بقلم فوزي عساكر
رئيس تحرير مجلة «العالمية»
كان في حيّنا مَجموعة أولاد يلعبون في ساحة الضيعة، ويتجمّعون في آخر أيام الأسبوع أثناء العطلة المدرسية. يؤلّفون فريقين للّعب في أيّ لعبةٍ يَختارون. وكان في هذا الحيّ، ولدٌ قويّ البنية، قاسي القلب، لا يَحترم الآخرين، يسيء إلى الجميع، ويسلبهم ألعابَهم، ولا أحد يَجرؤ أن يُخبر أهله، خوفًا من ردّة فعل هذا المشاغب.
والمحزن، هو أنّهم عندما كانوا يؤلفون الفريقين للبدء باللعب، كان الجميع يتسابقون ليكونوا في فريق هذا المشاغب، خوفًا من أن يكونوا ضحاياه! تَمامًا كأنّهم دجاجة تَهرب لتختبئ في حضن الثعلب، علّه يَحميها من نفسه و… من الآخرين!
والمخزي، أنّهم كانوا كلّما اختلفوا على مسألة، يلجؤون إليه ليحكم بينهم، باعتبار أنّ القوّة هي السلطة حتى في وجه الحق! ومنذ ذلك اليوم رأيتُ أنّهم على حقّ، فالحقّ للقوّة حتى في معادلة الأمم.
واليوم، نرى أنّ رئيس أعظم دولة في العالم، يَمنح دولةً صكّ ملكيّة أرضٍ لا يَملكها، ويرسم خريطة منطقةٍ اقتصادية باسـمه، على أرضٍ ليست أرضه، ويستقبل رئيس دولةٍ، كان في الماضي القريب مطلوبًا منه بتهمة الإرهاب، مقابل عشرة ملايين دولار، ولا يستقبل رئيس دولةٍ أعلن في خطاب القسم أنّ قرار الحرب والسلم بيد الدولة، ولا سلاح إلاّ سلاح الجيش. وهكذا يتمّ تطبيق معادلة: الحقّ للقوة في معادلة الأمم.
هل مطلوبٌ منّا أن نلعب دور الذئب والأسد والضبع، ونذبح الأبرياء، ونسبي النساء، ونكفّر مَن هو من طائفة أخرى، ونَحلّل دم مَن هو من حزبٍ آخر، أو من لونٍ آخر، كي نفرض سلطتنا على شعبٍ بائس لا يشتهي سوى الرغيف والدواء والكساء… وبعد أن نُحكم سيطرتنا على البشر المسالمين، نَخلع عنّا أقنعة الذئاب، ونلبس أقنعة الحملان، ونرود حرمَ منظمة الأمم المتحدة، وننادي بالسلام، حتى مع الأعداء؟!
بالله عليكم، أَرشِدوني إلى الحق في قصور الأباطرة، وفي زنزانات المعتقلين الأبرياء. مَن قال انّكم مفوّضون من الله لإرساء عدالة لا يفهمها البشر؟!
والمؤسف أننا ما زلنا شعبَ خطابات وشعارات ويافطات وهوبرة في مقابل تكنولوجيا التفوّق العلمي والعسكري، ويَموت أولادنا ولا نصدّق أننا كلّنا سنموت، ولن نبني وطنًا ولن نُحقق السلام. وعلاوةً على ذلك، لا نصدّق أنّ الحقّ للقوة في معادلة الأمم.
فوزي عساكر