رئيس الجمهورية يمنحَ الشهيد باسل فليحان وسامَ الاستحقاق الفضّي وسلام يرعى احتفال المعهد المالي

9

مَنحَ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الوَزير الشهيد باسل فليحان وسامَ الاستحقاق اللبناني الفضّي ذا السعَف “تَكريماً لإرثه العَظيم، وَتقديراً لجهوده التي تَرَكت بَصمَةً خالدَةً في تاريخ لبنان”، وسلّمه رئيس مجلس الوزراء نواف سلام امس الأربعاء إلى زوجته السيدة يسمى فليحان خلال رعايته وحضوره الاحتفال الذي نظّمه معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي بمقرّه في بيروت بالتعاون مع الجامعة الأميركية بـ”يوم المعهد الـ 29” (ذكرى تأسيسه) المتزامن مع الذكرى العشرين للاستشهاد، وجدّد الرئيس سلام خلال الاحتفال تأكيده أن “حصرية السلاح مسار انطلق ولن يعود إلى الوراء”.

وحضر الاحتفال إضافة إلى الرئيس سلام وعقيلته سحر بعاصيري، الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام والسيّدة منى الهراوي، ورئيس الطائفة الإنجيلية في سوريا ولبنان القس جوزيف قصّاب، ووزراء المالية ياسين جابر والدفاع اللواء ميشال منسى والعدل عادل نصار والثقافة غسان سلامة والطاقة والمياه جو صدي والصناعة جو عيسى الخوري والعمل الدكتور محمد حيدر والصحة ركان ناصر الدين والبيئة تمارا الزين والاقتصاد عامر بساط والتنمية الإداريّة الدكتور فادي مكي ووزير المهجرين وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا كمال شحادة  والوزيرة السابقة مي شدياق والنائبان مروان حمادة وميشال معوض والنائبان السابقان فارس سعيد وشامل روكز، وممثلو الأجهزة الأمنية والعسكرية والمؤسسات الدوليّة وجامعة بيروت العربيّة، ورئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري.

وقال سلام في كلمة ألقاها: “يشرّفني أن أقف بينكم، في زيارتي الأولى إلى معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، هذا الصرح الذي يحمل اسم رجل آمن بلبنان دولة قانون ومؤسسات، دولة كفاءة وإصلاح. رجلٌ وهب حياته القصيرة لهذا الوطن، وخلال توليه وزارة الاقتصاد بين الأعوام 2000 و2003، اتخذ خطوات جريئة سعت إلى تحرير الاقتصاد اللبناني، وتوسيعه، وتحفيز الاستثمار”.

وتابع: “لقاؤنا اليوم هو وفاء لذكرى باسل في الذكرى العشرين لاستشهاده، وتكريم لمسيرة معهد يحمل اسمه بجدارة. فبعد تسعة وعشرين عامًا على تأسيسه، أصبح المعهد بيت خبرة يُعتدّ به في لبنان والعالم العربي، رافق مسارات الإصلاح المالي في أصعب الظروف، وأثبت أن الاستثمار في المعرفة والحداثة هو استثمار في بقاء الدولة”.

ورأى أن “هاتين المناسبتين تأتيان في لحظة مفصلية يواجه فيها لبنان أزمة عميقة متداخلة الأبعاد: اقتصادية، سياسية، واجتماعية”. وأضاف: “ورثت حكومتنا تركة ثقيلة نحاول معالجتها بكل ما أوتينا من تصميم وحكمة وبالاستعانة بمؤسسات الدولة الرائدة، وفي طليعتها هذا المعهد. فمنذ عام 2019 فقدت الليرة أكثر من 98% من قيمتها، وانكمش اليوم الاقتصاد بنحو 60%، وتجمّدت ودائع تفوق اليوم قيمتها 80 مليار دولار. ثم جاءت جائحة كورونا لتفاقم المعاناة، وأعقبها تفجير مرفأ بيروت عام 2020 الذي دمّر قلب العاصمة وأثخن الجراح، قبل أن تضاف إلى هذه الكوارث حربٌ اسرائيليّة مدمّرة هجّرت مجتمعات بكاملها، وأتت على مصادر رزق وبنى تحتية، وتسببت بأضرار بيئية واقتصادية تتجاوز 14 مليار دولار”.

وقال: “رؤيتنا واضحة كما وردت في البيان الوزاري: الانتقال من لبنان البقاء إلى لبنان البناء؛ من دولة مثقلة بالعجز إلى دولة حديثة تستعيد ثقة مواطنيها والمجتمع الدولي. إنّ هذا الانتقال، الذي نعمل عليه يتطلّب عقولاً نيّرة، وإدارة كفوءة، ومؤسسات عامة فاعلة تؤدي دورها بجدارة وحياد. فلا نموّ ولا خدمات مستدامة من دون مؤسسات قوية. غير أنّ هذا الانتقال لا يقوم إلّاّ على مسار سياسي راسخ، يبدأ أولاً وأخيراً ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية، واحتكارها لقراري الحرب والسلم. حصرية السلاح مسار انطلق ولن يعود إلى الوراء، وقد اتخذت حكومتنا قرارها بتكليف الجيش اللبناني إعداد وتنفيذ خطة شاملة في هذا المجال”.

وأكّد أن “الجيش اللبناني هو جيش لكل اللبنانيين، يحظى بثقتهم وإجماعهم، وهذا المسار هو مطلب لبناني وطني بامتياز، أقرّه اتفاق الطائف قبل أي شيء آخر. غير أنّ تأخر تطبيقه لعقود كلّف لبنان فرصًا ثمينة أضاعها في الماضي”.

وأضاف: “هنا يبرز الدور المحوري لمعهد باسل فليحان، الذي درّب عشرات الالاف من موظفي القطاع العام في لبنان والخارج، وطور السياسات العامة الداعمة للإصلاح المالي، وبنى شراكات عربية ودولية، حتى غدا نموذجًا رائدًا للدبلوماسية المتخصصة في خدمة لبنان”.

جابر

أما وزير المال ياسين جابر فوصف الشهيد باسل فليحان بأنه “كان واحداً من أركان الفكر الاقتصادي الرائد”. وذكّر بان “هذا المعهد وُلِد في العام 1996 من رحم الحاجة إلى الإصلاح والتحديث، يومَ كان لبنان بأمسّ الحاجة إلى مؤسساتٍ تُعيد الثقة، وتبني القدرات والكفاءات، وتُسهم في عملية دعم اقتصادٍ مُنتج. واليوم، وبعد سنوات من العمل الدؤوب، بات هذا المعهد واحداً من ركائز مسيرة تحديث الإدارة بدوره التدريبي المتميز وصلة تنسيق مع عدد من المؤسسات المتخصصة في الداخل والخارج”.

وقال جابر: “إن وزارة المالية تعمل اليوم على استعادة دورها كعصب للدولة ومحور للإصلاح. فقد بدأنا منذ شباط الماضي بخطوات أساسية عبر تعديل قوانين السرية المصرفية، والسير في إعادة هيكلة القطاع المصرفي، والتحضير لموازنة 2026 برؤية إصلاحية”.

ووصف تجربته مع معهد باسل فليحان بأنها “متميّزة”، قائلاً: “لقد خبرته عن قرب خلال رئاستي للجنة الفرعية لدرس قانون الشراء العام، حيث شارك المعهد، بعلميةٍ ومثابرة، في عمليةً تشاركية امتدّت على عشرات الجلسات، وصولًا إلى نصٍّ نافذٍ تُبنى عليه قدرات الدولة”. وأثنى على “جهوده المتواصلة في مواكبة تنفيذ وبناء القدرات الوطنية انفاذا لهذا القانون”.

ووجّه “شكراً من القلب إلى كل المؤسسات التابعة لوزارة المالية التي عملت في أحلك الظروف وجهدت وثابرت في حماية الحد الأدنى من تسيير المرفق المالي ليوفر للقطاع العام رواتبه، وللوزارات والمؤسسات الخدماتية الأساسية احتياجاتها ولو بالحد الأدنى، والشكر بالطبع موصولٌ الى معهد باسل فليحان رئيسةً وفريق عمل على جهودهم، وأُجدد أمامكم التزامنا تعزيز هذا المعهد ودوره في بناء الكفاءة والإرادة والأمل: لبنان مؤسسات قوية ومستقلة تجهد وتعمل، وتُحاسب دون تعسّف، وتُصلِح دون تردّد”.

كذلك توجّه بـ”لفتة خاصة إلى الجامعة الأميركية في بيروت التي خرّجت وتخرج خيرة شبابنا وتزودهم علماً وابتكاراً يُغني هذا البلد الذي يحتاج إلى كل فردٍ من أفراده، لنبني سوياً لبنان الغد الواعد”.

فضلو خوري

وقال رئيس الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور فضلو خوري: “نحتفل اليوم بمحطتين مهمتين تثيران الفخر والأسى، أولاهما الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيس معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، المؤسسة التي رفعت معايير التدريب على الخدمة العامة والحَوكمة في لبنان (…) وثانيهما ذكرى مرور عشرين عاماً على رحيل (…) الوزير باسل فليحان”. وإذ ذكّر بأبرز إنجازات الشهيد فليحان، لاحظ أن سعيه إلى “الإصلاح الاقتصادي المرتبط بحقوق الإنسان، مزيج يجسّد الرؤية الليبرالية والتقدميّة والإنسانية العميقة التي طبعت حياته”.

لمياء بساط

أما رئيسة معهد باسل فليحان السيّدة لمياء المبيّض بساط فذكّرت باستمرار المعهد رغم التحديات التي واجهها.

وقالت: “حلمنا نحن، في هذا المعهد، واضح صريح، نابع من اقتناعنا بأن لا سبيل لاستعادة عمراننا من دون العودة إلى الدولة، وبشروطها، ومن دون أن تعيدنا هي إليها، من باب مواطنيتنا. وسيبقى هذا المعهد، رغم كل الصعاب، حلقة من حلقاتٍ عدّة، في صلب تكوين مشروعيّة الحكم وصناعة الدّولة، يعمل بقوّة النّموذج، والنموذج هو باسل فليحان”.

يسمى فليحان

وقالت السيدة يسمى فليحان بعد تسلّمها وسامَ الاستحقاق اللبناني الفضّي ذا السعَف من الرَّئيس سَلام: “لم يترك باسل ذكريات فقط، بل ترك رؤية، ورسالة، وإرثاً حيّاً”.

وأضافت: “بالنسبة لباسل، لا قانون ولا اتفاق اقتصادي ولا مفاوضات دولية يمكنها أن تتحقق من دون وجود إدارة كفيّة وحديثة بوجه إنساني ومهمّة نبيلة”.

وذكّرت بأن الشهيد فليحان “أسّس عام 1993 (…) في وزارة المال (…) ورشة إصلاح جبّارة للتحديث على أصعدة عدة”، ومن بينها “مشروع تبلور مع مرور الزمن ليصير المعهد المالي الذي أطلقت عليه عام 2006 تسمية معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.