سرق وأهدر 45 مليار دولار ويحاضر بالعفّة… 33 سنة استقرار مالي يُكافأ صاحبها بالتوقيف

كتب عوني الكعكي:

لا توجد في العالم عدالة حقيقية حتى في أرقى بلدان العالم.

إذ إن السياسة والمصالح تلعب دوراً كبيراً بقرار العدالة.

على سبيل المثال هنا في لبنان، فإنّ بعض الذين حكموا البلاد خلال السبعينات وحتى يومنا هذا ساهموا في سرقة ونهب الموارد، وهم الذين خرّبوا البلد وسرقوا ونهبوا وأصابوا الوطن بالفقر… ونراهم اليوم مسرورين فرحين يعيشون في بحبوحة، ومن إحدى مظاهرها نرى ضابطاً في الجيش يملك ڤيلا في أهم وأغلى منطقة سكنية في لبنان، وضابطاً آخر اشترى قصراً في البقاع كان يملكه أحد كبار الإقطاعيين والزعماء. وشخصية مدنية يملك الكثير من الڤيلات الفخمة وبيوتاً في أفخم مناطق لبنان، وحسابات ليس لها حدود في البنوك.

والأنكى من كل هذا، أنّ أحد الذين يتغنّون يومياً بالشرف والعفّة، كبّد لبنان خسائر من الكهرباء قيمتها فقط 45 مليار دولار، وهذا الفاسق الذي لا يستحي وهو يتخفّى وراء قريب له تسبّب في إفساده.

أنا لا أدافع عن حاكم مصرف لبنان، إذ كما يقولون ان القضية بيد القضاء.. ولكن عندي سؤال بسيط: كيف يكون رياض سلامة موقوفاً، وكيف يكون الذي أهدر أو سرق 45 مليار يتمختر في البلاد لأنه لا يستطيع السفر لأسباب تتعلق بالعقوبات؟ علماً أن أحدهم اشترى في منطقته 400 عقار بأسماء وهمية عندما عاش صعوبات الحياة في بداية حياته حيث كان يتنقل ضمن 11 محطة ليصل من بيته الى المدرسة التي كانت «تلمّه».

والأهم من هذا كله، إليكم ما حدث في فرنسا، عاصمة العدالة والحقوق في العالم، فقد تبيّـن أنّ الذي ركّب الملفات ضد رياض سلامة شخص كذاب ومسيّس و«لعبته» كانت لعبة سياسية وليست حقوقية. وإليكم ما جاء في التقرير:

«في تطوّر خطير وبارز، وللمرة الثانية، ينكشف مفبرك الملفات في باريس ضد الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، مؤسّس جمعية «شيربا» التي تولّت الإدعاء أمام النيابة العامة الفرنسية في باريس ضد سلامة.

المحامي الفرنسي وليام بوردون صديق القاضية المتقاعدة غادة عون ومحامي التيار الوطني الحر وديع عقل، ومجموعة «كلنا إرادة» في لبنان وأبرز صحافييها منير يونس. والفضيحة أن أبرز من اعتمدوا عليه في معلوماتهم كان أبرز أركان الفساد في باريس وهو وليام بوردون، ما يطرح علامات استفهام حول كل الأدوار التي لعبها في ملف رياض سلامة، وحتى الجهات التي كانت تموّله لفبركة هذه الملفات وتقديم الشكاوى.

كما تبيّـن في فضيحته الأولى في تشرين الأول عام 2023، والتي كانت نشرتها صحيفتا «لو باريزيان» و«ليبراسيون». والتطوّر الجديد اليوم تمثل في ما نشرته «La Lettre» الفرنسية حول فضيحة جديدة لبوردون وضعته في موقف محرج أمام جمعية الشفافية الدولية.

ويبقى السؤال: متى يتحرّك القضاءان الفرنسي واللبناني للتحقيق مع بوردون في خلفيات كل الفبركات والإدعاءات التي قدّمها بحق سلامة؟

وفي 22 أيار (مايو) كشف الفرع الفرنسي لمنظمة الشفافية لعدد من الصحافيين أنه اكتشف بدهشة أن وليام بوردون كان في قلب تضارب محتمل في المصالح، وهو أوفد أحد أعضاء مكتبه لمرافقة «جولي» خلال فترة احتجازها على ذمّة التحقيق.

ويذكر أن اسم وليام بوردون سبق أن ارتبط بقضية أخرى أثارت الجدل في فرنسا وهي قضية التدخلات «القطرية» بعد أن اكتشف أن بوردون تلقى مبالغ مالية نقداً من الباحث الإسلامي نبيل نصري المتهم بالفساد واستغلال النفوذ.

aounikaaki@elshark.com