لبنان الأول عالمياً في عدد ضحايا حوادث السير
كتاب مفتوح الى وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار: «نموت على الطرقات»
ريبورتاج د. ماجدة الحلاني
مشكلة حوادث السير في لبنان وعدد الضحايا الذي تجاوز 60 ضحية خلال شهر آب المنصرم جعلها الشغل الشاغل للمواطنين. الخروج من المنزل الى العمل او في «مشوار» اصبحت مهمة محفوفة بالمخاطر وقد لا يعود الشخص الى منزله سالما او قد يلقى حتفه. وهذه المشكلة اصبحت قضية رأي عام خصوصا انها تمس بحياة المواطن وبصورة وسمعة لبنان لأن اي دولة اولى سمات التحضر التي يلمسها الزوار هي حركة السير والسلامة المرورية والتقيد بالقوانين. ووفق احصاء نشر تبين ان نسبة ضحايا حوادث السير في لبنان جعلته في المرتبة الاولى عالميا». الا تستحق هذه المشكلة تأهب قوى الامن الداخلي والحكومة ووزارة الداخلية حيث انه على الرغم من الدعوات المتواصلة لايجاد حلول لهذه المشكلة لا يزال المعنيون غائبون عن السمع مبدين تقاعسا» غير مسبوق!
ما هي الحلول التي يمكن اتخاذها مبدئيا لمعالجة سريعة لهذه المشكلة؟ّ هذا السؤال هو لسان حال المختصين والمواطنين على حد سواء.
المواطن والدولة مسؤولان
في تحقيق الاسبوع الفائت فتحت «الشرق» ملف حوادث السير وسلطت الضوء على هذا الواقع المرير والمشكلة الخطيرة وتوقفت عند ابرز اسباب حوادث السير: السرعة الزائدة، التهور وعدم احترام اشارات السير، استخدام الهاتف اثناء القيادة، القيادة عكس السير، الدراجات النارية سبب رئيسي في عدد كبير من حوادث السير بسبب القيادة عكس السير وعلى الارصفة وبين السيارات…، الانارة السيئة على الطرقات ونوعية الطرقات… لعل الاسباب التي تؤدي الى ارتفاع نسبة حوادث السير دلالة على انعدام المسؤولية عند السائقين وعند الجهات الامنية المولجة تطبيق قانون السير على السواء. لا يوجد اي مبرر منطقي للقيادة بشكل «همجي» وخطير وبلا ادنى حس بالمسؤولية على الاطلاق. ولا مبرر قانوني او واقعي لعدم تطبيق قانون السير من قبل قوى الامن. التراخي الكبير في قانون السير ادى الى هذه الفوضى القاتلة.
تفعيل عمل الرادارات والكاميرات
بالطبع لكل مشكلة حل ولعل مشكلة مخالفات السير في لبنان على خطورتها الا ان حلها ليس مستحيلا بل قد يكون جدا بسيط. الطرفان المعنيان هما الدولة والقوى الامنية من جهة والمواطن من جهة ثانية.
لا بد من ان تقوم الدولة بصيانة الطرقات الرئيسية ونحن نعلم الحقبة السيئة التي مرت بها وزارة الاشغال ولكن وزير الاشغال فايز رسامني اليوم يخبرنا بشكل يومي عن انجازات وزارته ونأمل ان يضيف الى هذه الانجازات صيانة الطرقات الدولية والانفاق التي يطلق عليها انفاق الموت. اما القوى الامنية فهي مدعوة لتنفيذ حازم لقانون السير ولعلها امام امتحان حقيقي لمدى جديتها او قيامها بواجباتها. ورئيس الجمهورية اطلق على هذا العهد اسم عهد الدولة وقيام الدولة ونحن معه. ولكن اين هو قيام الدولة والقوى الامنية عاجزة او متقاعسة عن ضبط مخالفات السير؟ّ! المخالفات من الفوميه الى الاضاءة البيضاء الى القيادة من دون دفاتر سياقة والقيادة المتهورة ومخالفات الدرجات النارية واستخدام الهاتف اثناء القيادة…وغيرها. لماذا لا تضع القوى الامنية او تفعل الرادارات على الاوتسترادات الدولية؟ هل تعلم القوى الامنية الخوف والرعب الذي يعيشه المواطنون بسبب السيارات التي تحولت الى طائرات يقودها متهورون على هذه الاوتسترادات؟ ما الذي يمنع قوى الامن الداخلي من تفعيل الرادارات على ان يكون الضبط بمبلغ كبير؟
الواقع ان رادار اوتستراد زياد الرحباني (الاسد سابقا) يخضع لرقابة الرادار مما حد من حالات الجنون عليه. ولعل الدور الذي يقوم به الضابط المسؤول عن فصيلة الاوزاعي لناحية امور السير احمد رمال هو دور يحتسب له. رمال اتخذ قرارا بأن تدفع قيمة ضبط مخالفة السرعة على هذه الاوتستراد حصريا في الفصيلة وليس عبر اي مؤسسة تحويل اموال. وهذا بالطبع له ايجابياته اولا كنوع من عقاب المواطن المخالف لكي يشعر بهيبة الدولة وان يتكلف عناء الذهاب الى الفصيلة وان يدفع الضبط بنفسه وليس عبر اي شخص آخر ومنعا للسمسرة التي تحدث في موضوع الطوابع. وللضابط رمال تحية على ما يقوم به من قرار رادع لمخالفات السرعة. على امل ان يتمثل به ضباط آخرون.
رفع تعرفة الغرامات المرورية
احد الحلول ايضا هو في تفعيل مركز النافعة لناحية المعاينة الميكانيكية. للاسف بعض المواطنين الذين دأبوا مخالفة القوانين يتحججون بأن النافعة مقفلة وغيرها من الحجج فالنافعة تفتح ابوابها وتقوم بواجبها على الرغم من الشوائب التي تخص بعض الممارسات.
ولعل رفع قيمة الغرامات المرورية وتطبيقها على جميع المواطنين المخالفين من دون استثناء او تمييز هو حل ضروري لمكافحة المخالفات ومن اجل ادخال الاموال الى خزينة الدولة لصيانة الطرقات. وهنا لا بد من الاشارة الى ضرورة مكافحة اللوحات المزورة التي يعبث اصحابها بأرواح الناس على الطرقات وهم يعلمون انه لا يمكن محاسبتهم بسبب عدم وجود لوحة قانونية تحدد هوية السيارة ومالكها.
قوننة الدراجات النارية
بالطبع، حال الفوضى المتردية هذه انعكست ايضا على واقع الدراجات النارية التي حولت الطرقات والارصفة الى حلبة للقيادة عكس السير وبين السيارات وانتهاك املاك المواطنين والتعدي على السائقين لفظا وضربا واحيانا بالرصاص كما حدث مع عمال ديلفري شركة توصيل طلبات معروفة وغيرها من المخالفات والسرقات التي تستخدم فيها الدراجات النارية وغيرها من الجرائم. المؤكد انه بات من الضروري جدا تنظيم هذا القطاع بالزام صاحب الدراجة بتسجيلها وان يحوز دفتر سياقة وتأمين الزامي. ومنع اي مخالفات تتسبب في الازعاج العام الذي يعاني منه الجميع وخصوصا خلال الليل حتى ساعات الصباح الاولى. وللعلم قانون السير 2012 حدد ان الدراجة النارية تعامل معاملة الآلية اي السيارة في عملية تنظيمها من التسجيل الى التأمين وفي حال حوادث السير ايضا يطلب خبير وهو يحدد المسؤوليات ولا وجود بتاتا» لما كان يعرف وفق القانون القديم ان «الحق» على السيارة. ليتحمل هؤلاء مسؤولية تهورهم وعبثهم بحالة السلامة المرورية وبصورة لبنان الذي تحولت طرقاته الى بؤر خطيرة بسبب الدراجات النارية الخارجة على جميع القوانين.
لعل هذه الحلول البسيطة فندها خبراء في السلامة المرورية وعممت ايضا لائحة مشابهة جمعية اليازا للسلامة المرورية برئاسة الدكتور زياد عقل الذي يحمل على عاتقه ايضا مشكلة حوادث السير والسلامة المرورية وقام بزيارات لهذه الغاية لوزير الداخلية والبلديات احمد الحجار والسيدة الاولى نعمت عون على امل العمل سريعا على ايقاف هذا الموت على طرقات لبنان ولإشراك البلديات بشكل فاعل في هذا العمل وتحديدا فوج حرس بلدية بيروت الذي اظهر مهارة في مكافحة آفة الدراجات النارية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.