يؤكد التقاطع بين مراقبين ومسؤولين وديبلوماسيين أن نزع السلاح الفلسطيني، سواء أفي المخيمات أم خارجها، هو أكثر تعقيداً وصعوبة من تخلّي حزب الله عن سلاحه، والأسباب عديدة. وفي التقدير أن ما يزيد من صعوبته هو أن يقول بنزعه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عبّاس الذي تعتبره حركة حماس أنه لا يمثل سوى أقلية فلسطينية، وأنها هي وحركة الجهاد يمثلان القاعدة الشعبية في الداخل المحتل وفي عالم الشتات واللجوء الخارجي. ومن نافل القول إن عباس يبادلهما المشاعر ذاتها، وهو الذي بلغت به حدة موقفه من الفصيلين أن وجه إليهما كلاماً قاسياً جداً، قبل نحو ثلاثة أسابيع، عندما خاطبهما مباشرة قائلاً: «يا ولاد الكلب»!
ومع أن حركة حماس (قيادة لبنان) تبدي، في غير بيان رسمي، تفهمَها الموقفَ اللبناني، إلّا أن المعلومات الأكيدة المتوافرة تشير الى أن قرارها لا يزال عدم التجاوب، لا سيما أنها لو اقتنعت بالموافقة، لكان في الإمكان التوصل الى حلٍّ سريع لهذه المسألة.
في غضون ذلك تُبدي حركة فتح استعدادها المبدئي للإنخراط في التخلي عن السلاح، ولكن الواقع يكشف أن المنشقين عنها في معظم المخيمات هم الأكثر نفوذاً، وبالتالي فإنهم ليسوا، حتى اليوم، في وارد التخلي عن السلاح ويدّعون أن دوره محصور في الأمن الداخلي، علماً أن هذا السلاح يُستخدم للإقتتال بين المجموعات، قدر ما يشكّل غطاءً للمجرمين، من جنسيات عدة، الذين تأويهم المخيمات، وما يتكرر في عين الحلوة هو خير دليل.
إن اتفاق العار، المعروف باتفاق القاهرة سيىء الذكر، هو الذي اقتطع مناطق من لبنان (للتذكير: «فتح لاند») وقدمها الى القيادة الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات في حينه، وحوّل المخيمات الى مناطق حكم ذاتي داخل لبنان، ما أدّى تباعاً الى ضرب مقومات الدولة اللبنانية وإسقاط مقوماتها وبالتالي استيلاد الأزمات والحروب التي تناسلت حروباً وكوارثَ لا نزال نعاني جرّاءها وندفع الغالي والأغلى.
المهم أن قرار نزع السلاح الفلسطيني قد اتخذ، وأيضاً قرار تخلي حزب الله عن سلاحه، أمّا التنفيذ فمسألة فيها نظر.