سوى أنّ هذا الكلام يعني “مصالح” إيران. ثمّ التقى عون عصراً رئيس كتلة نوّاب “الحزب” محمد رعد ليناقش معه الضغوط على لبنان وضرورة اتّخاذ الدولة قرارها بالنسبة للسلاح.

شروط عراقجي للتّفاوض و”مرجعيّتي العليا”

3- في اليوم نفسه نشرت صحيفة “فايننشيل تايمز” حديثاً لوزير الخارجية الإيراني عبّاس عراقجي عاد فيه إلى التشدّد في شروطه للتفاوض على النووي مع أميركا. قال: “يجب أن أقنع مرجعيّتي العليا بأنّه إذا خضنا المفاوضات فسيأتي الطرف الآخر بعزمٍ حقيقيّ إلى اتّفاق يربح الطرفين… الحرب غذّت مقاومة متزايدة للمفاوضات داخل المؤسّسة الحاكمة الإيرانية، إلى جانب دعوات من بعض الأطراف في الجمهورية الإسلامية لتسليح برنامجها النووي”. أضاف: “عليهم أن يوضحوا سبب مهاجمتهم لنا وسط المفاوضات، وأن يضمنوا أنّهم لن يكرّروا ذلك. وعليهم أن يعوّضوا الأضرار التي ألحقوها بنا”… بدت شروطه مستحيلة.

4- قبل زهاء أسبوع اعتبر ترامب أنّ طهران “ترسل إشارات سيّئة، وإذا جدّدوا قدراتهم النووية فسندمّرها مجدّداً بأسرع من أن تحرّك إصبعك”. وفي هذا المجال بات معروفاً أنّ واشنطن جهّزت إسرائيل بقدرات عسكرية جديدة لم تكن بحوزتها، استباقاً لتجدّد المواجهة العسكرية معها.

في “الحزب” توجُّهان كما في إيران

ما دفع البعض إلى تسجيل ترابط الأحداث أنّ السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني رفع من وتيرة تحرّكه ضدّ سحب السلاح. “المرجعيّة العليا” في إيران عادت فتشدّدت بعد انفتاح على التفاوض. لعب برّي دوراً أساسيّاً في نصح “الحزب” بالليونة مسجّلاً لرئيس الجمهورية توجّهه بأبوّة واعتدال نحو “الحزب” والبيئة الشيعية، فكان النائب رعد في لقائه مع الرئيس عون منفتحاً وإيجابيّاً ومقدّراً لظروف الرئاسة وممتدحاً طريقة مخاطبة “الحزب”. لكن تقابل رعد حملةٌ شعواء في أوساط “الحزب” على مواقف عون وتشجيعٌ من بعض قياداته القريبة من “الحرس الثوري” لبعض المناصرين على أن يتصدّروا الدعوة إلى التظاهر احتجاجاً على سحب السلاح.

راكم الرئيس عون رصيداً فائضاً من الصدقيّة لدى “الحزب” وما سمّاه “بيئته الوطنيّة الكريمة… وأهل الجنوب أبناء الأرض، الذين كانوا دوماً قدوة في وطنيّتهم وصمودهم”، قبل تولّيه الرئاسة وبعدها. سلّف “الحزب” الكثير من التفهّم والوقت، لحاجته إلى حفظ ماء الوجه مقابل سحب السلاح. هذا ما دفعه إلى القول: “المرحلة مصيريّة… سقطت الأوهام كلّها… لنتّخذ معاً قراراً تاريخيّاً بتفويض الجيش وحده حمل السلاح وحماية الحدود عنّا جميعاً”.

وزراء الثّنائيّ حاضرون: من يُحدّد التّاريخ؟

في الساعات الماضية، دارت على الرؤساء الثلاثة ورقة أعدّتها الرئاسة الأولى كي يتبنّاها مجلس الوزراء بقرار. تستند إلى خطاب القسم، البيان الوزاري للحكومة وخطاب الرئيس عون الأخير. من الطبيعي في هذه الحال أن يدرس برّي الأفكار التي تتضمّنها الورقة في شأن خطّة سحب السلاح مع قيادة “الحزب”.خاصة وأنّ برّي ورئيس الحكومة نوّاف سلام كانا على علم بمضمون خطاب عون. وأوساط رئيس البرلمان تشدّد على ضرورة تجنيب لبنان أيّ تصعيد، مؤكّدة أنّ وزراء “الثنائي الشيعي” سيحضرون جلسة اليوم.  

تتضمّن مسوّدة القرار الحكومي الاقتراح المتداول بإحالة التنفيذ على المجلس الأعلى للدفاع الذي ينعقد برئاسة رئيس الجمهورية.

اقتراح أميركيّ ببيع السّلاح 

هل تحوي ورقة الرئاسة تاريخاً لبدء تنفيذ الخطّة أم سيُترك تحديده لمجلس الدفاع، الذي يضمّ رئيس الحكومة ووزراء محدّدين؟ يصرّ الجانب الأميركي على تحديد التاريخ وموافقة “الحزب”، ليتمكّن من إقناع الجانب الإسرائيلي بمبدأ الخطوة مقابل خطوة. إحالة الأمر على مجلس الدفاع ليست لربح الوقت، حسب أوساط الرئاسة، بل لتكليف الجيش بالتخطيط والتجهيز لمراحل التنفيذ لأنّ للمسائل العسكرية التقنيّة أهمّيتها. وثمّة أسلحة تحتاج إلى تدمير، وأخرى إلى تفكيك. وحين سبق أن طُرِحت عدم ملاءمة بعضها لتسليح الجيش كي يحتفظ بها، اقترحت السفيرة الأميركية بيعها ليعود ثمنها لتجهيز الجيش.

وليد شقير

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.