حديث الجمعة _ أبواب الخير

المهندس بسام برغوت

الإسلام دين الرحمة والعطاء، يدعو إلى فعل الخير، ويحثّ عليه في كل مجالات الحياة، وجعله وسيلة للتقرّب من الله، وسبيلًا لنيل رضاه ومحبته، وسببًا لدخول الجنة. وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن “أبواب الخير كثيرة”، فليست محصورة بعمل معين، بل تتنوع وتتسع لتشمل كل ما فيه نفع للفرد والمجتمع. سنتحدث في هذا المقال عن أبواب الخير في الإسلام، وفضلها، وأمثلة عملية عليها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وضرورة اغتنامها في حياتنا اليومية.

  • مفهوم الخير في الإسلام

الخير في الإسلام ليس مقتصرًا على الأعمال التعبدية فقط كالصلاة والصيام، بل هو كل ما يُرضي الله، ويفيد الناس، ويحقق الرحمة والتوازن في المجتمع. يشمل الخير القول الطيب، والابتسامة في وجه الناس، والإحسان إلى الجار، وإعانة المحتاج، والعدل، وتربية الأبناء على الأخلاق، بل وحتى إماطة الأذى عن الطريق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان”. يدل هذا الحديث على أن الإسلام دين يشمل الجوانب الروحية والسلوكية والاجتماعية جميعها.

  • أبواب الخير التعبدية

من أهم أبواب الخير التي حثّ عليها الإسلام هي الأعمال التعبدية، التي تكون بين العبد وربه، كالصلاة، والصيام، والذكر، وقراءة القرآن، والصدقة، والحج، والدعاء. هذه العبادات تُطهّر القلب، وتقوّي العلاقة بالله، وتزيد من الطمأنينة والسعادة في النفس. فالصلاة مثلاً، هي عمود الدين، ووسيلة للتقرب إلى الله، وهي باب مفتوح خمس مرات في اليوم للتوبة والرجوع إلى الله. كذلك الصيام، لا سيما في شهر رمضان، له فضل عظيم في تهذيب النفس وتعويدها على الصبر. وأيضًا الذكر، قال الله تعالى: “الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب”، فكل هذه العبادات هي من أعظم أبواب الخير.

  • الصدقة باب عظيم من أبواب الخير

الصدقة من أبواب الخير العظيمة التي لها أثر كبير على الفرد والمجتمع. فهي تطهر المال، وتنمّيه، وتعود على المعطي بالبركة، وعلى المتلقي بالإعانة. قال الله تعالى: “مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل، في كل سنبلة مائة حبّة”. والصدقة لا تقتصر على المال فقط، بل كل شيء يمكن أن يكون صدقة، كالكلمة الطيبة، والابتسامة، والتعليم، والنصيحة، بل وحتى إزالة الأذى من الطريق. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “تبسُّمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإماطتك الأذى عن الطريق صدقة”.

  • التعليم من أبواب الخير

تعليم الناس العلم النافع، سواء كان علم دين أو دنيا، هو من أعظم ما يُتقرب به إلى الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة”. فالذي يعلّم طفلًا، أو يرشد جاهلًا، أو يكتب كتابًا فيه نفع للناس، فقد فتح لنفسه بابًا عظيمًا من أبواب الخير، ويعتبر صدقة جارية تستمر حسناتها بعد الموت.

  • الدعوة إلى الله والنصيحة من أبواب الخير

الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة هي مهمة الأنبياء، ومن أعظم الأعمال أجرًا، خاصة إذا أثمرت هداية للناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا، خير لك من الدنيا وما فيها”. كما أن النصيحة الصادقة من أبواب الخير التي تُصلح المجتمع وتقوي الروابط بين أفراده، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: “الدين النصيحة”، وهذا يدل على مركزية هذا العمل في الإسلام.

  • الاستغفار والتوبة باب من أبواب الخير

من الخير أن يتوب الإنسان إلى الله، ويستغفره دومًا. فالتوبة تجبّ ما قبلها، والاستغفار يفتح أبواب الرحمة والرزق. قال تعالى: “فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا، يرسل السماء عليكم مدرارًا، ويمددكم بأموال وبنين”. فالتوبة والاستغفار يجددان صلة العبد بربه، ويطهّران النفس من الذنوب، ويعطيان الإنسان دافعًا للبدء من جديد.

  • المسارعة إلى أبواب الخير

حث الإسلام على المبادرة والمسابقة إلى أعمال الخير، وعدم التسويف أو التردد. قال الله تعالى: “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين”. فالمؤمن الحريص على الخير لا ينتظر الفرص بل يصنعها، ويغتنم الأوقات الفاضلة، ويسعى لنشر الخير في بيته ومجتمعه، ويترك أثرًا طيبًا أينما حلّ.

ختاماً ، إن أبواب الخير في الإسلام كثيرة لا تُعدّ ولا تُحصى، وهي مفتوحة لكل من أراد الأجر والثواب، سواء كان غنيًا أم فقيرًا، عالمًا أم عاميًا. فكل إنسان قادر على أن يكون مفتاحًا للخير في مجتمعه، بما يستطيع من قول أو فعل، علينا أن نغتنم هذه الأبواب في حياتنا اليومية، وأن نعلّم أبناءنا حبّ الخير والسعي إليه، حتى نعيش في مجتمع يسوده الإحسان، وتظلله الرحمة، ويتنزل عليه رضا الله وبركاته، فالخير لا يعود بالنفع فقط على الغير، بل ينعكس على فاعله طمأنينة، وسعادة، ورضا في الدنيا، وثوابًا جزيلًا في الآخرة.

المهندس بسام برغوت