شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – من القدس لشرم الشيخ: يوم ترامب الاستثنائي

صفة الاستثنائي الواردة في عنوان هذه العجالة يمكن أن يُقصد بها ما حفل به يوم أمس بالذات، وكذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فوقف إطلاق النار في غزة والاحتفال به وقمة شرم الشيخ أحداثٌ ثلاثة مترابطة ما كان مقدّراً لها أن تكون لولا الدور الكبير الذي أداه نزيل البيت الأبيض بالترغيب حيناً وبالوعيد أحياناً بالرغم من حاجة طرفَي الصراع إليه. وبقدر ما كان ترامب نجم الخطابات المطولة في الكنيست، كان كذلك نجم قمة شرم الشيخ التي ترأسها والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي استقبله على سلم الطائرة الرئاسية الأميركية عكس القادة الآخرين الذين استقبلهم في مقر القمة.

وفي فلسطين المحتلة كما في شرم الشيخ بدا ترامب وكأنه تجاوز نكسة عدم الفوز بجائزة نوبل للسلام ليزهوَ بإنجازه العظيم مكرراً أنه  أوقف «ثمانية حروب في ثمانية أشهر»، وهي العبارة التي رددها مراراً وتكراراً، متحدثاً عن «فجر تاريخي» لمستقبل الشرق الأوسط ما كان ليتحقق لولا الضربة التي أوقعها بإيران.

ولقد شهد الكنيست أطول قصيدتَي غزل متبادَل بين ترامب المعتدّ بنفسه حتى عبادة الذات، والسفاح نتنياهو الذي لم يحصل، فقط، على صكّ براءة من الأميركي، بل أيضاً على ما يشبه فرمان تعيينه ملك ملوك إسرائيل.

ولقد وجدها ترامب مناسبة ليتحدث، إضافة الى موضوع الساعة، (أي إنهاء الحرب) على  دوره في استعادة عظَمة أميركا، وعن أفراد عائلته زوجةً وأبناء وأصهاراً ومزايا كل منهم بمن فيهم كريمته التي أخبرنا أن إعجابها بزوجها أدى بها الى التحول الى ديانته اليهودية. ولم ينسَ التنويه بأهمية طائرته الرئاسية، الى الجهود المضنية التي بذلها من أجل وقف الحروب، مفرغاً ما في جعبته من انتقادات حادة الى سلفَيه الديموقراطيين باراك أوباما وتجو بايدن، الى ما هنالك من نهفاته المعهودة، مع تركيزه بإصرار على تسمية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ «الجنرال» إشارة الى خلفيته في قيادة الجيش المصري.

ترامب، الذي لمع نجمه، أمس، ساطعاً في سماء الشرق الأوسط، أعطى دولة الاحتلال براءة في «البقاء الى الأبد» كما قال. ولكن أخطر ما قاله، في تقديري أن إسرائيل «ستكون – بعد اتفاق وقف الحرب في غزة –  أكبر وأقوى وأفضل»، وإذا كان الوصفان الأخيران، أي الأقوى والأفضل، مفهومَين، فإن كلامه عن إسرائيل «أكبر» يثير علامات استفهام قد لا تنتهي.

وبعد، تساءلتُ كما تساءل الكثيرون: أين الوجود اللبناني في كل ما شاهدناه أمس، في القمة وخارجها؟!. ولولا إشارة وردت على لسان ترامب مشيداً بدور الرئيس اللبناني، من دون ذكر الاسم، لكان الجواب على التساؤل أعلاه مخيفاً.

khalilelkhoury@elshark.com