الحج والأضحى

الدكتور أسامه محيو

الحج وعيد الأضحى مناسبتان هامتان عند المسلمين، ولهما دور هام في الإسلام، حيث يعززان الروابط بين المسلمين ويذكرانهم بمعاني الإيمان والتضحية.

فالحج هو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفرض على كل مسلم قادر مادياً وبدنياً. وتعود أصول الحج إلى زمن سيدنا إبراهيم عليه السلام، عندما أمره الله تعالى ببناء الكعبة المشرفة ودعاه ليؤذن في الناس، فنادى ابراهيم ” يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فحجوا، فسمعه ما بين السماء والأرض”. منذ ذلك الحين، أصبح الحج مناسبة هامة للمسلمين، ويعتبر رمزًا للوحدة والتضامن بينهم، حيث يجتمعون من جميع أنحاء العالم لأداء مناسكه.

والأضحى هو مناسبة هامة لدى المسلمين أيضاً، حيث يتذكرون قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل، التي ترمز الى التسليم لأمر الله حتى بالتضحية بالابن، وهو اختبار صعب ” قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين”. فكان جزاء الامتثال لأمر الله ” وفديناه بذبح عظيم”. خلال هذا العيد، يضحي المسلمون بأضاحيهم كتعبير عن شكرهم لله تعالى، ويتشاركون لحوم الأضاحي مع الفقراء والمحتاجين. ويعزز عيد الأضحى الروابط بين المسلمين، ويذكّرهم بمعاني التضحية والتضامن والتكافل.

شرع الله الحج والعمرة وجعلها فريضة على كل مسلم قادر على أدائها مرة. فجاء في القرآن الكريم ” وأتموا الحج والعمرة لله”. كما حددها في آية أخرى “ولله على الناس حج البيت لمن استطاع اليها سبيلاً”. كما ضمنها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أركان الاسلام حيث جاء في الحديث” بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع اليه سبيلاً”. أما العمرة فهناك اختلاف بين العلماء على وجوبها.

والحج فريضة على المسلم الراشد العاقل الحر والقادر بدنياً ومادياً. أما المرأة فيجب أن يرافقها الزوج أو محرم، ويستثني المذهب الشافعي وجوب مرافقة أي منهما ويكتفى بوجود النسوة الثقات.

“الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب”. 

أما الأضحية فهي ما يذبح من الأنعام يوم النحر وأيام التشريق بنية التقرب إلى الله تبارك وتعالى، وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها لقوله تعالى: “فصل لربك وانحر”.  والأضحية تذبح عن المضحي ومن يلزمه الإنفاق عليهم مهما بلغ عددهم، والشاة تجزئ عن واحد، والبقرة والبدنة عن سبعة.

والأضحية سنة مؤكدة للقادر عليها، والقصد من الأضحية هو إحياء سنة أبينا إبراهيم عليه السلام في امتثاله لأمر الله وعزمه على تنفيذ الرؤيا بذبح ولده. والمسلمون حين يضحون يتمثلون معاني الفداء والتضحية لهذا الدين، والاستسلام والانقياد لأمر الله. وقد حدد الشرع سنا للأضحية حسب نوعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن”.

ويصادف عيد الأضحى في اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة، وتُشرَع فيه صلاةُ العيد بعد طُلوع الشمس، وبعد الصلاة تُذبَح الأضاحي، ويُتَصدَّق منها على الفُقراء، والمساكين. وهو يوم يحرم الصوم فيه مُطلقاً، كما يحرم صيام أيّام التشريق الثلاثة التي تليه إلّا للحاجّ الذي لم يجد الهَدي، فإنّ صيامها جائز له، أمّا المكان المخصوص فهو الكعبة وعرفة، وعدد الأيّام التي تُؤدّى فيها مناسك الحجّ ستّة أيّام لِمَن يُؤدّيها غير منقوصة، وأوّل هذه الأيام هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجّة؛ والذي يُسمّى يوم التروية، وسُمِّي بذلك لأنّ الحُجّاج كانوا يأخذون الماء من مكّة إلى مِنى وعرفة في ذلك اليوم، ثُمّ يكون اليوم التاسع؛ وهو يوم عرفة، ثُمّ اليوم العاشر؛ وهو يوم النَّحر، وهو يوم عيد الأضحى. ثُمّ اليوم الحادي عشر؛ والذي يُسمّى يوم القرّ؛ لأنّ الحُجّاج يستقرّون فيه بمِنى، فلا يجوز لهم الخروج منها، ثُمّ اليوم الثاني عشر؛ والذي يُسمّى يوم النَّفْر الأوّل للحاجّ المُتعجِّل، إذ يجب عليه الخروج من مِنى بعد رَمْي الجمرات، ثُمّ اليوم الثالث عشر؛ والذي يُسمّى يوم النَّفْر الثاني، وهو اليوم الذي تنتهي فيه شعائر الحجّ. كما يرتبط هذا العيد بأيّام التشريق الثلاثة التي ترتبط نهايتها بنهاية مناسك الحجّ؛ من طوافٍ حول الكعبة، وسَعْيٍ بين الصفا والمروة، ووقوفٍ في المَشاعر المُقدَّسة؛ كعرفة، ومِنى، ومُزدلفة، ورَمْيٍ للجمرات.

الدكتور أسامه محيو