نحال “للشرق” لن نسكت بعد اليوم ، ولن نتخلّى عن دورنا في كشف الفساد
خطوات تصعيدية مرتقبة ومفاجآت قد تبدأ بالاضراب المفتوح ولا تنتهي بالعصيان المفتوح
كتبت ريتا شمعون
ألا يبدو واضحا أن الحكومة ووزارة المال تنفذ بكل أمانة توصيات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بعدم إعطاء أي زيادة للموظفين في القطاع العام قبل تحقيق ” هامش مالي” من الإيرادات، وقاعدة هذا المسار باتت معروفة ” لا إنفاق من دون مدخول” بحسب ما أعلنه وزبر المال ياسين جابر.
ولزيادة الوضوح، أعلنت حكومة الرئيس نواف سلام على لسان المتحدث باسمها وزير الاعلام بول مرقص، أنها لن تزيد أي قرش للعاملين في القطاع العام، وقال فيه ما حرفيته: “أنه لما كانت موازنة عام 2026 تحرص على تأمين الموارد المالية المناسبة لكل إنفاق فأنه يتعذر في الوقت الحاضر أن تتضمن تصحيحا للرواتب والأجور لكل العاملين في القطاع العام مدنيين وعسكريين ومتقاعدين”، وان الحكومة إذ تدرك أن هذا المطلب محق فهي عازمة على التقدم خطوة نحو إنصاف العاملين في القطاع العام من خلال إقرار بعض التعديلات على النظام الحالي كمثل ضم التقديمات الى صلب الراتب وزيادة التعويضات العائلية وغيرها من التحسينات.
هذا يعني، أنه في المدى المنظور، لن ترتفع قيمة راتب الموظف ، بالتالي، لا تتوقع الحكومة من الموظف أداءً جبداً، ودواماً كاملاً في العمل، وستجد نفسها أمام تحرك مدوّي يبدأ من التوقف عن العمل ولا ينتهي بالعصيان المدني بكل المناطق اللبنانية.
عضو الهيئة الادارية في رابطة موظفي الادارة العامة ابراهيم نحال أعلن في حديث خاص لجريدة “الشرق” عن رفضه لمشروع موازنة العام 2026، مؤكدا في هذا الاطار، أن هناك سلسلة تحركات تصعيدية، سواء تظاهرات أو إضرابات واعتصامات ميدانية يتم التحضير لها، لأن الوضع بلغ مرحلة لم تعد تحتمل.
وذكّر، بأن جزءاً كبيرا من نجاح الموسم السياحي لهذا الصيف يعود الى الخدمات التي تديرها مؤسسات الدولة ، التي يشغلها موظفو القطاع العام مثل الوزارات والهيئات والمجالس لتقديم الخدمات الاساسية للمواطنين، كما أن هذا النجاح لا ينفصل عن الارادة، والالتزام بالوعد الذي قطعه موظفو الدولة للرئيس جوزف عون، وهو ان نؤدي واجباتنا الوظيفية على احسن ما يكون، وإذ بنا نفاجأ بمشروع موازنة يلزم بقاء أغلب موظفي الادارة العامة من دون أي زيادة حتى بداية سنة 2027.
وربما فشلت معظم إجتماعاتنا مع المسؤولين بسبب عدم وجود أهداف واضحة ، حيث لم يتم التوصل لحلّ المشاكل التي نعاني منها، مما يؤدي الى مناقشات وطرح أفكار غير مثمرة ومؤقتة تفتقر الى خطوات عملية.
ويتابع نحال، في تتبع لحسابات ودائع القطاع العام ارتفعت في مصرف لبنان لهذا العام بنسبة 1,88% مقارنة بالفترة المماثلة في العام الماضي مقابل لا شيء، أو ندفع مقابل” لا كهرباء” و”لا مياه” و” لا طبابة” ولا شيء حيوي آخر، أو مقابل خدمات رديئة لا ترقى لمستوى خدمة مواطن يدفع ضرائب ورسوما كثيرة، وأكثر من ذلك، ندفع مقابل عدم وجود زيادات على الرواتب أو تقديمات اجتماعية في موازنة العام 2026 مضيفا: من المؤسف جداً أن تكون الحكومة لا تحترم وعودها وأن تبقي على الرواتب كما هي على حالها من التدني، مقابل زيادة مخصصات الرؤساء والوزراء والنواب السابقين والحاليين وعائلاتهم والمستشارين بقيمة 7 ملايين دولار إضافية، فعلى سبيل المثال، أن المخصصات الشهرية لرئيس الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء 8 آلاف دولار، و7 آلاف دولار لكل من عضو في الهيئة، ما يعني صرف 40 ألف دولار شهرياً.
وأضاف هناك ملاحظات في الموازنة لا بدّ من النظر فيها ومحاولة تصحيحها :
– عدم وجود اعتمادات في بند مخصصات الرواتب لتغطية أي زيادة محتملة لجميع العاملين في القطاع العام.
– عدم زيادة مساهمة الدولة في تعاونية موظفي الدولة.
– عدم زيادة اعتمادات التعويضات العائلية.
– زيادة اعتمادات بدل النقل لكن بمبلغ ضئيل ولا يغطي زيادة اضافية على تعويض النقل المؤقت.
– زيادة اعتمادات المعاشات التقاعدية بما يغطي المنحة الشهرية التي اقرها مجلس الوزراء بقيمة 12 مليون ليرة لبنانية.
– عدم وجود اعتماد كاف في بند احتياطي العطاءات المخصص لتغطية أي زيادة قد تحصل بعد إقرار الموازنات، والاعتماد الموجود والذي يقارب 16000 مليار ليرة لبنانية، قد يذهب في الغالب الى دفع المنحة الشهرية للعسكريين في الخدمة الفعلية، وفي حال لم يصرف منه للعسكريين فهو غير كاف لدفع زيادة للعاملين في القطاع العام.
ويشير نحال ، الى ان الملفت في مشروع موازنة 2026 أن المادة 42 قد أعطت الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي وذلك لغاية 2030\12\31 ، ومع وجود هذه المادة في حال أقرها مجلس النواب، وفي حال صدرت الموازنة دون تعديل، فإن الحكومة تتجه الى تغطية أي زيادة للعاملين في القطاع العام عبر فرض رسوم جمركية إضافية تطال كافة المواطنين، وهذا تصرف مريب، إذ تضع الحكومة العاملين في القطاع العام في مواجهة المواطنين ، مؤكدا رفضه وضع العاملين في القطاع العام في مواجهة بقية المواطنين، فاللعبة السياسية التي تمارسها السلطة السياسية “عالمكشوف” وإن تغيرت قواعدها فإنها تدلّ على معاني ومفردات تخفي فيها أهدافها.
المطلوب اليوم يقول نحال ، أن تؤمن الدولة إيرادات عبر وقف الهدر والفساد وبعيدا عن جيوب المواطنين، لكن للأسف تعتمد الدولة اللبنانية الى حدّ كبير على تحصيل الضرائب غير المباشرة وعلى رأسها الضريبة على القيمة المضافة ورسوم المحروقات.
ولفت الى ان تجمع روابط القطاع العام ( عسكريون متقاعدون ومدنيون) أعلن التوقف عن العمل في الادارات العامة والمدارس والثانويات والمهنيات الرسمية نهار الخميس الواقع فيه 2025\10\23 وهذه البداية ، مضيفا: أن المماطلة ستقابل بخطوات تصعيدية كبيرة غير مسبوقة وقريبة جداً بدءا من التوقف عن العمل يومي الخميس والجمعة الماضيين كخطوة تحذيرية مرورا بالتظاهر، والاضراب المفتوح وصولا الى العصيان المفتوح، قائلا: لا …لن نسكت بعد اليوم ولن نتخلى عن دورنا الوطني، سنقوم بحملة علمية وبسيطة ضد الفساد الذي يشكل أحد أبرز الأسباب لانهيار لبنان الاقتصادي خصوصا أنه يعاني من فضائح متكررة في القطاعات الحيوية كافة .
وختم نحال ، رواتبنا حق وليست صدقة، حق وليست منّة من احد، بل هو حق مكتسب للموظف نظير جهده وعمله، فمن حق الموظف على الدولة أن تحدد أجر عمله بما يليق بكرامته وأن توفيه تعبه دون تأجيل او مماطلة، فما جرى مؤخرا في الموازنة مرفوض، فهي موازنة لتسيير امور الدولة بحدها الأدنى.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.