بقلم فوزي عساكر
«رئيس تحرير مجلة العالمية»
من غرائب العالم، أنّ بعض القبائل تستقبل الضيف بترحيب غريب، إذ يقدّم له زعيم القبيلة زوجته أو ابنته ليتنعّم بها عند الزيارة الأولى. ويبدو أنّ شعوب العالم الثالث، راحت تقدّم للضيف الأميركي اقتصادها ولقمة شعبها الجائع، وقصور الحكام وبيوت الفقراء. ولكن ليس من أجل العادات إنّما من أجل الحفاظ على السلطة!
لو كانت الدول العربية جميعها، تتضامن كما تدعو أديانُها السماوية، لكانت وزّعت خيراتِها على شعبها، وتفادت نشوء جماعات متطرّفة تقتل وتدمّر، انتقامًا من الأنظمة الحاكمة، ولكن ليس من أجل الشعوب البائسة. فالشعوب البائسة تتدحرج رؤوسها في عهود الأنظمة وفي عهود الجماعات المتطرّفة!
جاء حاكم العالم، الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق، فحصدَ مليارات الدولارات في إطار خطة الاستثمار العربي في أميركا، ودفع العرب ذهبَهم وناقاتِهم وطاعتَهم، إرضاءً للضيف، الذي يحكم العالم بالترغيب أو بالترهيب. والغريب، أنّهم دفعوا الغالي والنفيس، ليستقوي الواحد على الآخر، ويُبقي نفسه في الحكم، كي لا تطيحَ به الجماعات المتطرّفة مع تغاضي رئيس العالم.
دفعت الدول العربية من أجل الحصول على السلام، ولكن… السلام الذي يريده حاكم العالم، وليس السلام الذي يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني المشرّد. وهكذا سيتمّ تَهجير ما تبقّى من فلسطينيين في أرضهم، وتأهيل أرض جديدة لهم في الشيشان، التي استقبلت في تشرين الثاني 2023 أول مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين تضم 51 شخصًا، بينهم 27 طفلاً. وفي كانون الثاني 2024 بدأت الشيشان ببناء خمسة مبانٍ سكنيّة في العاصمة غروزني، تضمّ كل منها 35 شقة لإيواء الفلسطينيين اللاجئين، على مساحة تفوق الأربعة آلاف متر مربع في منطقة فيزايتوفسك، بالقرب من مدرسة وروضة أطفال، ليسهل عليهم الاندماج في المجتمع.
واليوم، يدفع العرب ملياراتهم كي ترضى عنهم الولايات المتحدة الأميركية وتَحميهم من إيران، وتفرض عليهم السلام مع إسرائيل. إذا كانت هذه النتيجة هي بسبب ضياع القرار العربي، فلِماذا لا تنتهي هذه المسرحية قبل أن يَموت مَن بقي صدفةً على قيد الحياة، وقبل أن يتمّ تدمير ما تبقّى من وطن اسمه لبنان؟!
المليارات العربية التي دُفعت للاستثمار في أميركا، هي استثمارات مقابل السلام مع إسرائيل، بالوقت الذي لو صُرفَت من أجل الشعوب العربية، لكان العربيُّ بقي في أرضه، ولم يستجدِ تأشيرة هجرة إلى أيّ مكان في العالم، هربًا من زعمائه ودولته وأعدائه الذين هم حلفاء دولته. ولَكانَ القسم الآخر من شعوبنا حصل على السلام في إطار قضيته، من دون أن يجيّر قضيته إلى دولة تسعى للحرب الأبدية لإزالة إسرائيل من الوجود، فيما هو استُشهدَ مع كل أهل بيته، لتربح هذه الدولة على طاولة المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة الأميركيّة.
فوزي عساكر