شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – إذا هذا العيش الواحد فكيف يكون عكسه؟!

هل أسهمت مواقع التواصل الاجتماعي ومعها الذباب الالكتروني في فضح مقولة «العيش الواحد» و «العيش المشترك» وما الى ذلك من هذه المعزوفات التي يشنّفون آذاننا بها صبحاً ومساءً وما بينهما؟!
أصلاً ، هل إن هذه المعزوفة هي أكذوبة موصوفة أو إحدى أدوات النفاق التي اشتهرت بها «الجماعة السياسية» منذ أجيال طويلة كواحدةٍ من «عدّة الشغل»؟!. أو إن العيش المشترك هو ميّزة لبنانية يتفرد بها بلد الأرز قولاً وفعلاً، الى أن جاءنا هذا الجيل السياسي الهجين المارق الفاسد، فأوقعنا في المحظور؟!.
على صعيد ذاتي وتجربة شخصية نقول إننا ننتمي الى جيل لم يفرّق يوماً بين لبناني وآخر على أساس طائفي أو مذهبي. هكذا نشأنا في البيت، وهكذا اعتدنا على أن نكون في معهد الآباء الكرمليين في طرابلس الفيحاء التي تبادلنا وإياها التمتع برحيق عطر زهر الليمون قبل أن يجتاح الجشعُ وغيابُ الدولة تلك البساتين الرائعة ليتم استبدالها بحدائق الإسمنت المسلح. ولا يزال عشقنا طرابلس، نحن أبناء الأقضية المسيحية التي تحوط بعاصمة الشمال، يعتمر في قلوبنا، كما لا يزال ذلك المعهد العريق شاهداً على واقع رائع افتقدته مناطق لبنانية كثيرة بالرغم من أن تلاميذه (بالآلاف) صارت نسبة غير المسيحيين منهم تتجاوز الخمسة والثمانين في المئة. وما زال أحب الناس إلينا هم رفاق الدراسة التكميلية والثانوية من ذلك المعلم التربوي والثقافي ولا سيما الوطني بالمعنى العلمي الحقيقي للكلمة، وهم نخبة من الشخصيات الحاضرة بفعالية وإيجابية ونجاح في سائر الميادين، إن في لبنان او في بلدان الإقليم أو في الخارج البعيد كذلك… وهم من مختلف الطوائف والمذاهب الإسلامية والمسيحية وقد أتوا من مناطق لبنانية عدة بما فيها الجنوب والبقاع والجبل والعاصمة بيروت، وبالطبع من طرابلس وسائر أقضية الجوار: البترون، والكورة، وزغرتا – الزاوية، وبشري – الجبّة، والضنية، والمنية، وعكار…
واليوم ، يؤلمنا كثيراً أن نرى الى وطننا الغارق في متاهات الطائفية والمذهبية، و «أنتم لا تشبهوننا ونحن لا نشبهكم» الى ما هنالك من تبادل البغضاء والأحقاد والتعصب الذميم، وكذلك شمولية الشتائم التي لا تفرق بين الواحد وسائر أبناء طائفته أو مذهبه… مما تفوح منه روائح الشر والفتنة والعَفَن الفكري والتخلف الخ… عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبأفواه مجموعات وأفراد ينفثون السموم وهم من الذين يعتاشون في هكذا مستنقعات نتنة.

khalilelkhoury@elshark.com