السؤال يطرح ذاته بقوة: هل الانتخابات الرئاسية في لبنان ممنوعة بقرارٍ ما، أو هي عصيّة في المطلق؟
تطارح هذا السؤال فريق من الباحثين الذين جمعهم تكليفٌ من قِبَلِ إحدى المرجعيات في مهمة إعداد دراسة تتناول ملف الاستحقاق الرئاسي تحت عنوان عريض مزدوَج: «رئاسة الجمهورية دورٌ أو ضرورة؟ / هل المداورة في الرئاسة ممكنة؟».
لن ندخل في التفاصيل، وهي كثيرة. فالمجالس بالأمانات، إضافة الى أن الدراسة لا تزال في بداياتها التي لم تتجاوز، بعد، البواكير… إلّا أننا نرى الى المشهد الرئاسي بمنظار شخصي فنصل الى الخلاصات الآتية:
أولاً – في تقديرنا أن النظام السياسي اللبناني محكوم بالعقم، فهو عاجز عن إيجاد الحلول لأي مشكلة تواجهه وتعترض المسار، كما هي الحال في التركيبة التي وصل إليها المجلس النيابي الحالي والقائمة على ما درجنا على أن نطلق عليه في هذه الزاوية تسمية «معادلة الأقليتَين»، ما يجعل تأمين النصاب القانوني لانتخاب الرئيس شبهَ مستحيل.
ثانياً – إن فقدان الثقة بين القيادات السياسية والحزبية يشكل عاملاً مهماً في عدم التوصل الى تكوين تكتلات حقيقية صلبة، لدرجة أن بعضهم يقول: حتى داخل المجموعة النيابية الواحدة هناك من يستخدم أوراقاً فوق الطاولة وأخرى تحتها، أضف القول الأكثر مدىً عن «لاعبي الكشاتبين». (ثمة أمثلة كثيرة في هذا المجال).
ثالثاً – تُلاحَظ أهدافٌ كثيرة تتحكم بمواقف غير طرف من أفرقاء الداخل تفسّر عدم الاستعجال في إنجاز الاستحقاق:
1- هناك مَن يدرك أن نتيجة الانتخاب، في حال حصوله، لن تكون في مصلحته، وهو ليس مستعدّاً لتقديم هدايا مجانية للفريق المنافس الذي سيقطف الرئاسة.
2 – وثمة فريق يرى «فائدة ستراتيجية» في استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، عساه يكون مدخلاً لنسف النظام السياسي بأركانه كلّها… والغريب أن غير طرف في هذا التفكير، وليس طرفاً واحداً(؟!.).
3 – ونواب من اتجاهات مختلفة يَعِدُ كلٌّ منهم نفسَه بمكسبٍ ما في العهد الجديد يراوح بين المادي والمعنوي، مقابل تبديل موقفه.
رابعاً – ولسنا ننسى أن اهتمام اللجنة الخماسية ومسعاها، في مجال الاستحقاق الرئاسي، ينطلقان من خلفيات ومصالح متناقضة، ما لا يُخفى على أحد… وفي التقدير أن الأمر لا يحتاج الى جهود تبذلها خمس دول للتوصل الى فكّ طلاسم رئاسة الجمهورية وحل عقدتها، إذ يكفي أن تلتقي واشنطن وطهران على قرار ليُقضى الأمر الذي كان مفعولاً.
ولكن هذا ليس حلّاً، وإلّا لوجب إنشاد المدائح في عصا عنجر التي كانت غليظة.
khalilelkhoury@elshark.com