كتب عوني الكعكي:
لا بدّ أن نتعامل مع هذا الموضوع من الناحية العلمية والمعلومات، لا من باب المحبة أو العاطفة حتى نكون موضوعيين.
أولاً: الانتصار الذي حققه الحزب عام 2000 بالانسحاب من لبنان بدون أية شروط صحيحة ونفتخر بها. لكننا لم نعرف كيف نستغل ذلك الإنجاز الكبير. فغرقنا في أوهام إبادة إسرائيل وغيرها من الشعارات التي لا يمكن تحقيقها.
ثانياً: كان الأجدى بالحزب المقاوم أن لا يدخل في الحكومة أو في المجلس النيابي، وأن يبقى مقاوماً بعيداً عن السلطة، خصوصاً أن السلطة أو الحكم محرقة حقيقية لأي حزب.
ثالثاً: الحزب لم يكتفِ بدخول السلطة بل ذهب الى أبعد من ذلك.. أصبح هو الذي يعيّـن رئيساً للجمهورية ورئيساً للحكومة ويختار الوزراء ويختار الوزارات، وهنا يمكن القول: إنّ الحزب صار بديلاً للحكم السوري في لبنان.
في المقابل، لو ظلّ الحزب خارج السلطة وذهب لإجراء سلام أو أي اتفاق مع إسرائيل لكانت أرباحه أكثر له ولكل الشعب اللبناني.
أنتقل الى ظروف عام 2006، وكان الحزب لا يزال قوياً عسكرياً.. ونتذكر أن قائد المقاومة السيّد حسن نصرالله كان يهدّد إسرائيل بآلاف الصواريخ، وطرح وقتها شعار «حيفا وما بعد حيفا».
من ناحية ثانية، وبعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها لبنان وهي 7000 قتيل وجريح من الشعب اللبناني والجيش اللبناني والحزب، بالإضافة الى البنية التحتية وصلت الى حوالى 15 مليار دولار، يبرز السؤال: لماذا؟ يومذاك، أقصد عام 2006 الذي شهد هذه الخسائر لم يكن القرار صائباً، لذا قال السيّد حسن نصرالله «لو كنت أعلم»، فهل تعوّض الخسائر بجملة «لو كنت أعلم».
لو جلسنا اليوم مع أنفسنا لنقيّم أوضاعنا السياسية والعسكرية.. فلا بدّ من التوقف عند الأمور التالية:
أولاً: في السابق كان الشهيد القائد حسن نصرالله يتحدّث عن آلاف الصواريخ، فأين هي تلك الصواريخ؟
ثانياً: البعض يتحدّث عن وجود صواريخ دقيقة، وأنّ الـ «code» مع ضباط إيرانيين. وهنا نسأل: لماذا تلك الصواريخ… ألم يحن الوقت لاستعمالها؟
ثالثاً: عملية «البيجر» التي قتلت ودمرت 6000 مقاتل من خيرة «قوة الرضوان».. ماذا قال عنها السيّد؟ ألم يقل إنّ إسرائيل متقدّمة علينا تقدماً كبيراً في عالم التكنولوجيا ولا يمكننا أن نحاربها؟
رابعاً: ماذا عن المسيّرات وعمليات القتل لنخبة من قادة الحزب وبشكل يومي، فماذا نرد عليها؟
خامساً: الحزب أصبح مكشوفاً عسكرياً، وإسرائيل حققت انتصاراً عسكرياً لم تحققه في تاريخها. فماذا نفعل؟
سادساً: مطروح اليوم مشروع اتفاق مع العدو الإسرائيلي.. وإسرائيل «تتملّص» منه لأنها لا تريد السلام، فماذا نعمل؟
أقولها بكل صراحة.. عندنا أمل أن نلتزم بالقرارات الدولية، وننفذ ما يطلب منا ضمن المحافظة على الكرامة والعنفوان، وأن نتصرّف كما يتصرّف العقلاء. خصوصاً ان إمكانياتنا في المجابهة أصبحت معدومة. وهنا نقول الى الذين يرفعون شعارات أن السلاح شرفنا وعزتنا، أقول لهم: هذا الكلام صحيح عام 2000، وكان يمكن أن يكون صحيحاً عندما جاء أموس هوكشتاين في الشهر الأول لدخول الحزب في المجابهة مع إسرائيل، وجاء بعدها 10 مرات، ولكننا رفضنا ما عُرض علينا رفضاً قاطعاً، مع العلم إن إسرائيل عرضت انسحاباً كاملاً حتى من 23 نقطة موضوع الخلاف مع إعادة النظر بالاتفاق البحري.
أخيراً أقول: هل نلحق قطار ما يُرسم لهذه المنطقة، أم يفوتنا القطار؟ فظروف المقاومة عام 2000 ليست ظروفها في عام 2024 أو 2025.