اللقاء المتوقع بين ولي العهد السعودي بن سلمان والرئيس الأمريكي ترامب في البيت الأبيض قد يكون لحظة تأسيسية – ليس فقط في العلاقات بين الرياض وواشنطن، بل للشرق الأوسط كله. هذا ليس لقاء سياسي آخر، والحديث هنا يدور عن حدث مع إمكانية كامنة لتغيير ميزان القوة الإقليمية والتأثير مباشرة على مكانة اسرائيل.
إسرائيل ترى في السعودية دولة رئيسية بسبب وزنها السياسي والديني والاقتصادي، وبسبب موقفها من إيران والقضية الفلسطينية. إن تقارب السعودية من الولايات المتحدة أمر ضروري، لا لأنه يحسن أمنها ومكانتها السياسية ويضعها في موقف أفضل أمام إيران، بل أيضاً لأنه يربطها مع المعسكر الأمريكي، المعارض لزيادة نفوذ الصين في الخليج؛ فكل عملية تعزز الرياض في واشنطن ستكون متوافقة مع مصالح اسرائيل.
لكن يكمن في هذه الخطوة مخاطرة كبيرة. كلما عمقت السعودية علاقاتها مع أمريكا تقل دافعيتها لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل. ترامب، المعروف باستعداده لـ “إعطاء” شركائه في الشرق الاوسط كل ما يطلبونه، ربما يعطي بن سلمان رزمة تسهيلات بعيدة المدى: القدرة على الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، المدنية والعسكرية، بما في ذلك بيع محتمل لطائرة قتالية من نوع اف35، وزيادة التعاون في مجال الذرة/ وحتى حلف دفاع أمني يشبه الذي أعطي لقطر. قبل الحرب، كانت هذه هي “الجزرة” التي وعدت بها السعودية مقابل التطبيع مع إسرائيل.
المعنى مزدوج هنا. أولاً، تستطيع السعودية تحقيق أهدافها السياسية والأمنية بدون دفع الثمن السياسي للتطبيع مع إسرائيل – وهي خطوة استقبلت بمعارضة داخلية وانتقاد عاد في العالم العربي. ثانياً، وصول السعودية إلى تكنولوجيا عسكرية متقدمة قد يعمل على تآكل التفوق النوعي للجيش الاسرائيلي في الشرق الأوسط – وهو مبدأ أساسي في سياسة إسرائيل الأمنية. وفي النهاية، إعطاء شرعية لتخصيب اليورانيوم كما تطلب السعودية. حتى مع قيود وتحت رقابة كبيرة، سيحطم الطابو حول هذا الموضوع، وقد يفتح الباب أمام انتشار السلاح النووي في دول أخرى في الشرق الأوسط.
المفارقة واضحة: كلما تعززت العلاقات بين واشنطن والرياض، ستبتعد احتمالية التوصل إلى اتفاق بين اسرائيل والسعودية، إلا إذا أظهرت إسرائيل مرونة سياسية ورؤية بعيدة المدى. في هذا الإطار، تبدو الموافقة على إدخال قوات السلطة الفلسطينية على غزة وتأييد لفظي أيضاً لإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، هي نقطة البداية.
إسرائيل، التي تريد رؤية منظومة سياسية واسعة تقف أمام إيران، ربما تكتشف أن شريكتها الرئيسية المحتملة ستحصل على ما تريد من الأمريكيين بدون شروط. يريدون السعوديون رؤية أفق سياسي إسرائيلي – فلسطيني كشرط لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، حتى لو ضمن نموذج يختلف عن نموذج اتفاقات إبراهيم، وكشرط لمشاركة أهم من ناحيتهم في قطاع غزة.
اللقاء القريب في البيت الأبيض يقتضي من إسرائيل الرقابة عن كثب، بل وكيفية الحفاظ على مكانتها المميزة في مثلث واشنطن – الرياض – القدس. إذا وقفت إسرائيل فستكتشف أن محوراً أمريكياً – سعودياً جديداً يُبنى بدونها. وإذا عملت بحكمة، فستستغل هذا التقارب وتحوله إلى فرصة جديدة، ليس للتطبيع فقط، بل أيضاً للحفاظ على تفوقها الاستراتيجي.
يوئيل جوجنسكي – هآرتس