فتنةٌ بنت الجيران

بقلم فوزي عساكر

رئيس تحرير مجلة «العالمية»

«فتنةٌ» هي ابنة آحاب، الجارة الأقرب إلى بلدتنا. كانت تتميّز بقابليّة تَعَدُّد الرغبات، ما ان تُغرَم بشاب، وتستميله نَحوها، حتى سرعان ما تُعجَب بآخَر، وتسعى للحصول على الآخَر، من دون التخلّي عن الأوّل. وهكذا حتى ذاعَ صيتُ «فنتة ابنة آحاب»، في كلّ القرى المجاورة، فصار الآباءُ والأمّهات يَخافون على أولادهم من قابليّة الإعجاب المفرط لدى «فتنة»!

أمّا «فتنة»، فلم تتّعظْ، ولَم تراعِ أمان العائلات من شرّ رغبتها المفرطة في حبّ الامتلاك. وبِما أنّها تتحلّى بِحنكةِ داهيةٍ، لم يكن يستطيع مقاومتها أيُّ ذَكَرٍ برسم الزواج. حتى أنّها كانت تتعدّى إعجابَها بالشاب العازب، إلى الإفراط في إعجابِها بالمتزوّجين.

ومن بين كلّ الرجال الذين حصلت عليهم، عصيَ عليها الشاب الوسيم «صخر». فكان صلبًا مثل اسـمه، ولم يسقط أمام رغباتِها المفرطة. قاومها «صخر»، كي لا يقف في صفّ عديـمي الإرادة. وتَفاخَرَ بنفسه أنه لا يسقط مهما كانت عاصفة رغبة «فتنة ابنة آحاب» نَحوه. وأقسَمَ أن يُحافظ على شرفه وقراره الجريء.

ذات يومٍ تزوّجَ «صخر»، فأرسلت «فتنة» إليه صديقتها، تَحملُ له هدية العرس في الأسبوع الثاني من شهر العسل، حين كانت العروس تقوم بزيارةٍ لأهلها، فيما كان صخر وحيدًا في البيت.

وصلت صديقتها، وأهدتْهُ باقةَ زهرٍ معطَّرَةً بِمادة مُخدِّرة، جعلته يُغمى عليه. ومع عودة العروس إلى بيتها، وجدت زوجها في الفراش مع صديقة «فتنة». ولم تعلم أنه تَحت تأثير المخدِّر، فطلّقتهُ على الفور استنادًا إلى ما يسمّى «الجرم المشهود»، لأنّها صدّقت الخيانة المزعومة. وهكذا نَجحت «فتنة» في إلصاقِهِ بتهمةٍ عنوةً، كي تَحصلَ عليه أو كي تَجعلَ بيته خرابًا.

«فتنة» تلك، بنت الجيران، نسخة طبق الأصل لإسرائيل، التي تَختلق الأكاذيب والبدع، لتأخذ من لبنان ما عصيَ عليها، أو لتعبث بالأمان في هذا الوطن الذي لم تستطع الحصول عليه بكل الوسائل المتاحة، فهو على صورة ربّه الذي قال للشيطان: «لا تُجرّب الربَّ إلهك!»

ومع كل البدع والأكاذيب، شرّعت إسرائيل لنفسها أن تزرعَ قذائفَها في أيّ نقطة تشتهيها، بِحجّةٍ مُختلَقَة، وذلك أمام عيون ما يسمّى بالعالم الحرّ، والعالَم مُعجَبٌ بِحنكةِ «فتنة» بنت الجيران. أليست هذه «فتنة ابنة آحاب»؟!

واللبيبُ من الإشارة يفهم!

فوزي عساكر