ربما كنا، على صعيد شخصي، بين اللبنانيين الذين تفاءلوا خيراً بتكليف السيد توما البراك مهمة دقيقة في لبنان في هذه المرحلة الفاصلة والمصيرية من تاريخ هذا الوطن الصغير المعذب وكذلك من تاريخ المنطقة برمتها.
أسارع الى القول إنه من السذاجة، وربما الإفراط في السذاجة والغباء السياسي بناء قصور من رمال على مهمة الرجل، ونحن نشير الى أننا لم نكن نأمل في أن يأتي عن يده حل بالعصا السحرية يكون في مصلحة لبنان، ولكننا كنا نأمل أن يكون باقياً في طواياه بعض مما حدّثه والده عن نوستلجيا الى هذا اللبنان، بلد الأرز.
ولا مرة، على الإطلاق، ذهبنا الى ما كان ليقوله الكبير المرحوم سعيد عقل، لو كُتب له أن يكون بيننا حياً في هذه الأيام، عن لبنانية البراك، وتمجيد هذه اللبنانية التي كان للشاعر العبقري أن يجدها في أشخاص أو في جذورهم، حتى ولو لم تكن فيهم أصلاً. وتلك إحدى مزايا الشاعر الكبير الذي كرس نضاله، لا سيما في عقود عمره الطويل الأخيرة، من أجل تمجيد لبنان وفي سبيل عزته وكرامته واستقلاله.
ونعود الى توما البراك الذي أتحفنا في تصريحاته الأخيرة بأقوال ومواقف وتحذيرات وتهديدات للبنان لا يمكن أن يصدر مثلها إلا عن العدو الإسرائيلي ذاته. أعترف بأنني لم أكن أصدق أن هذا الذي يتحدث ليس صهيونياً حتى العظم.
نكرر أنه من السذاجة أن نتوقع من موفد الرئيس الأميركي، أياً كان اسمه، أن يخرج على تعليمات البيت الأبيض، وهذا طبيعي وأضعف الإيمان، ولكن أما كان في مستطاع توما البراك أن يحمل وجهة نظر لبنان ولو لمرة واحدة… ليس من باب التبني ولكن من باب مسؤولية وواجب ودور ناقل الرسالة على أنه لم يوضح شيئاً، ولم يُجدِ فيه اللعب على الكلمات.
وأود أن أقول أن لا مجال للمقارنة بين توما البراك والمرحوم فيليب حبيب، الموفد الرئاسي الأميركي السابق (1982) الى لبنان.
khalilelkhoury@elshark.com