بقي الوضع اللبناني الداخلي متأثراً بحصيلة لقاءات باريس الموزعة بين نتائج زيارة رئيس الحكومة نواف سلام لباريس واجتماعه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وبين لقاءات يجريها هناك المبعوث الاميركي توم برّاك مع مسؤولين فرنسيين يتابعون ملف لبنان اذ يجتمع اليوم مع الموفد جان ايف لودريان للتشاور في ما توصلت اليه محادثاته في بيروت وردها على الورقة الاميركية اضافة الى استحقاق التجديد لقوات “اليونيفيل”.
وقد أجرى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام اتصالًا برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، أطلعه خلاله على نتائج زيارته الرسمية إلى باريس ولقائه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وبين المتابعات السياسية والهم الامني، حدث لا بدّ من التوقف عنده، نسبة لما يختزن من عوامل انسانية ووطنية. فقد عاد الى بيروت المناضل اللبناني المؤيّد للقضية الفلسطينية جورج إبراهيم عبدالله بعدما خرج فجرا من السجن في فرنسا، حيث امضى أكثر من 40 عاماً لإدانته بتهمة التواطؤ على اغتيال دبلوماسيين إسرائيلي وأميركي في ثمانينيات القرن الماضي. واستقبله محبوه ومؤيدوه في المطار ومحطات اخرى وصولا الى بلدته القبيات حيث اعدت له الاحتفالات.
عبدالله في بيروت
وفي المطار قال عبدالله لدى وصوله: “المناضل داخل الأسر يصمد بقدر ما يحتل رفاقه الموقع الأساسيّ في المواجهة، وإسرائيل تعيش الفصل الأخير في وجودها، وأنا خرجت بفضل تحرك الجميع”. وأكد ان “إسرائيل تعيش آخر فصول نفوذها ويجب على المقاومة وفلسطين الإستمرار”.
ماغرو في كليمنصو
ووسط ترقب لما ستؤول اليه الحركة اللبنانية- الاميركية في الاتجاه الفرنسي، سجلت زيارة للسفير الفرنسي في لبنان هيرفي ماغرو الى كليمنصو مساء ، حيث استقبله الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وجرى البحث في التطورات السياسية في لبنان والمنطقة.
الحزب غير معني
في المواقف، قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب ايهاب حمادة: “نحن في حزب الله غير معنيين بالورقة الأميركية، بل بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، والرئيس بري يمثل موقف “حزب الله” على المستويين الديبلوماسي والسياسي. وردّ الدولة اللبنانية يرتكز على حقوق اللبنانيين”. وقال “أن ما يجري هو “أسلوب من أساليب السياسة الأميركية الحديثة، التي تجمع بين الطمأنة وتمرير الرسائل”، مشددا في حديث عبر اذاعة “سبوتنيك” على أن “حزب الله لا ينظر إلى الأميركي كوسيط أو طرف محايد، بل يعتبره صاحب مشروع حقيقي في المنطقة، حيث إن الكيان الإسرائيلي يشكل الذراع الممتدة له”. وأشار إلى أن “المشروع الأميركي الثابت والوحيد يتمثل في نزع نقطة القوة في المنطقة، وفي لبنان، من خلال اعتماد سياسة العصا والجزرة”. وقال وأكد حمادة أن “ما قدمه فخامة الرئيس جوزاف عون باسم الدولة اللبنانية واضح، ويبدأ بمندرجات القرار 1701، وفي مقدمها الانسحاب الإسرائيلي، وموقف الرئيس بري متقدم في هذا السياق، ونحن غير معنيين بأي كلام آخر، وهو غير موجود بالنسبة لنا”. وفي ما يتعلق بحصرية السلاح، قال حمادة: “نحن غير مختلفين على المبدأ، لكن الإشكالية تكمن في تمكين الدولة، وفي صياغة استراتيجية خارجية تنتج استراتيجية دفاعية قادرة على حماية لبنان واللبنانيين. وأضاف: “سنواجه إذا فرضت علينا الحرب، فالأعزل لا يستطيع الدفاع عن نفسه.الإسرائيلي يسعى للقضاء على كل مفردات القوة في لبنان، وقد عبرنا عن جهوزيتنا ولن نسلم له”.
مستعدون للحوار
من جهته، أكد عضو المجلس السياسي في “حزب الله” محمود قماطي أننا “مستعدون للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، وكيف تكون المقاومة ركنا أساسيا من سياسة الدفاع عن لبنان إلى جانب الجيش اللبناني، ولن ننخدع بشعار حصرية السلاح الذي لا يعني المقاومة التي تدافع عن لبنان مع الجيش اللبناني، لأن حصرية السلاح، هي لحماية الأمن الداخلي اللبناني من السلاح المتفلت ومن المافيات والأفراح والأتراح، ومن السلاح الذي بيد الأحزاب التي لا تقاتل دفاعا عن لبنان، ولم تلعب يوما دور مقاومة للدفاع عن لبنان ضد عدو خارجي”.
استنكار التجاهل
وفي السياق، أشار أهالي بلدة عيتا الشعب الى ان “لا تمر فترة زمنية إلا ويكون أحد شباب بلدتنا هدفًا لاستهداف مباشر من قبل العدو الإسرائيلي وآخرهم الشهيد مصطفى حاريسي، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وفي ظل صمت رسمي يكاد يرقى إلى التواطؤ بالإهمال. نحن أبناء بلدة عيتا الشعب، تلك البلدة اللبنانية الصامدة على حدود فلسطين المحتلة، نرفع صوتنا عاليًا، مستنكرين وشاجبين هذا التجاهل المعيب لأمننا وسلامتنا. إن الاستهداف المتكرر لشبابنا، وأرزاقنا، ومنازلنا، لم يعد مجرد خرق أمني عابر، بل هو نتيجة مباشرة لغياب الحد الأدنى من الحماية والرعاية من الدولة اللبنانية”.وأضاف الاهالي في بيان: “إلى فخامة رئيس الجمهورية، ودولة رئيس الحكومة، ودولة رئيس مجلس النواب وقيادة الجيش اللبناني، وكل من يعنيهم الأمر: نحن لبنانيون ولسنا على الهامش. دماء أبنائنا ليست أرخص من دماء أي لبناني آخر”. وتابع: “نطالب بتحمّل المسؤوليات الكاملة تجاهنا، وباتخاذ خطوات جدية لحماية أهلنا في الجنوب، كما نحمّل الدولة تبعات هذا الإهمال المزمن”.وختم البيان: “إننا، في ظل هذا الإهمال المتكرر، نُعلن بوضوح أننا ندرس اتخاذ خطوات مستقبلية لحماية أنفسنا وأرضنا، بما يضمن كرامتنا وأمننا وحقّنا بالحياة. أمننا ليس ترفًا… بل حق. الرحمة لشهدائنا، والشفاء لجرحانا، والحرية لكل أرض تُقاوم”.