في حلقة ضيقة اقتُصرت على نخبة من المفكرين تركز البحث على احتمالات وقوع الفصل الثاني من الحرب الأخيرة التي أُوقفت باتفاقية لا تزال تثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام المرسومة حولها، لا سيما أن الجانب الإسرائيلي لم يلتزم بها على الإطلاق، والعكس صحيح لأنه سجل بعدها آلاف الخروقات التي ليست من النوع البسيط ولا المتوسط، إنما هي سلسلة اعتداءات بالغة الخطورة بنتائجها الكارثية والأضرار الكبيرة التي خلفتها، والأكثر صحة القول إنها تخلفها، لأن هذا المسلسل العدواني لم ينته بعد وليس ما يشير الى أنه سينتهي إلّا بالآتي الأعظم، أي باستئناف القتال من الجانبين، باعتبار أن ما يحدث الآن هو عدوان من طرف واحد.
وكان في تقديرنا الشخصي ما ختمنا به مداخلتنا، وهو ما تضمنه عنوان هذه العجالة: الحرب يجب ألّا تكون قدَر لبنان واللبنانيين. وبالتالي فهي ليست «قراراً إلهياً مكتوباً، بل إذا وقعت فستكون نتيجة تواطؤ يشترك فيه كثيرون».
في أي حال إنه يمكن تجنب الحرب الآتية إذا تحملت الأطراف المعنية مسؤوليتها، وقامت بالواجب الوطني (ونقصد الأطراف الداخلية) وبالواجب الأخلاقي والإنساني والقانوني (من قبَل الأطراف الإقليمية والخارجية).
داخلياً يُفتٓرَض بحزب الله والسلطة اللبنانية أن يتوصلا الى تفاهم واضح وصريح، لا عيب فيه، حول أن الدولة هي وحدها التي تحتكر السلاح، وأن عليها أن تتعامل مع الحزب وبيئته بما يطمئن الى الحاضر والمستقبل، وأن مسألة حصرية السلاح بالدولة هي ضرورة وطنية وليست استجابة الى رغبات وتعليمات وأجندات خارجية تصب في مصلحة الإسرائيلي، ولا هي تجاوب مع أحقاد وحسابات وأهداف أطراف سياسية في الداخل الخ…
أما على الصعيد الخارجي فيجب أن يكون الراعي الأميركي على حد أدنى من الرعاية والحيادية، وأن يلجم المعتدي الإسرائيلي ولا يكون نصيراً له وظهيراً وداعماً بالمال والسلاح والعتاد والسياسة لا سيما بالسلاح الأمضى وهو «الڤيتو» في مجلس الأمن الدولي.
ولقد يكون مطلوباً من الأشقاء العرب أن يتعهدوا بالمساعدة الفعلية العملية من إعادة الإعمار الى مختلف أنواع الدعم في حال تخلّي الحزب عن السلاح.
والأهم من هذا كله أن يدرك الحزب أن لا حماية إلّا بالدولة، ولكن لتتحقق هذه الحماية يجب أن تكون أحادية القرار في عهدتها.