خاص الشرق
تابع- ملف سد جنّة. في هذه الحلقة الثانية من فضيحة سد جنّة تبرز «الشرق» الحقيقة كاملة عن اهمال دراسات دولية تؤكد عدم جدوى انشاء سد جنّة بالاضافة الى الاثر البيئي للسد الذي تبين انه قد يحجب المياه عن بيروت بدل ان يزودها بالمياه.
ما هي العيوب بالسد؟ وما هي اسبابها؟
وفق الخبراء ارضية سد جنّة تحتوي على 3 كسور كبيرة تمنع تجمع المياه او تؤدي الى تسرب المياه بالاضافة الى نوعية الصخور الكلسية التي تمنع تجمع المياه بالاضافة الى الشقوق العميقة بين الصخور في طبقات الارض غير الظاهرة قد تصل الى عرض امتار مما يمنع علميا اي تجمع للمياه في السد. ظهر تقرير الامم المتحدة لللتنمية UNDP الصادر سنة 1970 في نيويورك ان نسبة المياه السطحية اي مياه الانهار والينابيع تبلغ سنويا حوالي مليار متر مكعب وهي تمثل ربع ثروة لبنان من المياه فيما التخزين الجوفي يبلع حوالي 3 مليارات مكعب من المياه. وهذه الدراسة تظهر ان التركيز على مشاريع تستثمر المياه السطحية فقط هو عمل بعكس النتائج العلمية. دراسات علمية وتوصيات تفضح واقع السدود عموما وسد جنة خصوصا. بداية مع دراسة رئيس رابطة الهيدروجيولوجيين الفرنسيين ميشال باكولوفيتش الذي زار لبنان مرارا وواكب العمل بسد جنّة وصف العمل انه سد لتجميع المياه فوق مصفاة ومن المستحيل ان يستطيع تجميع المياه بسبب نوعية الصخوروالتشققات الصخرية في طبقات الارض كما ذكرنا ناهيك بالكسور الكبيرة في ارضية السد. بالاضافة الى دراسات دولية ابرزها دراسة البعثة الجيولوجية الفرنسية العاملة في لبنان سنة 1955 برئاسة لويس دوبرتريه اظهرت ان تخزين مياه نهر ابراهيم في سد جنة هي مستحيلة نظرا لصعوبة بناء السد على مجرى نهري ضيق وسريع الجريان بالاضافة الى التأكيد على ان نوعية الصخور الكلسية تمنع تجمع المياه حيث تتسرب المياه السطحية الى عمق الصخور والشقوق الكربوناتية الموجودة على جوانب السد. دراسة اخرى اجراها المعهد الألماني لعلوم الارض والموارد الطبيعية BGR بتكليف من قبل مجلس الانماء والاعمار ومؤسسة مياه لبنان اكدت ان مشروع سد جنّة يقوم على صخور كربوناتية متكسرة ومتشققة بدرجة كبيرة بالاضافة الى الكهوف والمغاور في موقع السد تمنع تجمع المياه وان نسبة تسرب المياه في السد قد تصل الى نسبة 100%. واكد الخبراء الالمان ان هذا السد قد يؤثر على تغذية نبع جعيتا الذي يزود بيروت ب 70% من حاجتها للمياه! وهناك دراسات اشارت الى ان سد جنّة يتم انشاؤه في منطقة ناشطة زلزاليا! وتحديدا تحت حائط السد هناك 3 فوالق زلزالية وفي متن بحيرة السد. هذه الدراسات للأسف تم تجاهلها في عملية انشاء سد جنّة وسلك دهاليز التنفيذ سنة 2013 ناهيك بتجاهل الاثر البيئي للسد حيث طالب وزير البيئة سنة 2015 محمد المشنوق بايقاف العمل به، فأدخلوا السد في مجال المناكفة السياسية للتهرب من اجراء اي دراسة اثر بيئي وهكذا اوصلنا التعنت والفشل والفساد الى هدر حوالي 300 مليون دولار من المال العام على سدود فاشلة.
مزيد من الدراسات ومزيد من الهدر
وزير الطاقة والمياه الحالي وزير القوات اللبنانية جو صدي ووفق بيان اعلامي صادر عن الوزارة اعلن انه وبعد اشهر عدة في الوزارة لا يزال في صدد اعادة تقييم مشاريع السدود حيث ان هناك سدودا سوف يتم تعديل مسار العمل بها واخرى سيتوقف العمل بها. المؤكد هنا ان مشاريع السدود لا تحتاج الى هذا الوقت من التقييم في ظل وجود جميع الدراسات التي ذكرناها واخرى ايضا كلفت بها شركات ومؤسسات دولية من قبل الدولة اللبنانية. هل الحلول باجراء مزيد من الدراسات؟ ما نفع هذه الدراسات التي لا يؤخذ بها سوى انها تدخل ضمن هدر المال العام ايضا»؟!
شركة فاسدة عالمية لتنفيذ السد
تم تكليف شركة Andrade Gutierrez لانشاء وتنفيذ سد جنّة وهي شركة برازيلية متهمة بالفساد دوليا وفي البرازيل هناك فضيحة مدوية عن فساد الشركة الملزمة بتعوضات للدولة هناك. لعل اختيار هذه الشركة ليس عشوائيا فاي مبتدىء يبحث عن تاريخ خلفية وفاعلية الشركة التي سيتعامل معها وهذا امر سهل جدا. وبعد توقف مشروع سد جنّة بسبب الاسباب السابق ذكرها وفشل المشروع، هذه الشركة طالبت بتعويضات من الدولة اللبنانية وصلت الى 80 مليون دولار ولكن المبلغ خفض الى 10 مليون دولار اميركي دفع منها جزء بعد استعطاف وزير الطاقة والمياه السابق وليد فياض للشركة وهناك جزء لم يدفع. كيف يمكن لمبلغ تعويض ان يصل من 80 الى 10 مليون دولار بسحر ساحر؟ والتعويض عن ماذا تحديدا حيث ان الشركة لم تنشىء السد اساسا ولا حتى حائط السد بل فقط اقتلعت الاشجار ودمرت البيئة وحفرت لبناء دعامات السد التي لم تنجز! لدينا بركة بأرضية متشققة لم تجمع مترا واحدا من المياه بالاضافة الى كسارة وجبل متآكل وهذه النتيجة تؤكد صحة الدراسات السابقة التي تم تجاهلها من قبل باسيل ومن تعاقب على وزارة الطاقة لمدة 15 سنة. الواقع ان ملف سد جنّة لا بد وان يسلك طريق سدي بقعاتا والمسيلحة الى القضاء ومحاسبة جميع وزراء الطاقة والمياه المتعاقبين منذ 2010 على هدر المال العام.
الاثر البيئي لسد جنّة
يعتبر وادي جنّة من المناطق المحمية بيئيا والموضوعة على لائحة التراث العالمي حيث انه يعتبر موقع للتراث الفينيقي ويضم الممر الفينيقي. وبسبب سد جنّة سوف يعاني الوادي من تدهور بيئي كبير سيؤثر على التنوع البيئي في منطقة حوض البحر الابيض المتوسط. الواضح ان جميع الدراسات التي اجريت منذ سنة 1954 حتى البدء بتنفيذ السد تؤكد عدم امكانية انشاء السد للأسباب المتعلقة بموقع السد وطبيعة الصخور والنشاط الزلزالي لموقع السد بالاضافة الى عدم فعالية السد لتجميع المياه بأكثر من 7 مليون متر مكعب بكلفة باهظة جدا. ناهيك بالاثر البيئي الضخم للسد وتأثيره على نبع جعيتا وحرمان بيروت من 70% من حاجتها للمياه بدل ان يزودها بالمياه. وعلى الرغم من كل ما سبق اصر باسيل على انشاء سد ابتلعت صخوره الكلسية حوالي 250 مليون دولار اميركي وشوّه وادي تراثي.