المهندس بسام برغوت
الإسلام دينٌ عظيم حمل رسالة الهداية والنور إلى البشرية، ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى نورالعلم والإيمان. فربى رجالاً ونساءً قدموا أعظم التضحيات في سبيل نصرة هذا الدين ونشر رسالته، في هذا المقال سنستعرض نماذج لعظماء من الصحابة والعلماء والقادة والمصلحين الذين خدموا الإسلام، وتركوا بصمات لا تُمحى في مسيرة الأمة.
أولاً: الصحابة الكرام – الجيل المؤسس:
لا يمكن الحديث عن عظماء خدموا الإسلام دون الوقوف عند الصحابة الكرام، الذين كانوا أول من نصر الدين ووقف إلى جانب الرسول ﷺ، ومنهم:
- أبو بكر الصديق رضي الله عنه : صاحب رسول الله في الهجرة، أول من وقف بجانب الرسول ﷺ بعد البعثة، وأنفق ماله في سبيل الدعوة، واشترى العبيد ليحررهم مثل بلال بن رباح، أول الخلفاء الراشدين، حافظ على وحدة المسلمين، فكان قائداً حكيماً خدم الإسلام بحزمه وعدله، وهو الذي جمع القرآن الكريم.
- عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ثاني الخلفاء الراشدين، وصاحب الفضل الكبير في توسيع رقعة الدولة الإسلامية. كان مشهوراً بعدله، حتى لُقِّب بـ”الفاروق” لأنه فرّق بين الحق والباطل. أسس نظام الدواوين، ووضع أسساً إدارية قوية جعلت الدولة الإسلامية منظمة وقوية.
- عثمان بن عفان رضي الله عنه : الخليفة الراشد الثالث، عُرف بحيائه وسخائه، وهو الذي نسخ القرآن الكريم لنشره في أرجاء الخلافة الإسلامية. كما ساهم في نشر الإسلام عبر الفتوحات البحرية والبرية.
- علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ابن عم النبي ﷺ، ورابع الخلفاء الراشدين، عُرف بشجاعته وعلمه. كان عالماً حكيماً في القضاء، وقد خلّد التاريخ مواقفه العظيمة في نصرة الإسلام ونشر العلم.
ثانياً: العلماء – حماة الدين وحفظة العلم
العلماء هم ورثة الأنبياء، وكان لهم الدور الأبرز في حفظ الشريعة وتفسيرها ونشرها، ومنهم:
- الإمام أبو حنيفة النعمان : مؤسس المذهب الحنفي، أحد أكبر المذاهب الفقهية الإسلامية. تميز بعقله الراجح وفقهه العميق، وأسس مدرسة فكرية قائمة على الاجتهاد والرأي، مما جعل مذهبه واسع الانتشار في بلاد المسلمين.
- الإمام مالك بن أنس: صاحب المذهب المالكي، عاش في المدينة المنورة، وجمع علمه في كتابه المشهور “الموطأ”. كان ثابتاً على الحق، ورفض أن يخضع للسلطة السياسية في فتاواه، مما جعله مثالاً للشجاعة العلمية.
- الإمام الشافعي: صاحب المذهب الشافعي، جمع بين فقه أهل الحديث وأهل الرأي، ووضع علم أصول الفقه في صورة منظمة، مما ساهم في تطوير العلوم الشرعية بشكل كبير.
- الإمام أحمد بن حنبل: إمام أهل السنة، وصاحب المذهب الحنبلي، كان ثابتاً على الحق، فصار رمزاً للتمسك بالعقيدة.
- الإمام البخاري والإمام مسلم: جمعا الأحاديث النبوية الصحيحة في كتبهما المشهورة “صحيح البخاري” و”صحيح مسلم”، وهما من أهم المصادر التي حفظت السنة النبوية من الضياع والتحريف.
ثالثاً: القادة الفاتحون:
كان للفتح الإسلامي دور محوري في نشر الإسلام إلى أصقاع الأرض، وقد برز قادة عظماء خدموا الإسلام ببطولاتهم وعدالتهم، ومنهم:
- خالد بن الوليد رضي الله عنه: لقّبه الرسول ﷺ بـ”سيف الله المسلول”، وهو القائد الذي لم يُهزم في معركة. شارك في معارك حاسمة مثل مؤتة واليرموك، وأسهم بشكل كبير في تثبيت أركان الدولة الإسلامية.
- صلاح الدين الأيوبي: قائد مسلم عظيم، عُرف بشجاعته وتواضعه وعدله. وحّد المسلمين في مواجهة الصليبيين، وحقق نصراً عظيماً في معركة حطين، واستعاد بيت المقدس بعد أن ظل محتلاً لعقود.
- محمد الفاتح: السلطان العثماني الشاب الذي فتح القسطنطينية عام 1453م، محققاً بذلك بشارة النبي ﷺ: “لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”. كان رجلاً ذا إيمان عميق وهمة عالية.
رابعاً: المصلحون والمجددون:
مع مرور الزمن، كان لا بد من ظهور مصلحين يجددون ما اندثر من معالم الدين ويعيدون للأمة وعيها، ومنهم:
- الإمام الغزالي: فيلسوف الإسلام، جمع بين الفقه والتصوف والفلسفة، وكان له دور عظيم في محاربة الإلحاد والبدع الفكرية، وكتبه ما زالت مرجعاً في الفكر الإسلامي.
- ابن تيمية : عالم مجتهد ومفكر عظيم، دعا إلى العودة إلى الكتاب والسنة ونبذ الخرافات، وكان ثابتاً على مواقفه رغم ما تعرض له من سجن واضطهاد.
خامساً: نساء عظيمات خدمْن الإسلام:
لم يقتصر دور خدمة الإسلام على الرجال فقط، بل كان للنساء دور عظيم أيضاً.
- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: زوجة النبي ﷺ وأول من آمن به، ساندته بمالها ونفسها في أصعب لحظات الدعوة، فكانت أول نصير للإسلام.
- عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها: من أفقه نساء الأمة، روت آلاف الأحاديث، وكانت مرجعاً في العلم والفقه.
- فاطمة الزهراء رضي الله عنها: ابنة النبي ﷺ، رمز للعفة والصبر والإيمان، وكانت مثالاً للمرأة المسلمة الصابرة المحتسبة.
ختاماً ،
إن الحديث عن العظماء الذين خدموا الإسلام لا ينتهي، فكل عصر من عصور الأمة الإسلامية أنجب رجالاً ونساءً تركوا بصماتهم في ميادين الجهاد والعلم والفكر والإصلاح. هؤلاء العظماء لم يكونوا يبحثون عن مجد شخصي، بل كانوا يحملون همّ رسالة عظيمة هي نشر نور الإسلام وهداية الناس إلى الحق.
المهندس بسام برغوت