استمرت هجمات جيش الاحتلال المخالفة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وأسفرت إحداها عن ارتقاء شهيد، فيما تسببت أخرى بإحداث تدمير جديد للعديد من المنشآت في المناطق الشرقية للقطاع، في الوقت الذي تتواصل فيه اتصالات الوسطاء لحل أزمة 200 ناشط من الجناح العسكري لحركة حماس، لا زالوا متواجدين في منطقة رفح، التي تسيطر عليها بالكامل قوات الاحتلال.
وميدانيا، أعلن مستشفى العودة في مخيم النصيرات، عن ارتقاء شهيد، جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من المواطنين الذين يجمعون الحطب، من أحد المناطق الواقعة شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة.
ويضطر المواطنون لجمع الحطب لإشعال مواقد النار البدائية، لتحضير الطعام وصنع الخبز، لعدم توفر غاز الطهي بسبب القيود الإسرائيلية على المعابر، ويحاول المواطنون في ظل ندرة الأخشاب وارتفاع أثمانها في غزة الوصول إلى مناطق بعيدة، على أمل الحصول عليها من هناك.
كما قامت قوات الاحتلال من جديد بتنفيذ عمليات نسف لعدد من منازل المواطنين الواقعة ضمن “الخط الأصفر” في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وفي المدينة أعلنت فرق الدفاع المدني عن تمكنها من إزالة أعمدة باطون، تصدعت جراء قصف إسرائيلي سابق على حي الصبرة، وقد كانت تشكل خطرًا على المواطنين. وشنت طائرات الاحتلال غارة جوية على شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، وذلك بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف على تلك المناطق، وعمليات إطلاق نار من رشاشات ثقيلة.
وأطلقت سلطات الاحتلال سراح خمسة أسرى من قطاع غزة، كانت قد اعتقلتهم خلال فترة الحرب السابقة، وفور دخولهم القطاع بتنسيق عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جرى نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدنية دير البلح وسط قطاع غزّة للخضوع للفحوصات الطبية، خاصة وأن من سبقهم كانوا يشتكون من ضعف الجسد ومن الأمراض والجوع.
وفي سياق العمل بتفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار، يواصل الجناح العسكري لحركة حماس، “كتائب القسام”، عمليات البحث عن بقية جثث الأسرى الإسرائيليين في غزة، تمهيدًا لإعادتهم عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إسرائيل، وذلك بعد أن سلّم إحدى الجثث ليل الأربعاء.
أزمة مقاتلي «حماس»
وجاء ذلك، في وقت يواصل فيه الوسطاء تحركاتهم لإنهاء قضية 200 ناشط من حماس، محاصرين في أنفاق داخل مدينة رفح التي تسيطر عليها قوات الاحتلال بالكامل.
وذكر تقرير نشرته قناة “i24NEWS” الإسرائيلية، أن تركيا تحاول التوسط لحل قضية 200 مسلح من حماس، حيث نقلت عن مصدر مطلع قوله إن تركيا تبذل جهودًا للوساطة وإيجاد حل لهذه القضية، وذكر إنها إحدى القضايا التي نوقشت خلال اجتماع رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالين مع كبار قيادات حماس في تركيا.
وكشفت عن تطور جديد في قضية المسلحين المحاصرين داخل الأنفاق الواقعة ضمن «الخط الأصفر»” في مدينة رفح، إذ تبيّن أن جثة الجندي الإسرائيلي الأسير هدار غولدين موجودة في إحدى تلك الأنفاق التي يتحصن بداخلها نحو 200 مسلح فلسطيني.
وفي هذا السياق، يتردد وفقا لتقارير عبرية، أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت مقترحًا جديدًا لإنهاء ملف مقاتلي حركة حماس في رفح، يقوم على نزع سلاحهم ضمن نموذج تفاوضي تشرف عليه أطراف إقليمية، من بينها تركيا، مقابل ضمانات بعدم استهدافهم عسكريًا، ونقلهم إلى مناطق سيطرة حماس في غزة، على أن يتم بعد ذلك تدمير الأنفاق التي استخدمها المقاتلون بالكامل بعد خروجهم وتسليم أسلحتهم، وذلك في إطار المساعي الأميركية لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتنفيذ مراحله التالية.
في المقابل لا يزال الموقف الإسرائيلي متصلبا، ويرفض التعامل مع أي أفكار من هذا القبيل، وقد طالب وزراء إسرائيليون باستهداف تلك الأنفاق وقتل من فيها.
وعلى الصعيد الإنساني، واصلت سلطات الاحتلال فرض القيود على حركة البضائع والمساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة، وأبقتها دون المعدل الذي جرى الاتفاق عليه في البروتوكول الإنساني، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي، في بيان تفصيلي أصدره، أن إجمالي ما دخل إلى قطاع غزة من مساعدات منذ بدء سريان قرار وقف إطلاق النار بلغ 4,453 شاحنة فقط من أصل 15,600 شاحنة كان يفترض دخولها، وفق ما نصت عليه ترتيبات وقف إطلاق النار والتفاهمات الإنسانية المصاحبة له.
و في إطار سياسة تضييق التجويع، يحرم الاحتلال السكان المدنيين في قطاع غزة من أكثر من 350 صنفاً من الأغذية الأساسية التي يحتاجها الأطفال والمرضى والجرحى والفئات الضعيفة، حيث يمنع إدخال مواد غذائية رئيسية، من بينها، بيض المائدة، اللحوم الحمراء، اللحوم البيضاء، الأسماك، الأجبان، مشتقات الألبان، الخضروات، والمكملات الغذائية، إضافة إلى عشرات الأصناف التي تحتاجها السيدات الحوامل والمرضى وذوو المناعة الضعيفة”.