كتب عوني الكعكي:
علاقة لبنان بالدول العربية علاقة تاريخية. فإذا عدنا الى أيام الزعيم الرئيس المصري جمال عبد الناصر منذ عام 1952 الى تاريخ وفاته، كان لبنان محط اهتمام الرئيس عبد الناصر بالمشاركة مع الملك فيصل بن عبد العزيز.
بعد وفاة الرئيس عبد الناصر، ومع بداية عهد الرئيس سليمان فرنجية، بدأ لبنان يعاني من «اتفاقية القاهرة» التي نتجت عن اجتماع «القمة العربية». فعقد الاتفاق بين ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وبين قائد الجيش اللبناني إميل بستاني عن الجانب اللبناني. ومنذ ذلك الوقت بدأت المشاكل في لبنان، خصوصاً أنّ اللبنانيين انقسموا بالنسبة للقضية الفلسطينية: المسلمون كانوا مع «اتفاقية القاهرة»، والمسيحيون ضدها.
ومن أجل ذلك بدأ حزب الكتائب يسلّح عناصره، ويحضّر نفسه للوقوف بوجه المقاومة الفلسطينية.
بعدها جاء الرئيس حافظ الأسد الذي وقف الى جانب الفلسطينيين… وبدأت الحرب الأهلية في نيسان 1975 بالإعتداء على «البوسطة» في عين الرمانة، الحادثة التي أصبحت تاريخ بداية الحرب الأهلية.. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ الفلسطينيون بالتمدّد على جميع الأراضي اللبنانية، حتى عام 1982 يوم شنّت إسرائيل حرباً على لبنان، وصلت من خلالها الى مشارف العاصمة بيروت التي حوصرت لمدة 100 يوم.. وبعد هذه المدّة دخلت العاصمة وارتكبت مع الميليشيات المؤيّدة لها، مجزرة صبرا وشاتيلا.. كما نذكر أنّ إسرائيل كانت قد شنّت عام 1978 حرباً على لبنان واحتلت جنوبه وأقامت دولة سعد حداد.
الاجتياح الإسرائيلي للبنان ولّد المقاومة الوطنية ضد هذا الاحتلال.. هنا دخلت إيران على خط المقاومة والتي تبنّت حزب الله الذي أنشأته، وكانت تدعمه بـمليار دولار للرواتب ومليار آخر للسلاح.
واستطاعت المقاومة الوطنية الباسلة بتحرير لبنان في 25 أيار (مايو) عام 2000، وكان هذا الانسحاب من لبنان بدون قيد أو شرط. وللأسف، فإنّ الحزب الذي حرّر لبنان من العدو الإسرائيلي دخل السلطة، فدخل المجلس النيابي وألّف كتلة نيابية، ثم دخل الحكومة، وأصبح الحكم في لبنان تحت سيطرته، والحقيقة أنّ السلطة كانت بيد إيران لأنّ من يدفع هو الذي يحكم.
أصبح لبنان تحت سيطرة إيران خاصة بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد الذي كان القرار في لبنان بيده…
وبسبب قلّة الخبرة وعدم القدرة أصبح لبنان بالكامل تحت سيطرة إيران.. فلا يُعيّـن رئيس جمهورية إلاّ بعد موافقة إيرانية، ولا يكلّف رئيس للحكومة ولا يُختار وزراء إلاّ بعد الموافقة الإيرانية، طبعاً من خلال قائد المقاومة الشهيد حسن نصرالله.
أما اليوم، فإنّ الدور الإيراني بدأ يضعف بعد خسارة الحرب أمام إسرائيل… ولكن هناك عدد كبير من المقاتلين لا يزالون يقبضون رواتبهم من إيران.
وما مجيء رئيس المخابرات المصرية العامة سوى الدليل على عودة لبنان الى الحضن العربي، لأنّ هناك مساعي عربية تقوم بها مصر ومعها طبعاً المملكة العربية السعودية التي كلفت الأمير يزيد بن فرحان بأن يتابع الحلّ في لبنان ومعهم أيضاً رئيس حكومة دولة قطر.
باختصار، أرى أنّ الدور العربي عاد الى لبنان من بابه الواسع… ولبنان سيعود حتماً الى هذا الحضن، لأنه الحضن الحقيقي للبنانيين.